في وقتٍ يتردد فيه الخطاب الرسمي حول أهمية إصلاح منظومة الصحة والحماية الاجتماعية، تخرج النقابة المستقلة لقطاعات الصحة لتقرع جرس الإنذار، مطالبةً بفهم أعمق لحقيقة ما يجري خلف الكواليس.
فهل نحن أمام عملية إصلاح حقيقية أم مجرد مسرحية بيروقراطية ترضى بالوثائق الموقعة وتخشى التنفيذ؟
اجتماع طارئ عُقد يوم الخميس 18 أبريل 2025 بالرباط، جمع المكتب الوطني للنقابة في ظل ما وصفوه بـ”التعثر والتردد” الذي يطبع الحوار القطاعي. فاللقاءات –رغم عددها– لم تثمر تقدمًا ميدانيًا ملموسًا، بل تحوّلت محاضرها إلى أوراق مؤرشفة في رفوف التماطل، تاركةً المطالب الحقيقية عالقة، والتساؤلات مفتوحة.
هل انعدمت الإرادة السياسية لتنزيل الرؤية الملكية؟
تتساءل النقابة – ومعها فئات واسعة من المهنيين – عن مدى الجدية في الالتزام بالتوجيهات الملكية السامية المتعلقة بإصلاح المنظومة. إذا كانت كل هذه الاجتماعات والوثائق الموقعة لم تُثمر نتائج، فأين الخلل؟ أهو في غياب إرادة حقيقية من الوزارة؟ أم في وجود مقاومة إدارية داخلية تخشى التغيير؟
زمن الإصلاح: مستهلك أم مستثمر؟
تشير النقابة إلى أن الزمن المخصص للمفاوضات تحول إلى وقت مهدور. فهل كانت النية منذ البداية هي “إدارة الأزمة” لا “حلها”؟ وهل فعلاً الحكومة تتعمد تمديد الزمن التفاوضي، لتجعل من الحوار غاية في حد ذاته بدل كونه وسيلة لتحقيق إنصاف مهنيي الصحة؟
قانون غائب وشكوك قائمة
تُعبّر النقابة عن تحفظها على ما سُمّي بالقانون الأساسي النموذجي، الذي يفترض أن يُؤطّر المهنة ويوفر ضمانات قانونية. لكن المفارقة أن المعنيين لم يُطلعوا حتى الآن على مضامينه، ما يطرح تساؤلات عميقة:
-
لماذا تأخر الكشف عن مشروع القانون؟
-
ولماذا لم تدرج مبادئه ضمن القانون رقم 09.22 كما كان منتظرًا؟
-
أليس من المنطقي أن تحظى الموارد البشرية الصحية بنفس المعايير التي شملها ظهير 1958 سابقًا؟
ما جدوى الإصلاح إذا كانت الموارد البشرية مُهملة؟
في خضم كل هذا، تبرز المعضلة الكبرى: هل يمكن لإصلاح صحي أن ينجح إذا لم يتم تثمين المورد البشري؟ مهنيّو الصحة لا زالوا ينتظرون الاستجابة لمطالبهم المادية والمعنوية، ويعيشون أوضاعًا ضاغطة تمتد من العنف داخل المؤسسات إلى غياب وسائل العمل الأساسية.
العنف داخل المؤسسات: من يتحمل المسؤولية؟
تسجّل النقابة رفضها القاطع للاعتداءات التي تطال المهنيين. لكن السؤال الأهم:
-
هل تهيئة بيئة صحية آمنة هي فعلاً أولوية لدى الوزارة؟
-
وأين برامج الوقاية والحماية من هذه الظواهر؟
-
من المسؤول الحقيقي عن تحميل المهنيين تبعات النقص في الموارد والتجهيزات؟
المرضى ليسوا أرقامًا.. والمهنيون ليسوا آلات
البيان يسلّط الضوء على أهمية البُعد الإنساني في الرعاية، والذي يتطلب من المهنيين بذل جهد مضاعف رغم ضغوط العمل. الإرهاق النفسي أصبح سمة غالبة، بل أصبح يهدد التوازن الفردي والأسري للعاملين.
-
هل تدرك الوزارة حجم هذه المعاناة؟
-
وأين هي الإجراءات لمواكبة الصحة النفسية للمهنيين؟