وزير الصحة في جولة بالناظور والدريوش: إطفاء لهيب الاحتجاجات أم بداية إصلاح عميق؟

0
272

لم يكن خروج وزير الصحة والحماية الاجتماعية، أمين التهراوي، إلى الناظور والدريوش يوم الأربعاء 17 شتنبر 2025، حدثًا بروتوكوليًا عاديًا، بل جاء في لحظة مشحونة كادت فيها شرارة الاحتجاجات الاجتماعية أن تخرج عن السيطرة، احتجاجات غذّاها الغضب من تردي الخدمات الصحية، ونقص الأدوية والأطر الطبية، وتعطل التجهيزات في عدد من المستشفيات.

زيارات بالجملة ورسائل بالغة الدلالة

الوزير استهل زيارته بالمستشفى الحسني بالناظور، حيث وقف على الخدمات المقدمة وعاين أقسام الجراحة والطب العام ووحدات المستعجلات. بعدها، توجه إلى ورش بناء المستشفى الإقليمي الجديد بسلوان، المشروع الذي يلتهم 560 مليون درهم ويعد بطاقة استيعابية تصل إلى 250 سريرًا، بنسبة تقدم 80%، مع وعد بفتحه في فبراير 2026.

“مقطع فيديو متداول من مستشفى الدريوش يُظهر مواطناً يواجه وزير الصحة قائلاً: الأطباء اللي كتشوفوهم اليوم كاملين ما كاينينش فالأيام العادية.. هاد الوجود غير قدام الكاميرات، ماشي قدام المرضى. هذا التصريح يفضح التناقض الصارخ بين ما يُعرض في الزيارات الرسمية وما يعيشه المواطن يومياً داخل المستشفيات.”

كما شملت الجولة المستشفى الإقليمي بالدريوش (150 سريرًا) ومستشفى القرب بميضار (45 سريرًا)، حيث استمع الوزير للأطباء والممرضين الذين قدموا تشخيصًا واقعيًا لمشاكل يومية: نقص الموارد البشرية، غياب صيانة الأجهزة، عجز التموين بالأدوية والمستلزمات الطبية.

بين الخطاب الملكي والانتظارات الشعبية

الوزير شدّد على أن الوزارة ستعمل على حل المشاكل المطروحة “في القرب العاجل”، وهي صيغة تحمل في طياتها وعودًا تحتاج إلى ترجمة فعلية على أرض الواقع.

لكن السؤال الجوهري يبقى: هل تكفي هذه الزيارات الميدانية لتهدئة الشارع وضمان تحول حقيقي في المنظومة الصحية، أم أن الأمر لا يعدو كونه محاولة لإطفاء الغضب؟

كل مسؤول عن رعيته: مسؤولية لا تحتمل التأجيل

المواطن البسيط لا يعنيه حجم الغلاف المالي للمشاريع بقدر ما يعنيه أن يجد سريرًا فارغًا، طبيبًا حاضرًا، ودواءً متوفرًا. هنا تُطرح أسئلة المسؤولية:

  • من يضمن صيانة هذه البنيات بمجرد افتتاحها؟

  • من يحاسب إذا تحولت المشاريع الكبرى إلى بنايات صامتة بلا أطر طبية كافية؟

  • هل تواكب التكوينات وتوظيف الأطر الطبية حجم هذه الاستثمارات الضخمة؟

  • وكيف يمكن كسر حلقة “افتتاح المشاريع – تدهور الخدمات – عودة الاحتجاجات” التي تطبع المشهد الصحي منذ سنوات؟

من الاحتجاج إلى الإصلاح؟

زيارات الوزير إلى الناظور والدريوش قد تُقرأ كخطوة أولى في مسار إصلاح شامل ينسجم مع التوجيهات الملكية الداعية إلى إعادة هيكلة المنظومة الصحية. لكنها في الآن نفسه تعكس حجم الهوة بين انتظارات المواطنين وواقع الخدمات اليومية. الإصلاح لا يقاس بعدد الزيارات ولا بحجم الميزانيات، بل بمدى شعور المواطن أن “الدولة موجودة في سريره الطبي وفي علاجه اليومي”.