بين حرية التعبير وحماية المقدسات: قضية ابتسام لشكر تفتح جدلاً قانونيًا وحقوقيًا في المغرب

0
319

في خطوة أثارت جدلاً واسعاً في المغرب، وضعت النيابة العامة الناشطة الحقوقية ابتسام لشكر تحت الحراسة النظرية، إثر نشرها صورة على منصة “إكس” (تويتر سابقاً) تظهر فيها وهي ترتدي قميصاً يحمل عبارة مسيئة للذات الإلهية، مرفقة بتدوينة اعتبرتها السلطات إهانة للدين الإسلامي.

خلفية القضية

ابتسام لشكر، المعروفة بنشاطها في مجال الدفاع عن الحريات الفردية وحقوق النساء، نشرت في نهاية يوليو 2025 صورة لها على حسابها في “إكس”، تظهر فيها بقميص مكتوب عليه كلمة “الله” بالعربية، متبوعة بعبارة مسيئة بالإنجليزية. هذه الصورة أثارت موجة من الغضب على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث طالب البعض باعتقالها. فيما ادعت لشكر أنها تلقت تهديدات بالاغتصاب والقتل بسبب هذا المنشور.

ردود الفعل القانونية والحقوقية

أعلنت النيابة العامة فتح تحقيق في الموضوع، وأوضحت في بيانها أنه “تم وضع المعنية بالأمر تحت الحراسة النظرية”، مشيرة إلى أنه “سيتم ترتيب الأثر القانوني المناسب على ضوء نتائج الأبحاث فور انتهائها”. القانون الجنائي المغربي، وتحديداً الفصل 267، يعاقب على الإساءة للدين الإسلامي، حيث تتراوح العقوبة بين الحبس من ستة أشهر إلى سنتين، مع غرامة مالية، وترتفع العقوبة إلى خمس سنوات إذا ارتُكبت الإساءة بوسيلة علنية.

من جهة أخرى، أعربت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان عن قلقها من توقيف لشكر، معتبرة أن ذلك يشكل مساساً بحرية التعبير. فيما أكد وزير العدل الأسبق، المصطفى الرميد، في تدوينة على “فيسبوك”، أن “الإساءة إلى مقدسات الدين ليست تصريحاً عارضاً، بل عملاً مدبراً”، مشدداً على ضرورة تطبيق القانون في هذا السياق.

الجدل المجتمعي

القضية أثارت انقساماً في المجتمع المغربي. ففيما اعتبر البعض أن ما قامت به لشكر يدخل في إطار حرية التعبير والرأي، رأى آخرون أن ذلك مساس بالمقدسات الدينية. الباحث الأكاديمي والوزير السابق، خالد الصمدي، اعتبر أن “الموقف من سلوك ابتسام لشكر ليس قمعاً لحرية التعبير، بل دعوة إلى تطبيق مقتضيات القانون ضد كل من يتعمد إثارة الفتنة”. فيما أشار عبد الرزاق بوغنبور، الرئيس السابق للعصبة المغربية لحقوق الإنسان، إلى أن “الحرية لها ضوابط، خصوصاً حين تتطرق إلى ما هو مشترك داخل مجتمع مغربي مسلم”.

الخاتمة

تظل قضية ابتسام لشكر نقطة نقاش حادة بين حرية التعبير وحماية المقدسات الدينية. بينما يؤكد البعض على ضرورة احترام حرية الرأي، يرى آخرون أن هناك حدوداً يجب عدم تجاوزها. المجتمع المغربي، بتنوعه الثقافي والديني، مطالب بالحوار والتفاهم للوصول إلى توازن يحفظ الحقوق ويصون القيم.