“محمد السادس بين الحقيقة والتشويه: تفنيد مغالطات لوموند والدفاع عن السيادة المغربية”

0
137

في عالم الإعلام المعاصر، تُبرز الصور الرمزية والمشاهد البصرية أحيانًا أكثر من الأحداث الواقعية، ما يجعل بعض الصحف تحاول إعادة صياغة السرديات الوطنية وفق تصوراتها الخاصة. من بين هذه المحاولات، تأتي سلسلة مقالات صحيفة لوموند الفرنسية، وتحديدًا الجزء الرابع من سلسلة صيف 2025 المعنون “محمد السادس، ملك المناورات الدبلوماسية الكبرى”، الذي حاول تصوير الملك المغربي في أبعاد قد تبدو مبالغًا فيها.

لكن تحليلًا دقيقًا للملفات والأحداث يظهر أن هذه المقالة، رغم فخامتها في الوصف، لا تنقل جوهر السياسة الملكية ولا تأثيرها العميق على الداخل أو على الساحة الدولية. فالتباين بين المشهد الفخم لاستقبال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في 28 أكتوبر 2024، وبين نشاط الملك على ملفات حساسة مثل قضية الصحراء المغربية والتقارب مع إسرائيل، ليس علامة على ضعف أو تراجع، بل دليل على قدرة الملك على تحويل الدبلوماسية إلى أداة استراتيجية تعزز المصالح الوطنية وتحمي السيادة المغربية.

الملك على الساحة الدولية: استراتيجية محكمة ونتائج ملموسة

في 28 أكتوبر 2024، استقبل الملك إيمانويل ماكرون في حفل رسمي مهيب، شمل سجادات حمراء، فرق موسيقية، وفرسانًا يرتدون ألوان العلم الوطني. هذه المشاهد التي ركزت عليها الصحافة الدولية كرمز للفخامة، كانت في الواقع جزءًا من استراتيجية دبلوماسية متقنة فرضت على فرنسا الاعتراف بسيادة المغرب على الصحراء المغربية.

التحليل العميق يُظهر أن هذه الخطوة لم تأتِ صدفة: ثلاث سنوات من الضغوط الدبلوماسية المستمرة، شملت تجميد العلاقات الرسمية، تعليق التعاون الاستراتيجي، وحملات إعلامية منسقة، نجحت في إعادة رسم التوازن مع باريس بما يخدم المصالح المغربية. وهنا يبرز درس أساسي: القيادة الحقيقية تتطلب صبرًا وتخطيطًا بعيد المدى، وليس مجرد صور أو احتفالات فخمة.

بالإضافة إلى ذلك، أطلقت المملكة تحت إشراف الملك سلسلة مبادرات دولية: تعزيز التعاون الاقتصادي مع الاتحاد الأوروبي، توقيع اتفاقيات شراكة مع دول إفريقية، والمشاركة الفاعلة في مؤتمرات الأمن الغذائي والمناخي. هذه الخطوات تؤكد أن الملك لم يقتصر دوره على ملفات سياسية حساسة، بل امتد إلى تعزيز مكانة المغرب كفاعل دولي متوازن وقادر على حماية مصالحه.

مقارنة الإعلام الوطني والدولي: تباين الرؤية وعمق التحليل

عند مقارنة التغطية الإعلامية الوطنية والدولية، يظهر الفرق بوضوح. الإعلام الوطني ركز على النتائج الواقعية للسياسة الملكية: الاعتراف الفرنسي بالسيادة المغربية على الصحراء، تعزيز موقع المغرب في شمال إفريقيا والمتوسط، وضمان مصالح المواطنين في الاقتصاد والتنمية.

