رشيدة داتي تخلط البرلمان بذاكرة والدها: “انتهى زمن عبيد الأرستقراطية”… صدام الطبقات ينفجر تحت قبة الشيوخ الفرنسي

0
336

في مساء العاشر من يوليوز، لم تكن قاعة مجلس الشيوخ الفرنسي شاهدة فقط على عرض مشروع إصلاح الإعلام السمعي البصري، بل تحوّلت إلى مسرح مفتوح لصدام رمزي بين الطبقات، حين فجّرت وزيرة الثقافة رشيدة داتي غضبها في وجه عضوة مجلس الشيوخ الاشتراكية ماري-بيير دي لا غونتري، بعبارات تجاوزت حدود النقاش السياسي لتطرق أبواب التاريخ الشخصي، والذاكرة الطبقية، والانتماء الاجتماعي.

“أنا لست خادمتك، وربما كان والدي يشتغل عند والدك، لكن ذلك الزمن ولى”، بهذه العبارات التي اخترقت جدار البروتوكول، اختارت داتي أن ترد على إشارات زميلتها، والتي اعتبرتها إهانة صامتة تنضح بتعالٍ طبقي. لم تكن هذه مجرد لحظة انفعال، بل تعبيراً عن تراكم تاريخي من التمييز والاحتقار الاجتماعي الذي عاشته عائلات مهاجرة في فرنسا، واليوم، تقول داتي: “كفى”.




حديث داتي لم يكن فقط عن الإعلام العمومي الذي قالت إنه أصبح نخبوياً ومنفصلاً عن الشعب، بل تحول إلى لحظة مفصلية تعرّي تناقضات فرنسا “المتعددة”، وتضع الأصابع على الجرح العميق: من يُسمح له بالكلام؟ ومن يُجبر على الصمت؟ من يُمثل الشعب فعلاً؟ ومن يُمارس النخبوية باسم التقدم؟

ردود الفعل لم تتأخر، واعتبرت السناتورة لورانس روسينول أن ما قامت به داتي أقرب إلى “جريمة الاسم”، في إشارة إلى دلالات “دي لا غونتري” الأرستقراطية، وكأن رشيدة، القادمة من أحياء متواضعة، تجرأت على اختراق أسوار التراتبية الاجتماعية.

لكن داتي، كما يعرفها الجميع، لا تهاب المواجهة، لا سيما حين يتعلق الأمر بكرامة تُهدد أو بانتماء اجتماعي يُهان. ولعل هذا الجدل يفتح نقاشاً أوسع حول مدى عنصرية البنى السياسية في فرنسا، وتمثيلية المؤسسات لأبناء الأحياء المهمشة والمهاجرين، وحقيقة تكافؤ الفرص في الجمهورية الخامسة.

في مجلس الشيوخ، لم يكن النقاش حول الإعلام فقط، بل حول من يُسمح له بأن يكون صوته مسموعاً… ومن لا يزال يُنظر إليه كخادم حتى وهو وزير.