بين الفن الراقي والتبذير العشوائي: قراءة في خطاب الوزير السابق عزيز رباح

0
163

في زمن تتسارع فيه التحولات الاجتماعية والثقافية بالمغرب، أعاد الوزير الأسبق عزيز رباح نشر مقال يوجّه فيه رسالة نقدية قوية إلى من يتبذّرون الموارد العامة في فعاليات ومهرجانات تخالف أولويات الدولة المعلنة في خطاب جلالة الملك.

لكن ما وراء هذه الرسالة يكمن تحليل أعمق لمستقبل الهوية الوطنية، دور الدولة في التربية والثقافة، وتأثير الممارسات السطحية على الشباب، كنز الأمة ومستقبلها.

السياق التاريخي والاجتماعي

يشير رباح إلى درس التاريخ القريب والبعيد: أن محاولات إسقاط الدول لم تنجح عبر القوة العسكرية وحدها، بل حاول بعض الفاعلين اختراق التعليم والفن والإعلام والمؤسسات لاستهداف قيم المجتمع وأخلاق الأسرة. المملكة المغربية، بحسب الوزير، صمدت أمام هذه التحديات بفضل صلابة مؤسساتها وقوة قيمها المجتمعية.

التحليل هنا يطرح سؤالاً استراتيجياً: إلى أي مدى تشكّل الثقافة والفن والتعليم أدوات مواجهة ضد محاولات تقويض استقرار الدولة؟ وهل تُعتبر برامج “تسديد التبليغ” التي ترعاها الدولة جزءاً من استراتيجية طويلة المدى لتعزيز القيم الوطنية والأخلاقية في المجتمع؟

الفن، المهرجانات، والتربية الوطنية

يشدد رباح على أن تنظيم المهرجانات وفق منطق التبذير والابتذال لا يعكس طموحات التنمية ولا يضمن استقرار المجتمع. هنا يبرز الصدام بين:

  • الفن الراقي: الذي يمزج بين الأصالة والعصرية ويستهدف الشباب بطريقة إيجابية.

  • البرامج الترفيهية العشوائية: التي قد تشجع على التهاون بالقيم والذوق الرفيع، وتفقد الشباب البوصلة.




الأسئلة التحليلية هنا: هل يمكن تحقيق التوازن بين ترفيه الشباب وتشجيع الإبداع الفني من جهة، والحفاظ على القيم والأخلاق التي تغرسها الأسر والمؤسسات التعليمية من جهة أخرى؟ وكيف يمكن للسياسات الثقافية أن تتحول من مجرد رقابة أو نصائح إلى استراتيجية فعلية للتنمية المستدامة؟

دور الدولة والأسرة في مواجهة التحديات

يشير الوزير السابق إلى أن غالبية الأسر المغربية محافظة، وتربّي أبناءها على الأخلاق والوطنية، ولها مناعة طبيعية أمام موجات الكلام الساقط أو الأغاني الرديئة. لكن السؤال الكبير يبقى: هل يكفي الدور الأسري لحماية الشباب، أم أن الدولة مطالبة بتفعيل برامج أكثر شمولية في التعليم والفن والإعلام؟

الخلاصة: التوازن بين المتعة والتنمية

يحمل المقال رسالة واضحة: الترفيه يجب أن يكون أداة لتعزيز الإبداع والفن الراقي، لا لتبرير التبذير والابتذال. الفشل في إدارة هذا التوازن ليس مجرد مسألة ذوق، بل له انعكاسات استراتيجية على الهوية الوطنية، استقرار المجتمع، وتنمية الموارد البشرية الشابة.

تشجيع الفن الراقي الأصيل، العصري، والشبابي يمكن أن يمتع دون أن يخرب، وهو استثمار حقيقي في المستقبل.