في محاولة لاحتواء التوتر داخل قطاع التعليم العالي، دعا وزير التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار، عز الدين الميداوي، النقابات الأكثر تمثيلية إلى لقاءات منفردة غدًا الإثنين. وحسب مصادر متطابقة، فإن جدول الأعمال سيتمحور حول مشروع القانون رقم 59.24 المتعلق بالتعليم العالي، الذي يثير جدلاً واسعًا داخل القطاع، إضافة إلى استئناف النقاش بشأن النظام الأساسي لموظفي التعليم العالي، الذي تسبّب تعثر إخراجه في احتقان غير مسبوق منذ بداية السنة.
تفاصيل الانقسام النقابي
وفق المعطيات، سيلتقي الوزير في الصباح ممثلين عن المكتب الوطني للنقابة الوطنية لموظفي التعليم العالي والأحياء الجامعية المنضوية تحت لواء الكونفدرالية الديمقراطية للشغل (ك.د.ش). وبعد الزوال، سيعقد لقاءً ثانٍ مع ممثلين عن الجامعة الوطنية لموظفي التعليم العالي والأحياء الجامعية التابعة للاتحاد العام للشغالين بالمغرب، إلى جانب النقابة الوطنية للتعليم – فرع التعليم العالي، المنضوية تحت لواء الفيدرالية الديمقراطية للشغل.
غير أن مواقف النقابات ليست موحّدة. فالنقابة المنضوية تحت لواء الكونفدرالية الديمقراطية للشغل ترفض الجلوس إلى طاولة واحدة مع بقية النقابات، متهمة إياها بـ”تبنّي مواقف الوزارة وتقويض فرص التوصل إلى حلول”. في المقابل، تؤكد النقابتان الأخريان أن الحوار الجماعي هو المدخل الحقيقي لحل الخلافات، محذرتين من أن الحوار المنفرد “قد يُفرغ العملية التفاوضية من مضمونها”.
خلفيات الأزمة
الأزمة الحالية لا تقتصر على مطالب مهنية محددة، بل تتعلق أساسًا بمنهجية التفاوض. فبينما تصرّ بعض النقابات على أن الحوار ينبغي أن يكون جامعًا ومفتوحًا أمام الجميع، ترى أخرى أن المشاركة في إطار مشترك فقدت جدواها بعدما تحوّلت بعض الأطراف – حسب تعبيرها – إلى “صوت موازٍ للوزارة”.
أما الوزارة، فتدافع عن خيارها معتبرة أن “النظام الأساسي يتطلب وقتًا لدراسته، لكونه يتضمن أبعادًا مالية وإدارية دقيقة”، مستغربة لجوء بعض النقابات إلى خطوات تصعيدية من قبيل الإضرابات المنفردة.
قراءة تحليلية
هذا الانقسام يعكس أزمة أعمق تعيشها النقابات التعليمية في علاقتها بالحكومة. فبينما يُفترض أن يشكل الحوار الاجتماعي آلية لتوحيد الرؤى وضمان حقوق الموظفين، يظهر أن تباين الاستراتيجيات النقابية يُضعف الموقف التفاوضي الجماعي. كما أن خيار الوزارة عقد لقاءات منفصلة قد يُقرأ باعتباره محاولة لامتصاص الغضب مرحليًا، لكنه في الوقت نفسه يرسّخ التشرذم النقابي ويضعف إمكانية التوصل إلى اتفاق شامل.
خاتمة مفتوحة
يبقى السؤال المطروح: هل ستساهم لقاءات الإثنين المنفردة في إعادة بناء الثقة بين الوزارة والنقابات، وإحياء الحوار الجماعي كخيار لا بديل عنه؟ أم أن أزمة النظام الأساسي ستظل عالقة، مهددةً بدخول جامعي متوتر ومزيد من الاحتقان في قطاع حيوي كالتعليم العالي؟