في جلسة ساخنة داخل مجلس مدينة الدار البيضاء، وجه عبد الحفيظ حيكر، المستشار الجماعي عن حزب العدالة والتنمية (البيجيدي)، اتهامات خطيرة لعمدة المدينة نبيلة الرميلي حول ما وصفه بـ”التلاعب في العقارات ومساطر نزع الملكيات”، مبرزًا ما اعتبره تهديدًا للمال العام واستدامة مالية الجماعة. تصريحات حيكر فجرت جدلًا واسعًا حول تدبير الممتلكات الجماعية، في وقت تعاني فيه المدينة من أزمات تدبيرية متعددة، فهل تعكس هذه الانتقادات أزمة ثقة أعمق بين المعارضة والأغلبية المسيرة؟
تفويتات غامضة وغياب الشفافية أحد أبرز الملفات التي أثارها حيكر هو تفويت العقارات بطريقة وصفها بغير القانونية، متسائلًا عن سبب اعتماد بيع ما يُعرف بـ”بقايا الطرق” لمن يطلبها، دون احترام المساطر القانونية التي تضمن حقوق الجيران وحق الشفعة. هل يتم انتقاء المستفيدين وفق معايير شفافة؟ أم أن هناك مصالح خفية تتحكم في هذه القرارات؟
كما انتقد حيكر بشدة تأخر الجماعة في تنفيذ الأحكام القضائية المتعلقة بنزع الملكيات، متسائلًا عن مصير الأموال التي يُفترض أن تذهب لتعويض المتضررين. هل يعكس هذا التأخير سوء تدبير مالي؟ أم أنه يدخل ضمن استراتيجية سياسية لمراكمة الملفات وتأجيل الحلول؟
التستر على قرارات تهم المال العام؟ من القضايا الأخرى التي طرحها حيكر، مسألة عدم تفعيل لجنة تتبع مقررات نزع الملكية، رغم أن المجلس صادق عليها منذ مدة طويلة. لماذا تتجنب الجماعة إثارة هذا الموضوع؟ هل هناك ملفات حساسة تخشى الأغلبية الكشف عنها؟
كما انتقد غياب الاجتهاد في دفاتر التحملات المتعلقة بالتفويتات العقارية، معتبرًا أن الجماعة تكتفي بإحالة النماذج الجاهزة التي تقدمها وزارة الداخلية دون أي نقاش أو تحيين للمعطيات المرتبطة بكل ملف على حدة. هل تتحكم الوزارات الوصية في تدبير الشأن المحلي بشكل يفقد الجماعات استقلاليتها؟
الرميلي ترد.. لكن هل يكفي ذلك؟ أمام هذه الاتهامات، ردت نبيلة الرميلي مؤكدة أن جميع عمليات التفويت تتم وفق القوانين الجاري بها العمل، وأن الجماعة لا يمكنها التدخل في بعض المساطر التي تظل من اختصاصات السلطات المركزية. كما شددت على أن الجماعة تبذل مجهودات كبيرة لضبط ملف العقارات، لكنها تواجه إكراهات قانونية ومالية تحول دون تنفيذ بعض القرارات بالسرعة المطلوبة.
لكن هذا الرد لا يبدو مقنعًا للمعارضة، التي تصر على أن الغموض لا يزال يلف العديد من الملفات العقارية، مما يعزز أزمة الثقة بين المجلس وساكنة الدار البيضاء. فهل تملك الرميلي فعلا القدرة على إصلاح هذا القطاع الحساس؟ أم أن التجاذبات السياسية ستجعل الإصلاح مجرد شعار بعيد عن الواقع؟
خاتمة: ما بين اتهامات المعارضة وردود الأغلبية، يظل ملف العقارات بالدار البيضاء قضية شائكة تحتاج إلى كشف كل تفاصيلها للرأي العام. فهل تتجه الجماعة نحو مزيد من الشفافية في تدبير الممتلكات؟ أم أن الأمور ستبقى على حالها، في انتظار تفجر فضيحة جديدة قد تعيد ترتيب المشهد السياسي داخل العاصمة الاقتصادية؟