“الغيوان… حين يُغنّي التراث المغربي من أعماق الذاكرة”

0
243

بالروح الفنية المغربية وبنَفَسٍ من عبق التراث الغيواني، تنبعث في مدينة بنسليمان أصداء الزمن الجميل، حيث تحط الدورة الثانية من مهرجان “أرواح غيوانية” رحالها، يومي 5 و6 يونيو، حاملةً معها نغماً مغربياً أصيلاً وأرواحاً غنائية ما تزال تنبض بالحياة رغم مرور الزمن.

تحت رعاية وزارة الشباب والثقافة والتواصل وبتعاون مع مجلس جهة الدار البيضاء-سطات، وضمن استراتيجية التنمية الجهوية (2022-2027)، يُعاد وصل الماضي بالحاضر عبر بوابة الغيوان، في احتفاء جماعي بإرث فني لطالما شكّل وجدان أجيالٍ من المغاربة.

ليلة الخميس.. ناس الغيوان يعودون للنبض

في موعدٍ يلامس وجدان العشاق، تُطل مجموعة ناس الغيوان مساء الخميس 5 يونيو، على خشبة المركب الثقافي ببنسليمان، بقيادة رمزها الأبدي عمر السيد، وأعضائها الذين يجمعون بين حنكة الرعيل الأول وروح الجيل الجديد. ستُنسج في هذا المساء خيوط من ذهب، حين تُستعاد أيقونات مثل “مهمومة” و*”غير خذوني”*، وتُقدَّم إبداعات جديدة تُضاف إلى الرصيد الغيواني الممتد لأكثر من نصف قرن.

الليلة الغيوانية.. أجيال تلتقي في ساحة الذاكرة

ليلة الخميس لن تكون حكراً على ناس الغيوان، بل ستنفتح على مجموعة “أولاد السوسدي”، التي تحفظ الذاكرة الشعرية للراحل محمد السوسدي، وتُعيد تقديمها بنفَسٍ معاصر، إلى جانب مجموعة “أفريكا سلم” التي تمزج الإيقاع الإفريقي باللون الغيواني، في مغامرة موسيقية جريئة. كما تحضر “العاشقين”، المجموعة التي أبصرت النور في سبعينيات الدار البيضاء، والتي ما زالت تحتفظ بوفائها للغيوان كأصل وامتداد.

 

جمعة المشاهب.. صوت الشعب لا يموت

في سهرة الجمعة 6 يونيو، تعود الأسطورة “لمشاهب” لتلهب المسامع بلسان حمادي وصوت سعيدة بيروك، رفقة رفاق الدرب. وتحضر “جنان الغيوان”، من بوزنيقة، التي أثبتت منذ ثلاثين عاماً أن الروح الغيوانية لا تموت، بفضل أعمالٍ مثل “الدمع الباكي” و*”تعلم من الطير”*. كما يشارك الفنان جمال الغيواني، ومجموعة صابا قدوس، لإثراء هذه التظاهرة بفيض من الذاكرة الموسيقية.

من سطات إلى الدار البيضاء.. الغيوان يرحل

بعد أن كانت سطات المحطة الأولى للمهرجان نهاية الأسبوع الماضي، بمشاركة السهام، اللمة، مسناوة، بنات الغيوان وجورة، تواصل “أرواح غيوانية” مسيرتها لتصل الدار البيضاء يومي 13 و14 يونيو، بحفل خاص تحييه مجموعة تكدة، في احتفاء بخصوصية التعبير المغربي، ويتخلله عرض غنائي يقدمه محمد الدرهم ونبيل الخالدي، في كشكول من الألحان والكلمات النابعة من رحم الأرض المغربية.

سيمفونية الختام.. لحظة الانصهار الكبرى

سيُسدل الستار على الدورة الثانية بحفلٍ ختاميٍّ غير مسبوق، تُقدَّم فيه سيمفونية غيوانية بمشاركة أكثر من خمسين موسيقياً، تحت قيادة المايسترو مولاي رشيد الركراكي، وبمشاركة ناس الغيوان، لمشاهب وجيل جيلالة، في لحظة فنية استثنائية تُعيد كتابة الذاكرة الموسيقية المغربية بمقامٍ جديد.

التزام يتجاوز الخشبة

ولأن الفن ليس فقط طرباً بل مسؤولية، فإن المهرجان سيتضمن يوماً دراسياً حول حقوق المؤلف والحماية الاجتماعية للفنان، بالإضافة إلى ندوة علمية بشراكة مع مؤسسة الطيب الصديقي للثقافة والإبداع، من أجل صيانة كرامة الفنان المغربي وضمان استمرارية عطائه.

مهرجان “أرواح غيوانية” ليس مجرد تظاهرة فنية، بل هو طقس احتفالي بالهوية، وبصوت الشعب الذي قاوم بالنغمة وأضاء الوعي بالكلمة، في مشهدٍ لا يزال يُحكى عبر الأوتار والطبول والقلوب.