حقوق مغاربة العالم: التمثيل السياسي وإدماج الكفاءات في قلب النقاش الوطني

0
483

يحتفل المغرب اليوم باليوم الوطني للمهاجر، وهو موعد سنوي يسلط الضوء على الجالية المغربية المنتشرة عبر القارات، ودورها المتنامي في دعم التنمية الوطنية والترافع عن القضايا الوطنية، خصوصًا في ظل التحديات التي تواجه وحدة التراب الوطني.

وفي هذا السياق، أعاد الفاعل الجمعوي المغربي في فرنسا، عمر الكعموشي، التأكيد على ضرورة الاهتمام الجاد بملف حقوق مغاربة العالم، خاصة فيما يتعلق بالتمثيل السياسي والمشاركة المؤسساتية.

في تغريدة له أثارت اهتمامًا واسعًا، طرح عمر كعواشي تساؤلات محورية حول مدى ضمان الحقوق السياسية للمغاربة المقيمين بالخارج، لا سيما الحق في التمثيلية السياسية العادلة وفتح الأبواب أمام الكفاءات من دون تمييز أو محسوبية. وأكد أن الجالية المغربية يجب ألا تُنظر إليها فقط كمصدر للتحويلات المالية، بل كرأسمال بشري واستراتيجي يجب إدماجه فعليًا في الحياة السياسية وفقًا للدستور المغربي لسنة 2011، وبنوده التي تتضمن مواد واضحة مثل 16، 17، 18، و163.

هذا التوجه ينسجم مع الخطابات الملكية التي تؤكد على أهمية دور الجالية، حيث قال جلالة الملك محمد السادس في خطابه بمناسبة اليوم الوطني للمهاجر عام 2023:

“الجالية المغربية في الخارج ليست فقط مصدرًا هامًا للتحويلات المالية، بل هي رأس مال بشري واستراتيجي لا يمكن الاستغناء عنه في مسار التنمية الوطنية. لذلك، يجب العمل على إدماجها الحقيقي في الحياة السياسية والمؤسساتية، لضمان مشاركتها الفعلية في صنع القرار.”

كما تؤكد وزارة الجالية المغربية بالخارج في تصريحاتها الرسمية التزامها بدعم الحقوق السياسية والاجتماعية للمغاربة المقيمين بالخارج، حيث صرحت الوزارة في 2024:

“نؤكد التزام الوزارة بدعم حقوق مغاربة العالم، وخاصة تعزيز تمثيلهم السياسي على المستويات الوطنية والدولية، وتوفير آليات فعالة لمشاركتهم في التنمية والقرار، بما يتوافق مع مقتضيات الدستور المغربي لسنة 2011.”

رغم هذا الإطار القانوني والسياسي المشجع، يظل هناك تفاوت بين النصوص الدستورية والتوجيهات الملكية من جهة، والتطبيق الفعلي لهذه الحقوق على أرض الواقع من جهة أخرى. فالكثير من أفراد الجالية يعبرون عن إحساس بالتهميش أو العزوف عن المشاركة السياسية، نتيجة لعوائق إدارية أو ممارسات غير شفافة تحول دون تمكينهم من ممارسة حقوقهم السياسية كاملة.

من جهة أخرى، يبرز الدور النضالي الفاعل الذي تلعبه الجالية في الترافع عن الوحدة الترابية والدفاع عن القضايا الوطنية عبر الوقفات الاحتجاجية والمشاركات الدولية، مما يدل على وعي عميق بحجم مسؤولياتها الوطنية، ويعكس حرصها على أن يكون صوتها مسموعًا على المستويين الوطني والدولي.

إن اليوم الوطني للمهاجر يمثل فرصة حقيقية لإعادة تقييم العلاقة بين المغرب ومغاربة العالم، وتشجيع الدولة على اتخاذ خطوات ملموسة لتعزيز التمثيل السياسي للجالية وفتح المجال أمام كفاءاتها للاندماج الكامل، بما يتماشى مع روح دستور 2011 والتطلعات الملكية.

في ظل التحديات الراهنة، يبقى السؤال الأساسي: هل ستترجم هذه الدعوات والمطالب إلى سياسات وإجراءات ملموسة؟ وهل ستشهد السنوات المقبلة مرحلة جديدة من الإدماج السياسي الحقيقي لمغاربة العالم؟

الجالية، برأس مالها البشري وإمكاناتها، تنتظر الجواب، والوطن مطالب بالإجابة.