القنيطرة تحتج: صوت الأحياء المهمّشة يعلو أمام صمت السكنى والتعمير

0
223

“وأعربت الساكنة، في تصريحات للرابطة، عن استيائها مما وصفوه بغياب الشفافية، وتوجيه اتهامات لبعض أعوان السلطة بالتورط في ممارسات زبونية، وهي اتهامات لم يتم تأكيدها رسمياً.”

في مشهد يعكس عمق الاحتقان الاجتماعي المتصاعد بمدينة القنيطرة، يستعد العشرات من سكان الأحياء الشعبية المهمشة لتنظيم وقفة احتجاجية أمام المديرية الإقليمية للسكنى والتعمير، صباح يوم الإثنين 4 غشت 2025، بدعوة من الرابطة المغربية للمواطنة وحقوق الإنسان، التي وصفت الوقفة بـ”الإنذارية” في مواجهة ما اعتبرته “حيفًا متواصلاً وإقصاءً ممنهجًا” في توزيع برامج السكن.




الوقفة تأتي على خلفية تراكم شكاوى من ساكنة أحياء مثل عين السبع، المخاليف، الصومال، الحفرة، الحنشة، أولاد موسى، بني مسكين، السانية وبئر الرامي، حيث يعتبر السكان أنفسهم ضحايا لسياسات غير شفافة في تدبير مشاريع إعادة الإيواء، وسط اتهامات بوجود “فساد وزبونية” تطال لوائح المستفيدين.




“قلناها مرارًا: هناك أسماء تستفيد أكثر من مرة، وأخرى لا يُلتفت إليها رغم هشاشة ظروفها”، تقول فاطمة، أرملة وأم لأربعة أطفال تقطن بحي الحنشة، مضيفة بنبرة متوترة: “المشكل ليس فقط في السكن، بل في كرامتنا التي تُهدَر كل يوم”.

الرابطة، في بلاغها، دعت إلى تفعيل مضامين الخطاب الملكي لعيد العرش، والذي أكد بوضوح على ضرورة إنصاف الفئات الفقيرة وتقليص الفوارق المجالية. غير أن ما وقع ــ بحسب شهادات محلية ــ هو استدعاء بعض المطالبين بحقهم في السكن من طرف السلطات، وهو ما وصفته الجمعية بـ”التصرف الانتقامي” الذي يتناقض مع روح الدستور المغربي والالتزامات الدولية للمملكة.

نداء للتحقيق والمحاسبة

البلاغ لم يكتف بالتنديد، بل طالب بفتح تحقيق عاجل ومستقل في ما وصفه بـ”ادعاءات الفساد والإقصاء الانتقائي”، مشيرًا بأصابع الاتهام إلى “بعض أعوان السلطة”، الذين يعتبرهم السكان حجر عثرة أمام أي توزيع عادل للسكن، إما عبر المحاباة أو طلب رشاوى، وفقًا لروايات متكررة من الميدان.

“نتمنى فقط أن تتم محاسبة كل من تورط في حرماننا من حقنا، لا نطلب صدقة، نطلب فقط العدالة”، تقول عبد العزيز، عامل مياوم من أولاد موسى.

كما دعت الرابطة إلى احترام الحقوق الدستورية للمحتجين، وعلى رأسها الحق في التعبير والتظاهر السلمي، مشددة على ضرورة تفعيل الفصل 19 و29 من الدستور، والمادة 11 من العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، التي تضمن حق السكن الكريم.

دعم قانوني ونضال ميداني

الرابطة ختمت بلاغها بالتأكيد على استمرارها في دعم المتضررين، قانونيًا وحقوقيًا، ومرافقتهم في معركتهم السلمية من أجل “انتزاع الحق المشروع في السكن الكريم”.

“الكرامة لا تُمنح، بل تُنتزع بالنضال السلمي والمسؤول”، تقول الرسالة الأخيرة التي أطلقها إدريس السدراوي، رئيس الرابطة، وهي رسالة يتردد صداها اليوم في أزقة القنيطرة المهمشة، حيث ما زال المواطنون يواجهون يوميًا سؤالًا مؤلمًا: من يستفيد؟ ومن يُقصى؟ ولماذا؟

توصية للسلطات:
بعيدًا عن لغة الشعارات، تبدو الحاجة ملحّة اليوم لفتح قنوات حوار حقيقية مع المتضررين، وتكليف لجان مستقلة لمراجعة لوائح المستفيدين من برامج السكن، مع إشراك ممثلين عن الساكنة والمجتمع المدني لضمان الشفافية والمصداقية. فثقة المواطنين في المؤسسات تُبنى من الميدان… لا من المكاتب المغلقة.