أوزين..صوت المعارضة في مواجهة عطش الكردان: هل يُحْرج أخنوش من موقعه المزدوج؟

0
733

في مشهد سياسي لافت، عاد محمد أوزين، الأمين العام لحزب الحركة الشعبية، إلى واجهة النقاش الوطني من خلال سؤال برلماني وجّهه إلى وزير الداخلية بشأن معاناة ساكنة سبت الكردان والدواوير المجاورة بإقليم تارودانت من الانقطاعات المتكررة للماء الصالح للشرب.

سؤال قد يبدو في ظاهره تقنياً أو مطلبياً، لكنه في العمق يكشف أزمة سياسية واجتماعية تضع الحكومة أمام امتحان صعب: كيف يمكن للمغاربة أن يثقوا في وعود التنمية والعدالة المجالية بينما مناطق بأكملها تعاني من العطش اليومي؟

سياق الأزمة: بين جفاف متفاقم ووعود مؤجلة

منذ سنوات، يواجه حوض الكردان أزمة مائية متصاعدة. الفلاحون تضرّروا من انقطاع مياه السقي القادمة من سدّ أولوز لعدة أشهر، ما اضطرهم للتخلي عن مساحات واسعة من الضيعات الفلاحية، خاصة المزروعة بالحوامض.

مشاريع قديمة مثل مشروع إنقاذ الحوامض الذي دُشّن سنة 2009 بقيت دون أثر ملموس، فيما تتوالى النداءات من هيئات مهنية لإيجاد حلول استعجالية، من بينها إنشاء محطة لتحلية مياه البحر أو تحسين أنظمة الضخ والتوزيع.

لكن المفارقة أن الانقطاع لا يقتصر على مياه الري فحسب، بل طال مياه الشرب في أحياء مثل بنخيي والشرفا والدواوير المجاورة، ما يثير غضب السكان ويحوّل الأزمة إلى قضية حقوقية واجتماعية ملحّة.

الأزمة من منظور حقوقي واجتماعي

الماء الصالح للشرب حق أساسي منصوص عليه في الدساتير والمواثيق الدولية. في سبت الكردان، حرمان الأسر من هذا الحق يترجم إلى أعباء إضافية: نساء يقطعن مسافات طويلة لجلب الماء، أطفال تتأثر دراستهم وصحتهم، وتزداد أعباء الأسر المالية في شراء مياه بديلة.

الأبعاد الاقتصادية لا تقل خطورة: أنشطة صغرى كالزراعة المنزلية وتربية المواشي مهددة بالاندثار، بينما يشهد سوق العمل المحلي نزوحاً جزئياً لليد العاملة بعد انهيار مساحات الإنتاج الفلاحي.

أخنوش.. رئيس حكومة ورئيس جماعة

المفارقة التي تجعل سؤال أوزين أكثر إحراجاً هي أن أزمة سبت الكردان لا تقع بعيداً عن المجال السياسي لعزيز أخنوش. فهو ليس فقط رئيس الحكومة، بل أيضاً رئيس مجلس جماعة أكادير، التي يُفترض أنها تُمثل القلب النابض للمنطقة وتتحمل مسؤولية مباشرة في تحقيق “العدالة المجالية” التي تَعِد بها خطط التنمية.
وبينما يعقد مكتب المجلس اجتماعات متتالية حول تهيئة الطرقات، والفضاءات الخضراء، والمتاحف، والمسابح، تعيش ساكنة الكردان على وقع انقطاع الماء لساعات طويلة، في مفارقة صادمة بين ترف المشاريع الحضرية وعطش القرى والأحياء الشعبية.

الماء.. حق دستوري لا مجرد خدمة

أهمية السؤال البرلماني تكمن في كونه يضع إصبعه على جرح غائر: الماء ليس خدمة إضافية، بل حق دستوري.

فهل يحق للمغاربة أن يسألوا:

  • أين ذهبت الوعود الرسمية بتأمين الموارد المائية؟

  • لماذا تُركت جماعات بأكملها تواجه العطش في عزّ موجات الحر؟

  • وكيف يمكن لحكومة ترفع شعار “جودة العيش” أن تبرر فشلها في أبسط مقومات الحياة؟

الضرر الاجتماعي والاقتصادي المباشر

انقطاع الماء في سبت الكردان ليس مجرد مسألة يومية مرهقة، بل أزمة تمس صميم البنية الاجتماعية والاقتصادية:

  • الفلاحة: تقلص السقي يؤدي إلى خسارة المحاصيل وتراجع الإنتاج المحلي، ما يهدد مصدر رزق الفلاحين.

  • الهجرة الشبابية: يجد الشباب أنفسهم مضطرين للهجرة بحثاً عن فرص حياة كريمة، ما يؤدي إلى تفكك المجتمعات القروية.

  • الاحتقان الاجتماعي: شعور السكان بالتهميش واللامبالاة يمكن أن يتحوّل إلى توتر وغضب شعبي، ما يجعل الأزمة قضية سياسية بامتياز.

  • الاقتصاد المحلي: انخفاض النشاط الزراعي والحرفي يقلص الدخل المحلي ويزيد الفقر، بينما الأسر تنفق مبالغ إضافية على المياه البديلة.

المعارضة تصرخ بصوت واحد: أوزين

خرج أوزين بهذا السؤال ليؤكد أنه البديل البرلماني الذي يمثل المواطن، خصوصاً في غياب ردود فعل قوية من باقي الفاعلين السياسيين.
لكن يبقى السؤال مفتوحاً:

  • هل يكفي رفع الصوت داخل البرلمان ليمنح أوزين ثقة الشارع؟

  • أم أن المواطن ينتظر حلولاً عملية تتجاوز لغة الخطابة والأسئلة الكتابية؟

أوزين كبديل؟

لا يخفى أن خروج أوزين بهذا النوع من الأسئلة يعزز صورته كـ رجل المعارضة الأقوى حالياً، وربما كبديل مطروح لقيادة المرحلة المقبلة.

لكن يبقى السؤال مفتوحاً:

  • هل يكفي رفع الصوت داخل البرلمان ليمنح أوزين ثقة الشارع؟

  • أم أن المواطن ينتظر حلولاً عملية تتجاوز لغة الخطابة والأسئلة الكتابية؟

هكذا يتحوّل سؤال برلماني عن الماء إلى قضية رأي عام، تكشف تناقضات السلطة التنفيذية، وتُبرز محدودية وعود التنمية، وفي الوقت نفسه تمنح المعارضة بقيادة أوزين فرصة لتأكيد أنها ليست مجرد أرقام انتخابية، بل صوت المواطن حين يعجز الآخرون عن الكلام.