هل يغرّد رئيس الحكومة خارج السرب؟ تصريحات أخنوش بين خطاب المنجزات وواقع “مستشفى الموت”

0
293
الصورة : موقع الأحرار

ألا يبدو أن هناك “مغربين”: مغرب الأرقام والافتتاحيات والمنتديات الدولية، ومغرب المستشفيات المكتظة والقرى المعزولة؟

في الوقت الذي لا تزال فيه صرخة “مستشفى الموت” في أكادير تتردّد أصداؤها بين الجنوب والشمال، ومع رسائل الأحزاب المعارضة والوقفات الاحتجاجية المتواصلة، خرج رئيس الحكومة عزيز أخنوش من مراكش ليلقي خطابًا عن “منجزات كبرى” في الصحة والتعليم والماء والسياحة.

لكن هل جاء هذا الخطاب منسجماً مع نبض الشارع، أم أنه محاولة لتثبيت سردية رسمية تُغطي على أزمة ثقة غير مسبوقة؟

الصحة بين “خطاب الإصلاح” وواقع المعاناة

أخنوش اعتبر أن حكومته قامت بعمل كبير في قطاع الصحة، مذكّرًا بترسانة القوانين وميزانيات جديدة ومستشفيات جامعية قيد الافتتاح. كما تباهى بإطلاق “المجموعات الصحية الترابية” التي ستتمتع بالاستقلالية في القرار. لكن هنا يطرح السؤال:

  • كيف يمكن للمغاربة أن يصدّقوا هذا الخطاب، بينما مشاهد الانتظار الطويل، والأقسام الفارغة من الأطباء، وانهيار البنيات التحتية ما زالت هي الصورة اليومية لمعظم المستشفيات؟

  • هل يكفي الإعلان عن مشاريع مستقبلية لطمس حقيقة مستشفيات تحوّلت إلى فضاءات للمعاناة والوفاة في صمت، كما هو الحال في أكادير وغيرها؟

وزير الصحة جاب الأقاليم في زيارات لتهدئة الغضب الشعبي، وأُعلنت إعفاءات بالجملة، لكن هذه الخطوات لم تقنع المواطنين ولا النقابات ولا الجمعيات.

فهل تصريحات رئيس الحكومة اليوم جاءت لفتح جبهة جديدة مع الشارع والأطباء، أم هي تمهيد لمعركة انتخابية يُراد منها قلب الموازين؟

التعليم: “مدارس الريادة” أم صناعة واجهة انتخابية؟

أخنوش أعاد التذكير ببرنامج “مدارس وإعداديات الريادة”، الذي يُراد له أن يشمل جميع المؤسسات بحلول 2027. خطابٌ يركز على “تكوين ذي جودة للجميع” ويشيد بمجهودات رجال التعليم. لكن السؤال:

  • أليس هذا البرنامج نسخة من مبادرات سابقة طُبّقت ولم تُحدث القطيعة المطلوبة مع أزمة المدرسة العمومية؟

  • وهل يكفي الحديث عن “مدارس رائدة” في غياب معالجة جدّية لهجرة الأطر التربوية، وضعف البنيات، وتفاوت الفرص بين المجال الحضري والقروي؟

زلزال الحوز: خطاب الأرقام أم خطاب الإنسان؟

رئيس الحكومة عدّد منجزات حكومته بعد الزلزال: من بناء 51 ألف منزل إلى إصلاح الطرق والسواقي والمراكز الصحية. أرقام تبدو ضخمة على الورق، لكنها تفتح أسئلة لا تقل أهمية:

  • هل هذه المنجزات انعكست فعلاً على حياة المنكوبين الذين لا يزال بعضهم يعيش في الخيام؟

  • وهل يقتصر تقييم الأداء على ما “أُنجز رقمياً”، أم على ما يحسه المواطن في يومياته من كرامة واطمئنان؟

السياحة وكأس إفريقيا ومونديال 2030: إنجازات النخبة أم أولويات المواطن؟

أخنوش لم ينس أن يربط مراكش بالتحضير لكأس إفريقيا للأمم 2025 ومونديال 2030، مؤكدًا على مشاريع التوسعة بالمطار والرهان على بلوغ 20 مليون سائح. وهنا تُطرح أسئلة جوهرية:

  • هل يشعر المواطن البسيط في مراكش أو أكادير أو الحوز أن هذه الأرقام تعنيه مباشرة؟

  • ألا يبدو أن هناك “مغربين”: مغرب الأرقام والافتتاحيات والمنتديات الدولية، ومغرب المستشفيات المكتظة والقرى المعزولة؟

السياسة والانتخابات: بين الحفاظ على التوازنات وتحدي المعارضة

أخنوش شدد على أن السنة الأخيرة من عمر الحكومة ستكون سنة إنجازات وسنة انتخابية في آن واحد. وأكد مسؤوليته في الحفاظ على تماسك الأغلبية وإيصال “قطار البرامج التنموية إلى محطته الأخيرة”. لكن هذه الرسائل تُطرح بحدة:

  • هل ينجح رئيس الحكومة في إقناع الناخبين بخطاب “المنجزات” في وقت تغلي فيه الشوارع بالغضب من غلاء المعيشة وتدهور الخدمات؟

  • أم أن الانتخابات المقبلة قد تكون بالفعل “القشة التي تقصم ظهر البعير” وتقلب موازين السلطة؟

خلاصة تحليلية

تصريحات أخنوش من مراكش تعكس ازدواجية واضحة: بين سردية رسمية تُصرّ على نجاح الإصلاحات، وبين واقع ميداني ينطق بالاحتجاجات، رسائل المعارضة، وشهادات المرضى وذويهم. الخطاب بدا كأنه محاولة لإعادة رسم صورة حكومة منهكة وهي على أبواب امتحان انتخابي قد يكون مصيريًا.

لكن السؤال الأكبر يظل معلقًا: من المستفيد من هذا الخطاب الآن؟

  • هل هو الشارع الذي يطلب حلولًا عاجلة لأزمة الصحة والتعليم؟

  • أم هي الآلة الانتخابية لحزب يقيس نجاحه بما يُعلن على المنصات لا بما يعيشه المواطن في أقسام المستشفيات وفصول المدارس؟