الحركة الشعبية ترفع رهانات الإصلاح الانتخابي: نهاية عهد “السوبرمان” ودعوة لتوسيع حالات التنافي

0
173

في سياق اللقاءات التشاورية التي أطلقتها وزارة الداخلية حول مراجعة المنظومة القانونية المؤطرة للانتخابات التشريعية المقبلة، قدّم وفد حزب الحركة الشعبية، المتموقع في المعارضة، مجموعة من المقترحات التي عكست رغبة الحزب في الدفع نحو إصلاحات جريئة وواقعية، تجعل الاستحقاقات المقبلة محطة سياسية نوعية.

فقد شدّد وفد “السنبلة” على أن نجاح الانتخابات لن يتحقق دون معالجة الاختلالات المرتبطة بالتقطيع الانتخابي، داعياً إلى اعتماد منطق “التجميع الترابي” بدل منطق “التقسيم المشتت”. وفي هذا السياق، اقترح الحركيون دمج الدوائر داخل الإقليم الواحد، خصوصاً في الأقاليم الكبرى التي تتوفر على أكثر من دائرة انتخابية، معتبرين أن ذلك سيُسهم في تعزيز العدالة التمثيلية وتقليص هيمنة الألوان الحزبية ذاتها على مجموع المقاعد.

ومن أبرز النقاط التي أثارت نقاشاً واسعاً خلال اللقاء، تأكيد الحركة الشعبية على ضرورة توسيع حالات التنافي، إذ دعا وفد الحزب إلى منع الجمع بين مسؤولية النائب البرلماني ورئاسة الجماعة الترابية، مع الإبقاء على حق البرلماني في العضوية داخل المجالس المنتخبة. واعتبر المتدخلون أن “عهد السوبرمان قد انتهى”، في إشارة إلى تضارب الأدوار الذي يثقل كاهل النائب ويضعف جودة التشريع.

كما أبدى الحزب رفضه الواضح لمقترحات بعض الأحزاب الرامية إلى رفع عدد مقاعد مجلس النواب، مؤكداً أن النقاش الحقيقي ينبغي أن ينصبّ على تعزيز جودة العمل البرلماني لا على تضخيم المقاعد. وفي الوقت ذاته، تمسّك الوفد بالإبقاء على الكوطا الوطنية الخاصة بالنساء في حدود 90 مقعداً، باعتبارها “حقاً مكتسباً لا يمكن التراجع عنه”، مع ضرورة تشجيع ترشيح النساء والشباب على مستوى الدوائر المحلية لإغناء التجربة الديمقراطية وتوسيع قاعدة المشاركة السياسية.

اللقاء مع مسؤولي الداخلية لم يقف عند حدود التقطيع أو التنافي، بل امتد إلى مطلب مراجعة النصوص المتعلقة بمالية الأحزاب، حيث دعا الحركيون إلى ضمان المزيد من الشفافية في تدبير الدعم العمومي، وربط ذلك بتقارير المراقبة والمحاسبة. كما توقفوا عند قصور الإعلام العمومي خلال الحملات الانتخابية، مطالبين بترسيخ مبدأ المساواة بين جميع الأحزاب الممثلة في البرلمان.

ولم يغفل الوفد الحركي التأكيد على الحاجة إلى إصلاحات موازية، من خلال مراجعة القانون التنظيمي للأحزاب السياسية والقانون المنظم للهيئة العليا للاتصال السمعي البصري، بما يضمن منظومة سياسية أكثر استقراراً وفعالية، قادرة على مواكبة طموحات المرحلة المقبلة.

مصدر حضر اللقاء وصف الأجواء بـ”الجيدة والغنية بالنقاش”، مؤكداً أن الحوار مع وزير الداخلية عبد الوافي لفتيت وفريقه اتسم بالجدية والإنصات، وأن عدداً من المقترحات لقي تفهماً وتوافقاً أولياً. وختم قائلاً: “الأهم أننا خرجنا مرتاحين بعد نقاش معمّق، ثمرة عمل طويل لإعداد مذكرة انتخابية تشاورية مع مختلف المنظمات الموازية للحزب”.

وبذلك، يظهر أن الحركة الشعبية تسعى، عبر هذه المذكرة، إلى تقديم نفسها كصوت إصلاحي داخل المعارضة، يوازن بين الواقعية السياسية والجرأة في الطرح، ويمهّد لانتخابات قد تشكّل اختباراً حقيقياً لجدية الفاعلين في تجديد قواعد اللعبة الديمقراطية بالمغرب.