مغاربة العالم في فخ الوداديات الوهمية: من سرق حلمهم في امتلاك بيت؟

0
78

عندما يتحول الحلم إلى كابوس: نداء مفتوح لتحقيق وطني شامل في اختلالات الوداديات السكنية

في بلدٍ ظل يعتبر المغاربة المهاجرين “سفراء للوطن”، وفي زمنٍ تزايدت فيه خطابات حماية حقوقهم، تتوالى القصص المؤلمة التي تكشف كيف يتحول الحلم إلى كابوس، حين يقع أبناء الوطن في شراك خداع باسم الوداديات السكنية.

قصة ودادية “تونزا الخير” بمدينة ميدلت ليست سوى رأس جبل الجليد، وحكاية من بين مئات الحكايات التي تختصر حجم المعاناة والانكسار.

حين يتحول الثقة إلى خيبة: من يحمي أبناء الجالية من شبكات النصب المقنعة؟

منذ سنة 2012، دفع عشرات من مغاربة العالم مدخرات سنوات الغربة في هذا المشروع، مستندين إلى معطيات سوقت الودادية وكأنها مبادرة رسمية، تابعة لقطاع المياه والغابات، ما منحها هالة من المصداقية. لكن، ما لم يكن يخطر ببالهم أن هذه الثقة ستتحول إلى غصة دائمة.

كيف يُعقل أن تُجمع أموال ضخمة طيلة أكثر من عقد من الزمن، دون تنظيم جموع عامة، أو إصدار تقارير مالية شفافة؟ أين كانت هيئات الرقابة؟ ولماذا تركت مصالح مغاربة العالم عرضة لمثل هذه الاختلالات الخطيرة؟

أرض قاحلة… وأمل مهدور

بعد سنوات من الانتظار، اكتشف المنخرطون أن الأرض الموعودة، التي يفترض أن تحتضن مشاريع سكنية تحفظ كرامتهم وتربطهم بوطنهم، ليست سوى قطعة قروية قاحلة، تثقلها ديون الضرائب المتراكمة. أين ذهبت المليارات التي دفعها المنخرطون؟ من استفاد منها؟ بل الأخطر من ذلك: كيف يمكن تفسير لجوء مسؤولي الودادية إلى لغة التهديد، بدل تقديم تفسيرات وإجابات مشروعة للضحايا؟

الضحية: مغربي مغترب… والجريمة: استغلال الحلم الوطني

أن تُسرق أموال مغاربة الداخل مأساة، أما أن يُستغل حب مغاربة الخارج لوطنهم بهذه الصورة المهينة، فالأمر أبلغ وأخطر. هؤلاء لم يسعوا إلى استثمار ربحي بحت، بل حلموا فقط بأن يكون لهم بيت صغير يحتضن ذكرياتهم في وطنهم الأم.

فهل بات انتماء مغاربة المهجر سلعة رخيصة في أسواق النصب العقاري؟

وهل تكفي خطابات رعاية الجالية، حين يعجز الواقع عن توفير الحماية لهم؟

دعوة للإنقاذ: بين خطابات الملك وتخاذل المؤسسات

ما فتئ الملك محمد السادس يدعو إلى حماية حقوق مغاربة العالم، ويؤكد على ضرورة تحسين شروط تعامل الإدارة معهم، وتعزيز الحكامة في المشاريع الموجهة إليهم. أين مؤسسات الدولة اليوم من هذه التوجيهات؟

ألا يستوجب الوضع فتح تحقيق فوري ومستقل، افتحاصاً شفافاً لحسابات الودادية، وتتبعاً دقيقاً لمسار الأموال، ومساءلة صارمة لكل متورط؟

لا يجب أن تمر هذه الجريمة في صمت.

ما وقع في ميدلت ليس حادثة معزولة. إنه مؤشر خطر على تفشي ظاهرة الوداديات الوهمية التي تنهش أموال البسطاء باسم الوطنية.

القضية اليوم تتطلب تحركًا وطنيًا شاملاً، لحماية أحلام المغاربة، سواء في الداخل أو في الخارج، لأن كل استغلال للثقة هو طعنة في جسد الوطن نفسه.