المغرب وتستمر عقدة الكأس: بين الانكسار الرياضي وأسئلة مشروع رياضة نسائية وطنية

0
117

رغم الإنجازات التي راكمها المنتخب المغربي النسوي في السنوات الأخيرة، عاد شبح “الخسارة في الأمتار الأخيرة” ليخيّم على حلم التتويج الإفريقي. ففي نهائي كأس أمم إفريقيا للسيدات 2025، وعلى أرضية ملعب الرباط، انقلبت فرحة التقدّم بهدفين إلى صدمة الخسارة أمام نيجيريا بثلاثة أهداف لهدفين. فهل نحن أمام كبوة طارئة أم أن العقدة الإفريقية مستمرة؟ وما الذي تكشفه هذه الهزيمة عن بنية المشروع الكروي النسوي في المغرب؟

من النتيجة إلى ما وراء النتيجة: لماذا تعثّر المنتخب؟

لا يمكن اختزال هذه الخسارة في مجرّد تراجع بدني أو تقني خلال الشوط الثاني. الأمر أعقد من ذلك. فالمنتخب المغربي للسيدات خاض البطولة بكثير من الطموح وكثير من الضغط. تألق فردي، تنظيم جماعي، وقيادة فنية إسبانية بقيادة خورخي فيلدا، أحد أكثر المدربين تتويجًا في كرة القدم النسوية. لكن حين بلغ الفريق النهائي، بدا وكأنه يواجه أكثر من خصم: نيجيريا من جهة، وشبح اللقب من جهة أخرى.




فما الذي جعل الفريق ينهار في لحظة كانت فيها الكأس أقرب من أي وقت مضى؟ هل هو غياب التهيئة الذهنية الكافية؟ أم هو نقص في العمق الهجومي البديل؟ هل ضغط الجمهور والميدان كان حافزًا أم عبئًا؟

ثمّة إشارات تقول إن الفريق لم يستطع “قتل المباراة” حين سنحت له الفرصة. وبعد هدفين في الشوط الأول، افتقدت اللاعبات إلى الجرأة الهجومية والإصرار على توسيع الفارق، ما منح نيجيريا فرصة العودة نفسياً وتكتيكياً.

الحسرة والتحكيم: هل خسرنا أم سُلبنا الفوز؟

في لحظة فاصلة من الشوط الثاني، أثارت قرارات الحكم الجدل، خصوصاً إلغاء ركلة جزاء مغربية عبر تقنية الفيديو. هنا لم تكن المسألة تقنية فقط، بل عاطفية أيضاً، إذ تحوّل الغضب إلى طاقة سلبية أكلت تركيز اللاعبات والمدرّب، وأشعلت غضب رئيس الجامعة فوزي لقجع. لكن السؤال الأعمق يبقى: هل نحمّل التحكيم أكثر مما يحتمل، أم أنه أصبح شماعة نُعلّق عليها الفشل المتكرر في النهائي؟

من الفرد إلى الجماعة: كيف تتأثر مسيرة اللاعبات بهذه الخسارة؟

الخسارة في النهائي ليست مجرّد هزيمة رياضية، بل لحظة فاصلة في مسارات كثير من اللاعبات. هل ستؤثر هذه التجربة على ثقة الجيل الصاعد؟ كيف سيتفاعل الإعلام والمجتمع مع لاعبات قدمن أداءً محترمًا لكن لم يحققن اللقب؟ وهل تملك الجامعة استراتيجية لدعم اللاعبات نفسيًا ومهنيًا لتجاوز هذا الانكسار وتحويله إلى حافز للتطور؟

مشروع أم موجة؟ قراءة في سياق الرياضة النسوية بالمغرب

بعيدًا عن تفاصيل المباراة، تفرض الهزيمة سؤالًا استراتيجيًا أكبر: هل تحوّلت كرة القدم النسوية في المغرب إلى مشروع وطني متكامل؟ أم أننا لا نزال في مرحلة “الطفرة” التي تحكمها نتائج المناسبات وتغيب عنها البنية التحتية المستدامة؟

الاستثمارات الأخيرة، من منشآت إلى دعم تقني، مهمة ومشجّعة. لكن هل يكفي ذلك؟ هل توجد قاعدة كروية نسوية مندمجة في الأحياء والمدارس والنوادي؟ وهل يستطيع هذا الجيل أن يبني جسرًا للجيل القادم بدل أن يحترق تحت ثقل التوقعات؟

ما بعد الهزيمة: هل تكون هذه الخسارة بداية لتصحيح المسار؟

إن الخروج خالي الوفاض من نهائيين قاريين متتاليين، رغم التحسن الملحوظ، يعيد فتح النقاش حول نوعية التحضير الذهني، والاختيارات الفنية، والدعم المؤسساتي طويل الأمد. وربما يجب أن ننتقل من منطق “التمثيل المشرف” إلى منطق “الاستحقاق والبناء”.

فهل تعيد الجامعة حساباتها التكتيكية والنفسية بعد هذه النكسة؟ هل نشهد إعادة تشكيل للرؤية الرياضية النسوية بالمغرب؟ وهل تملك اللاعبات والإدارة النفس الطويل لتحويل الألم إلى أمل، والخسارة إلى منصة إقلاع جديدة؟

بين الخيبة والأسئلة الكبرى، تظل الحقيقة الوحيدة أن المنتخب المغربي للسيدات لم يعد عابرًا أو هامشيًا، بل أصبح جزءًا من معادلة إفريقية معقّدة، لا ترحم من لا يُتقن التفاصيل. والسؤال المطروح: متى يصبح الحلم حقيقة؟