“تفويتات عقارية مشبوهة لأجانب في المغرب: هل ينجح التنسيق بين الضرائب ومكتب الصرف في وقف تهريب الأموال؟”

0
288

رصدت صحيفة “المغرب الآن” تقريرًا نشره موقع “هسبريس” الإلكتروني، يكشف عن تنسيق متصاعد بين مصالح المراقبة التابعة لمكتب الصرف والمديرية العامة للضرائب، في إطار مهام تدقيق مشتركة تستهدف تفويتات عقارية مشبوهة لأجانب في المغرب.

وأوضحت المصادر التي نقلها التقرير أن هذه العملية النوعية استندت إلى معلومات دقيقة وفرتها مصلحة تحليل المخاطر والبرمجة التابعة لقسم التحقيقات في الإدارة الجبائية، بالإضافة إلى إشعارات واردة من أجهزة رقابية أوروبية شريكة، خاصة في فرنسا وإسبانيا.

وتركز التحقيق المشترك على عمليات تفويت أراض وتجزئات عقارية في محيط مدن كبرى مثل الدار البيضاء ومراكش، حيث تبين وجود مؤشرات تملص ضريبي وتهريب جزء من قيم العقارات المتفق عليها إلى الخارج عبر وسطاء، في مخالفة صريحة لقوانين التصريح بالضرائب وتحويل الأموال.

تفاصيل التحقيقات تكشف خفايا التلاعب

حسب المصادر المطلعة، تم إخضاع ثلاثة منشئي مشاريع عقارية لمراجعات ضريبية مكثفة، منهم اثنان بالدار البيضاء وواحد بمراكش. كما تتواصل التحقيقات بتنسيق مع “دركي الصرف” حول تورط أحدهم في معاملات صرف أجنبي غير قانونية، تتعلق بتحويلات بنكية مشبوهة في فرنسا، تمت عبر أحد أقاربه لمواطنة فرنسية استحوذت على عقار بضواحي العاصمة الاقتصادية.

الوثائق الرسمية توضح أن منشور مكتب الصرف يجيز للأجانب تحويل أرباحهم وعوائد استثماراتهم العقارية في المغرب إلى الخارج، بشرط الالتزام بمجموعة من الضوابط والإجراءات القانونية. وتلعب البنوك دور الوسيط الأساسي في عمليات تحويل الأموال، حيث تتحقق من صحة الوثائق المتعلقة بالاستثمار والملكيات والعقود، قبل تنفيذ عمليات التحويل.

ومع ذلك، تشير التقارير إلى وجود ثغرات قانونية واستغلالات ممنهجة لهذه القواعد، عبر تسهيلات تقدمها شبكات وساطة مالية تقوم بتحويل مبالغ نقدية داخل المغرب إلى جهات بالخارج، مقابل عمولات مرتفعة، فيما يتهرب بعض المستثمرين من أداء الضرائب المستحقة على قيم عقاراتهم الحقيقية، عبر تقليص قيم المبيعات في التصريحات الضريبية.

تداعيات اقتصادية وقانونية

تكشف هذه العملية عن حجم التحديات التي تواجهها السلطات المالية في ضبط ومراقبة سوق العقارات أمام عمليات التملص الضريبي وتهريب الأموال، ما قد يؤثر على موارد الخزينة العامة ويقوض نزاهة النظام المالي الوطني.

ويثير التورط المحتمل لبعض الموثقين والبنوك والوسطاء تساؤلات جدية حول مدى كفاءة آليات الرقابة الحالية، والحاجة إلى مراجعة تشريعات مكتب الصرف والإجراءات المتبعة في تدقيق العمليات العقارية.

كما أن التعاون مع الأجهزة الرقابية الأوروبية، خصوصًا في فرنسا وإسبانيا، يشير إلى أن ظاهرة التهريب المالي عبر الحدود باتت معقدة ومتداخلة، وتستلزم تنسيقًا أمنيًا وقانونيًا دوليًا أكثر فعالية.

ضرورة تعزيز الشفافية ومكافحة التهرب

في ضوء هذه المعطيات، تدعو مصادر “المغرب الآن” إلى تعزيز الإجراءات الرقابية وتطوير آليات تتبع الأموال وتحسين شفافية التعاملات العقارية، بما في ذلك فرض مراقبة أكثر صرامة على الوسطاء والموثقين، وتشديد العقوبات على المخالفين.

كما تؤكد أهمية الرفع من قدرات مصالح الضرائب ومكتب الصرف، وتفعيل التعاون الدولي مع الدول الشريكة لمكافحة التهريب المالي، من خلال تبادل المعلومات وتقاسم البيانات الدقيقة حول التحويلات المالية المشبوهة.

ختامًا

يبقى ملف تفويت العقارات المشبوهة لأجانب في المغرب ملفًا حساسًا يحمل في طياته مؤشرات على خلل عميق في منظومة الرقابة المالية والضريبية، ويستلزم جهداً مكثفًا من السلطات للحد من المخاطر التي قد تضر بالاقتصاد الوطني ومصداقية المغرب في محاربة غسل الأموال وتمويل الإرهاب.

وتتابع صحيفة “المغرب الآن” تطورات هذا الملف وستوافي قراءها بكل جديد في القضايا المرتبطة به، خدمة للمصلحة الوطنية وشفافية المعلومة.