في مشهد دموي جديد من مسلسل القمع الإسرائيلي في فلسطين، ارتقى عدد من الصحفيين الفلسطينيين شهداء، بينهم مريم أبو دقة، بعد غارة غادرة استهدفت الطابق الثالث من مجمع ناصر الطبي في خانيونس، جنوبي قطاع غزة.
النقابة الوطنية للصحفيين الفلسطينيين أصدرت بيانًا حزينًا، أوردت فيه أسماء الضحايا: الدكتور حسن دوحان، حسام المصري، معاذ أبو طه، محمد سلامة، أحمد أبو عزيز، بالإضافة إلى الشهيدة الصحفية مريم أبو دقة.
المأساة لم تتوقف عند الصحفيين، بل امتدت لتطال الدفاع المدني، الذين ساروا إلى المكان لإنقاذ الضحايا، لتسجل الغارة الثانية مزيدًا من الضحايا بين صفوفهم. هذا التصعيد يعكس سياسة ممنهجة لإسكات الصوت الإعلامي في قلب الصراع.
قراءة معمّقة: استهداف الإعلام كسياسة ممنهجة
من خلال ما سجلته النقابة الوطنية للصحافة المغربية، فإن استهداف الصحفيين في غزة لم يعد حادثًا عابرًا، بل جزء من استراتيجية إسرائيلية واضحة تهدف إلى تكميم الإعلام ومنع نقل الحقيقة إلى العالم الخارجي.
تُظهر هذه السياسة قسوة ممنهجة تجاه الصحفيات والصحفيين المدنيين، حيث بلغ عدد الضحايا في صفوف الإعلاميين الفلسطينيين أكثر من 235 شهيدًا، وهو رقم يوضح أن هذه الاستهدافات ليست عرضية، بل جزء من حرب منظمة على حرية الإعلام.
في السياق ذاته، يعكس مقطع فيديو لرئيس معلقي قناة i24 الإسرائيلية موقفًا صادمًا، حيث وصف استهداف الصحفيين بأنه “إحسان”، وأن التأخير في القرار أفضل من عدم اتخاذه.
هذه التصريحات تكشف عن إمعان في قهر الإعلام، وتشجيع على استباحة الدم الفلسطيني باسم السياسات العسكرية.
الأبعاد القانونية والإنسانية
هذه الغارات تشكل انتهاكًا صارخًا للمواثيق الدولية التي تحمي الإعلاميين في مناطق النزاع. استهداف الصحافة لا يعني فقط قتل أفراد، بل محاولة لطمس الحقائق ومنع العالم من رؤية الجرائم الإنسانية التي ترتكب بحق المدنيين في غزة وفلسطين عمومًا.
إن استمرار هذه السياسة يضع المجتمع الدولي أمام اختبار حقيقي لفاعلية قوانين الحماية الدولية، ويطرح أسئلة حول قدرة المؤسسات الدولية على محاسبة مرتكبي الجرائم ضد الإعلام والصحفيين.
موقف النقابة الوطنية للصحافة المغربية
تؤكد النقابة، في بيانها، أن استهداف الصحفيين هو استهداف للإنسانية نفسها. وتدعو:
-
الاتحاد الدولي للصحفيين، واتحاد الصحفيين العرب، واتحاد الصحفيين الأفارقة إلى توحيد الجهود لمواجهة هذه الحرب على الإعلام.
-
المجتمع الدولي إلى التدخل لوقف المجازر المستمرة ضد الصحفيين والشعب الفلسطيني.
استنتاج: الصحافة هدف مباشر في الصراع الفلسطيني
الرسالة واضحة: الصحافة الفلسطينية ليست مجرد ناقل للأخبار، بل رمز للمقاومة والمصداقية في نقل الحقيقة. استهدافها يشكل انتهاكًا مزدوجًا؛ بحق الإنسان الصحفي وبحق المجتمع في المعرفة والوعي.
الحدث الأخير في خانيونس يوضح أن الصمت الدولي أو التأخير في ردع هذه الانتهاكات يعتبر تواطؤًا ضمنيًا يسمح باستمرار سياسة القتل المنظم، ويضع الإعلام الحر الفلسطيني أمام تحدٍ وجودي لم يسبق له مثيل.