القطاع الصحي بالمغرب بين الاستراتيجية الطموحة والإكراهات الهيكلية: نقابة الصحة تكشف التحديات الحقيقية

0
576

انعقد اجتماع للمكتب الوطني للنقابة المستقلة لقطاعات الصحة، عضو اتحاد النقابات المستقلة بالمغرب، لمناقشة مستجدات القطاع، في سياق استراتيجية وزارة الصحة والحماية الاجتماعية نحو بناء منظومة صحية متكاملة. الاجتماع لم يقتصر على تكرار الأهداف الرسمية، بل تناول الأسباب العميقة للإكراهات التي تعيق تنفيذ الإصلاحات وتحقيق الجودة المنشودة في الخدمات الصحية.

أولاً: أهداف الوزارة بين الطموح والتحديات الواقعية

تؤكد النقابة أن وزارة الصحة وضعت خطة طموحة لتحقيق تغطية صحية شاملة، تطوير الموارد البشرية، تحسين البنية التحتية، ومكافحة الأمراض السارية وغير السارية.
لكن الواقع يشير إلى فجوة واضحة بين هذه الأهداف وطبيعة التحديات الميدانية:

  • نقص الموارد البشرية، خصوصاً الأطباء والممرضين المتخصصين، مما يضع ضغطاً مضاعفاً على المرافق الصحية ويعطل السير الطبيعي لها.

  • ضعف التنسيق بين المؤسسات الصحية المختلفة، مثل المستشفيات العمومية والمراكز الاستشفائية الجامعية، يؤدي إلى هدر في الموارد المتاحة وعدم توزيع متوازن للكوادر.

التحليل يطرح سؤالاً جوهرياً: هل الخلل سببه نقص الموارد فقط، أم أن هناك قصورًا هيكلياً وتنظيمياً يحتاج إلى معالجة جذرية؟

ثانياً: أزمة الموارد البشرية – جذورها وأبعادها

أشارت النقابة إلى أن النقص الحاد في الأطر الطبية المتخصصة ليس مجرد أزمة عابرة، بل نتيجة تراكمية لعدة عوامل:

  1. ضعف التخطيط الاستراتيجي لتوزيع الكوادر بين الجهات.

  2. قلة الحوافز للمهنيين للعمل في المناطق النائية أو ذات الاحتياجات الصحية العالية.

  3. غياب سياسات واضحة للاستقطاب والاحتفاظ بالمختصين.

نتيجة هذه الأزمة: احتجاجات متكررة من المواطنين، وإرهاق للعاملين الصحيين، وضعف جودة الخدمات، ما ينعكس مباشرة على مؤشر رضا المواطنين عن المنظومة الصحية.

ثالثاً: التنسيق بين المرافق الصحية – إشكالية التنظيم أكثر من الموارد

أبرز الاجتماع أن توزيع الموارد البشرية غالباً ما يتم بشكل منفصل بين وزارة الصحة والمراكز الاستشفائية الجامعية، رغم وجود إمكانية للاستفادة المشتركة:

  • تنظيم مباريات توظيف منفصلة يخلق فجوة في التوازن بين الجهات.

  • غياب سياسة تكاملية لتبادل الموارد والمعارف بين المؤسسات يعطل تحسين جودة الخدمات.

التساؤل الذي يطرحه التحليل: هل يمكن اعتبار هذا التقسيم المؤسسي سبباً رئيسياً في عدم فعالية الإصلاحات، أم أن الأمر يحتاج إلى إعادة هيكلة أوسع لمنظومة الحوكمة الصحية؟

رابعاً: تمثيلية الأطر الإدارية والتقنية – إنصاف أم إقصاء؟

تستمر فئات الأطر الإدارية والتقنية في مواجهة إقصاء غير مبرر من المجالس الإدارية للمجموعات الصحية الترابية، على الرغم من أدوارها المحورية:

  • تسوية هذا الوضع تتطلب مراجعة المادة 02 من المرسوم 2.23.1054 لتطبيق القانون رقم 08.22.

  • الإصلاح لن يتحقق إذا بقيت مشاركة هذه الفئات محدودة، ما يضعف أسس الإنصاف والمساواة داخل المنظومة.

تحليل الأسباب يكشف خللاً تشريعياً يتطلب تدخل عاجل من الجهات المعنية لضمان عدالة التمثيل.

خامساً: الحكامة والشفافية – مؤشرات على الزبونية؟

أشار أعضاء المكتب الوطني إلى مؤشرات توظيف غير عادل للصفقات العمومية واستغلال النفوذ، ما قد يعرض القطاع للفساد المالي:

  • تمكين شركات بعينها على حساب أخرى.

  • تضارب المصالح وضعف آليات الرقابة.

البحث عن السبب يظهر غياب آليات حقيقية لمراقبة الطلبيات والصفقات، ما يجعل الحاجة إلى مقاربة تشاركية وشفافة أمراً ملحاً.

خاتمة تحليلية:

الإصلاح الصحي بالمغرب، وفق النقابة، ليس مجرد ورش تقني، بل تحدٍ متكامل يجمع بين الموارد البشرية، الحوكمة، العدالة التمثيلية، والتخطيط الاستراتيجي.

  • توفير الأطر الصحية المؤهلة.

  • إصلاح التمثيلية العادلة لجميع الفئات.

  • تعزيز التنسيق بين المؤسسات الصحية.

  • اعتماد حكامة وشفافية فعالة في الصفقات العمومية.

الاستنتاج: بدون معالجة الأسباب الجذرية، ستظل كل المبادرات الإصلاحية عرضة للفشل، وسيبقى المواطنون والعاملون الصحيون عرضة لآثار النقص الهيكلي والإقصاء المؤسسي.