أما الإعلام الدولي، مثل لوموند، فقد ركز على الرمزية والفخامة والمظاهر، وربطها بمحاولات افتراضية لخلق رواية “نهاية العهد” أو “تراجع الملك”. هذا الاختلاف يطرح أسئلة نقدية:

  1. لماذا يسعى الإعلام الخارجي إلى اختزال السياسة المغربية في مشاهد سطحية؟

  2. كيف يمكن للمواطن المغربي التفريق بين الإنجازات الملموسة والروايات الإعلامية المصطنعة؟

  3. ما دور الصحافة الوطنية في حماية الوعي الجمعي من الانطباعات المضللة؟

الملك والمصالح الوطنية: من الرؤية إلى الإنجاز

محمد السادس لم يكتفِ بالمناورات مع فرنسا؛ بل حرص على توسيع قاعدة التحالفات الاستراتيجية مع إسرائيل، والدول الإفريقية، والاتحاد الأوروبي، والولايات المتحدة، مستفيدًا من الملفات الاقتصادية، الأمنية والهجرية لتعزيز نفوذ المغرب ومكانته.

هذه الدبلوماسية ليست مجرد نشاط بروتوكولي، بل أداة حماية للمصالح الوطنية، وضمان للاستقرار الداخلي، وتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية، بما في ذلك مناطق المغرب النائية والريفية والمواطنين العاديين. الأمثلة الواقعية تشمل:

  • توقيع اتفاقيات تجارية واستثمارية مع دول أوروبية لتطوير قطاع الطاقة المتجددة.

  • إطلاق مشاريع بنية تحتية في الجنوب المغربي لتعزيز التنمية الإقليمية.

  • دعم برامج اجتماعية للفئات الهشة لضمان استقرار مجتمعي متوازن.

كل هذه الخطوات تعكس استراتيجية شاملة تجمع بين الدبلوماسية والحكم الداخلي والتنمية الاقتصادية والاجتماعية.

التداعيات الداخلية والخارجية

على الصعيد الداخلي، تضمن هذه السياسات:

  • تعزيز الثقة في المؤسسات.

  • دعم الاقتصاد الوطني وتنمية مناطق المغرب النائية.

  • فتح آفاق للتعاون الدولي مع حماية مصالح المواطنين.

على الصعيد الخارجي، ترتقي مكانة المغرب في المنتديات الدولية، وتثبت البلاد كفاعل مؤثر قادر على إعادة رسم التوازنات لصالح مصالحه الوطنية. كل هذه النتائج تؤكد أن السيادة المغربية ليست مجرد شعار، بل ممارسة دبلوماسية وسياسية متقنة.

صحافة المواطنة: ربط الإنجازات بمصلحة المواطن

في إطار صحافة المواطنة، يصبح من الضروري تقديم القضايا الوطنية بطريقة تمكن المواطن من فهم الروابط بين السياسة والدبلوماسية ومصالحه اليومية:

  • المواطن الذي يرى المغرب يعزز مكانته دوليًا، يرى بذلك تأثيرًا مباشرًا على فرص الاستثمار وخلق الوظائف.

  • المواطن الذي يتابع برامج التنمية الاجتماعية والاقتصادية، يدرك أن الدبلوماسية الملكية تعود بالنفع المباشر على مستوى المعيشة.

  • المواطن يصبح شريكًا في تقييم السياسات، ويطرح أسئلة نقدية حول مخرجاتها وفعاليتها.

أسئلة مفتوحة للقارئ:

  1. هل يمكن للصور الرمزية أن تحل محل الحقائق الواقعية في فهم السياسة؟

  2. كيف تضمن الصحافة الوطنية نقل الحقيقة بعيدًا عن الروايات الدولية المضللة؟

  3. إلى أي مدى تؤثر الدبلوماسية الملكية على حياتنا اليومية ومستقبل الشباب المغربي؟

خاتمة: التأكيد على الاستقرار والثقة

في خضم كل هذا، تظل الحقيقة واضحة: المغرب قوي، ملكه حاضر، وشعبه متمسك بثقته في قيادته. التاريخ لا يُكتب في أعمدة المقالات الاستعراضية، بل في الإنجازات الملموسة التي تبني استمرارية الأمة، وتضمن مصالح المواطنين.

محمد السادس لم يترك الفرص للصدفة، بل جعل من الدبلوماسية أداة لردع التحديات وحماية سيادة المغرب، محققًا توازنًا بين المصالح الوطنية الداخلية والخارجية، وبين الحاضر والمستقبل.