عبد اللطيف وهبي في مواجهة “تسريبات جبروت”: خطاب دفاعي في ظل أزمة ثقة

0
148
صورة: موقع هسبريس الاكتروني

في خضم موجة الجدل التي أثارتها تسريبات “جبروت” المتعلقة بما أُطلق عليه تهرب ضريبي بعد منح وزير العدل، عبد اللطيف وهبي، عقارًا كـ”هبة” لزوجته، خرج الوزير ليقدم توضيحات من خلال حوار مطول مع موقع هسبريس، محاولًا الدفاع عن موقفه القانوني والأخلاقي في القضية التي لا تزال تحاصر صورته السياسية.




قراءة في خطاب الوزير: الدفاع عن النفس أم إدارة أزمة؟

بدأ وهبي حديثه بالتأكيد على أهمية النزاهة والشفافية، معتبراً أن قضية العقار لا تتعلق بنزاهته الشخصية، بل هي مسألة تعرضت لـ”تلفيق” و”تسييس” من قبل جهات داخلية وخارجية، مستهدفة التشويش على جهوده ومسيرته السياسية. كان من الواضح أن الوزير اختار خطابًا دفاعيًا يرتكز على عدة محاور رئيسية:

  • النفي الواضح لأي تهم بالتهرب الضريبي، مشددًا على أن الهبة التي قدمها لزوجته كانت ضمن إطار قانوني واضح، وأن القيمة المصرح بها للعقار (مليون درهم) تعكس تقييماً شخصياً، وليس عملية بيع أو ربح تحقق منه.

  • رفض تحميله مسؤولية التسريبات والاتهامات الموجهة من مصادر وصفها بأنها خارج الوطن وتعمل بأدوات “تسييس” موجهة.

  • الدعوة إلى التحقق من الوثائق كاملة وعدم الاكتفاء بتسريبات جزئية تُوظف لتشويه السمعة.

تناقضات وتحديات الخطاب

رغم دفاع الوزير عن نفسه، فإن خطابه يفتح الباب أمام تساؤلات عدة، لا سيما في ظل السياق السياسي والإعلامي الذي يعيشه المغرب:

  • كيف يمكن تقييم قيمة العقار بشكل قانوني وموضوعي، خاصة مع وجود قروض بنكية كبيرة موثقة بنفس العقار؟ وهل يُعقل أن يُصرح بقيمة أقل بكثير دون إشكالات قانونية أو ضريبية؟

  • هل الحديث عن “هبة” يعفي من التحقق الضريبي أو يخضع لمراقبة دقيقة من قبل السلطات المختصة؟

  • هل الاستخدام السياسي للتسريبات، من طرف خصوم الوزير، يعكس أزمة أعمق في التنافس الحزبي؟ وكيف تؤثر هذه الأزمة على ثقة المواطن في مؤسسات الدولة؟

السياسة والإعلام: مناعة الوزير أمام الهجوم أم تراكمات متزايدة؟

تعد تصريحات وهبي في هذا الحوار مثالًا واضحًا على كيفية تعاطي السياسيين المغاربة مع أزمات تُعرضهم لموجات نقد واسعة، حيث يتحول الخطاب إلى تبرير وتوضيح ومحاولة لإعادة بناء الثقة، في مواجهة “حرب تسريبات” تغذيها منصات التواصل والخصوم السياسيون.

لكن تبقى الإشكالية الأبرز: هل هذا الخطاب قادر على تهدئة الرأي العام وتثبيت موقع الوزير في الحكومة وحزبه؟ أم أنه مجرد محاولة لتجنب الانزلاق نحو أزمة أعمق تهدد مسيرته السياسية؟

بين الإنساني والسياسي: ملف المهاجرين كحالة دراسة

لم يغفل الوزير تناول ملف حساس، وهو وضعية المهاجرين الأفارقة في المغرب، حيث استغل فرصة الحوار ليؤكد على موقف إنساني، مؤكدًا رفضه القاطع لأي هجوم أو سجن جائر بحقهم، معربًا عن رؤيته لمسؤولية الدولة في هذا الجانب.

هذا الجانب من الخطاب يشير إلى محاولة لترميم صورته لدى الرأي العام، مستغلاً قضية ذات حساسية اجتماعية كبيرة، لكن يظل السؤال مطروحًا: هل هذا التوجه نابع من قناعات شخصية أم هو من قبيل “السياسة الذكية” في إدارة الأزمات والسمعة؟

الخلاصة: الخطاب السياسي في زمن “التسريبات” والمواجهة الإعلامية

حادثة “تسريبات جبروت” ليست مجرد نزاع قضائي أو ضريبي عادي، بل هي نموذج يعكس أزمات أعمق في المشهد السياسي المغربي: بين نزاهة المسؤولين، وحجم المنافسة السياسية الحادة، وبين حرية التعبير ومسؤولية الإعلام الجديد.

وزير العدل عبد اللطيف وهبي، من خلال حواره مع هسبريس، قدم ردودًا تحاول تهدئة العاصفة، لكنها في الوقت نفسه تكشف هشاشة الثقة التي باتت سمة العلاقة بين السياسي والمواطن، مما يضع على عاتق الدولة والمؤسسات مسؤولية تعزيز الشفافية وضمان المحاسبة الحقيقية بعيدًا عن الاستقطابات السياسية.