دواء بسعر 580 درهم في تركيا… يُباع بـ5266 درهم في المغرب: من يستفيد من فجوة الأسعار؟

0
119

من يقرر الأسعار… ومن يتحمل العبءَ؟

في تناقض صارخ، تُعرض أدوية أساسية في تركيا بسعر 580 درهمًا (حوالي 60 دولارًا)، فيما يصل سعرها في المغرب إلى 5266 درهمًا.

في تصريحات سابقة، أوضح وزير الصحة السابق الفارق الصارخ في أسعار الأدوية، مشددًا على أن الأمر لا يتعلق بجشع فردي بقدر ما هو نتيجة لسياسة تسعيرية معقدة، تتداخل فيها أطراف متعددة: من الموزعين إلى المنتجين، مرورًا بالمصالح الإدارية المسؤولة عن تحديد الأسعار.

شفافـية مفقودة… وجشع محتمل

حسب بيانات رسمية من وزارة الصحة المغربية ومصادر اقتصادية وطنية، الحكومة شرعت في إصلاح نظام أسعار الأدوية منذ 2023، وتخفيض أسعار نحو 5,350 دواء، ضمن برنامج يمتد حتى 2027Walaw+3Morocco World News+3Walaw+3.

لكن الشكوك لا تزال تحوم: كيف نفسر فرق يصل إلى 8 أضعاف السعر التركي؟ ومَن المستفيد من هذا التفاوت؟

  • هيئات ضغط كشبكات توزيع محلية وشبه احتكارات أدوية تتحكم في السوق.

  • نقابات صيدليات تعبّر عن قلقها من خفض الأسعار الذي قد يهدّد صمود صيدليات في الأحياءHespress.

  • جهات مستفيدة من استيراد مواد أولية بأسعارٍ مدعومة لا تُترجم إلى انخفاض فعلي للأثمان.

تأثير على المواطن… ولكن من يخشى العلاج؟

نتيجة هذا الفارق تتضاعف معاناة المرضى، وخصوصًا من يعانين أمراضًا مزمنة. رغم امتداد التغطية الصحية الإجبارية للأطباء (AMO)، فإن الكثير من المغاربة لا يستطيعون تغطية نفقات العلاج لأنهم لا يملكون التأمين الكافي أو أن شركات التأمين تُحرجهم بمعدلات اقتطاع عالية (حتى 50% من التكلفة)WalawWalaw.

وقد بلغ السخط ذروته داخل المجتمع المدني: فقد تم تسجيل شكايات عن أكثر من 600 دواء مفقود من السوق بسبب سياسات توزيع غير شفافة وغياب المخزون الكافيHespress.

اللعبة المركبة: من القانون إلى التطبيق العملي

الإصلاح التشريعي موجود بالفعل: هناك مرسوم جديد (رقم 1447.24) أُصدر في مايو 2024 يخضع لتسعيرة شفافة تشمل الأدوية المحلية والمستوردةMorocco World News. كما أُعلن عن إشراك كل الفاعلين (الصيادلة، شركات الدواء، الصناديق الاجتماعية) في مراسلات تشاورية تجاوزت 30 اجتماعًا.

لكنّ التطبيق الفعلي ما زال بعيدًا عن الشعارات، ما يؤكد أن تحول القوانين إلى ممارسات ملموسة يتعثر بسبب تضارب المصالح وضعف آليات الرقابة.

السياق الدولي: دروس من الخارج

تركيا مثلاً انتهجت خفض أسعار الأدوية عبر التفاوض المباشر بين الهيئات الصحية الوطنية والشركات، واعتماد نموذج حوكمة مستلهم من تجربة فرنسا، يوازن بين القيمة العلاجية وسعر السوق العالمي.

في المغرب، لم تُمنح هيئة السلطة العليا للصحة (HAS) صلاحية التفاوض المباشر حتى الآن، رغم أن نصوص الإصلاح التشريعي تشير إلى نية المستقبلية لمنحها صلاحية اتفاقيات الأسعار.

العدالة الدوائية… رغبة في “دواء للجميع”

في جو الإعلام المحلي والعالمي، تُرى أزمة الأدوية كمعركة كرامة وطنية. من المفترض أن يكون الحق في الدواء ركيزة من ركائز الإنصاف الاجتماعي، وليس مصدرًا للربح الخاص.

لكن حتى الآن، ما زالت السياسة فارغة من التضامن الاجتماعي:

  • إجراءات اقتطاع تعويضات النواب لم تُربط بمساهمتهم في محاسبة قضايا مثل دواء المواطن.

  • وحتى التغطية الصحية، رغم توسعها إلى 80% من المواطنين، ما زالت تبقى عقبة أمام الوصول لدواء بأسعار معقولة.

  •  خلاصة المساءلة:

  • المواطن العربي يُنتظر منه أن يسأل: من يحدد أسعاري الدوائية؟ ولماذا أتنافس عالميًا في الأسعار وبداخلي أفشل في خفضها؟

  • المملكة المغربية باتت بحاجة ماسة إلى شفافية فعالة ورقابة مستقلة تفرض توازنًا بين مصالح المتعاملين التجاريين وحق المواطن في العلاج.

  • الحديث عن إصلاحات قانونية حتى 2027 لا يكفي، بل يتطلب تفعيلًا عمليًا ومتابعة مجتمعية حقيقية، حتى يصبح الدواء حقًا لا رفاهية.