العيطة المرساوية تعود لساحة المجد في موسمها الثاني بين الجديدة ومديونة والبيضاء

0
139

من قلب البيضاء وسهول الشاوية ودكالة، حيث نمت جذور العيطة وتفتقت أهازيجها عبر الأجيال، تعود “العيطة المرساوية” لتصدح مجدداً في سماء الفن المغربي الأصيل، من خلال الدورة الثانية لمهرجانها السنوي الذي تنظمه وزارة الشباب والثقافة والتواصل ومجلس جهة الدار البيضاء سطات، في رحلة فنية تمتد من 18 يوليوز إلى 2 غشت، وتُقام عبر ثلاث محطات: الجديدة، مديونة، والدار البيضاء.

الجديدة… منبع الإيقاع الأول

بمدينة الجديدة، حيث يتعانق البحر مع صوت السرباية، تنطلق أولى أمسيات المهرجان يوم الجمعة 18 يوليوز الجاري، بفضاء مسرح عفيفي، عبر ماستر كلاص موسوم بموضوع “العيطة المرساوية وخصائصها وأسلوبها”، تحت إشراف ثلة من الباحثين والمختصين في فن العيطة، مع تقديم نماذج تطبيقية حية تكشف عمق هذا الفن وثراءه الإيقاعي والزجلي.

وفي الليلة نفسها، تحتضن المنصة ذاتها السهرة الإقصائية الأولى لـ”نجم العيطة”، وهي مبادرة تروم استكشاف الأصوات الشابة ومنحها فرصة الإشعاع والاستمرارية، حتى تبقى العيطة على قيد الحياة في ذاكرة الأجيال.

أما مساء السبت 19 يوليوز، فسيكون مسك الختام في الجديدة، بحفل تحييه قامات من العيطة المرساوية، على رأسهم الفنان بوشعيب الدكالي ورفيقه في المقام بوشعيب الجديدي، إلى جانب الفائز في مسابقة المواهب، في احتفاء جامع بين الأصالة والمستقبل.

مديونة… حيث يشتد الإيقاع

وتنتقل قافلة المهرجان يوم 25 يوليوز إلى ساحة المصلى بمديونة، حيث تشهد المدينة سهرتين شعبيتين تراثيتين. الأولى بمشاركة الفنان الشعبي سيمو كيزا وعميد العيطة المرساوية خالد البوعزاوي، إلى جانب الفكاهي الغنائي حميد السرغيني.

أما السهرة الثانية، فتحييها الفنانة سهام المسفيوية ورفيقها كمال هريمو، الذي يتميز بعزفه الفريد على الكمان واللوتار، في أسلوب يمزج بين التقنية والروح التراثية.

البيضاء… تختتم على إيقاع الحجيب والستاتي

في محطة البيضاء، تحط القافلة يوم 1 غشت بفضاء “طورو” بحي العنق، مع سهرة كبرى تحييها مجموعة الحوزي المخاليف، ومجموعة مزكان، ثم الفنان الكبير حجيب، في عودة قوية لصوت العيطة وسط جمهور العاصمة الاقتصادية.

ويُسدل الستار على ليالي المهرجان مساء 2 غشت، بسهرة ختامية تجمع بين النجم الصاعد وليد الرحماني، وسيد الأغنية الشعبية عبد العزيز الستاتي، الذي يُنتظر أن يشعل حماس البيضاويين في ليلة طرب وحنين.

العلم والعيطة.. في حوار الثقافة

وعلى هامش السهرات، يحتضن مقر جهة الدار البيضاء سطات بحي الأحباس يوم 25 يوليوز ندوة فكرية موسومة بعنوان: “نحو تصنيف فن العيطة كتراث عالمي لا مادي: الوسائل والإجراءات”، يشارك فيها نخبة من الباحثين من أمثال عز الدين كارا، رتيبة ريغ الما، عبد السلام أمرير، تحت إدارة الأستاذ الفاروقي، في محاولة جماعية لرسم خارطة طريق نحو الاعتراف الأممي بهذا الموروث الفني.

الوفاء للذاكرة والانفتاح على المستقبل

تحت هذا الشعار، تسير دورة هذا العام، إذ لا يقتصر المهرجان على الغناء والفرجة، بل يتعداهما إلى تثمين الموروث وتوريثه، وفتح آفاق جديدة أمام الشباب لاكتشاف العيطة وتعلّمها، عبر التكوين والاحتكاك بالكبار، والتفكير في مستقبل هذا الفن العريق الذي نشأ بين موانئ “المراسي” وقبائل الشاوية ودكالة.

العيطة المرساوية إذن، ليست مجرد غناء، بل حكاية شعب وذاكرة أرض، تتجدد في كل دورة، كي لا تُنسى، وكي يبقى إيقاعها نابضًا في القلب المغربي.