المغرب والهند: شراكة دفاعية تفتح الباب أمام صناعة عسكرية في شمال أفريقيا

0
215
صورة: مواقع التواصل

شهدت مدينة برشيد حدثاً استثنائياً بإشراف وزير الدفاع الهندي راجناث سينغ على تدشين منشأة جديدة لشركة Tata Advanced Systems لإنتاج المدرعة القتالية ذات العجلات (WhAP 8×8). خطوة وُصفت من الجانب الهندي بأنها “محطة مهمة” في مسار التعاون الدفاعي العالمي، لكنها بالنسبة للمغرب تتجاوز كونها مجرد استثمار صناعي لتلامس أبعاداً جيوسياسية واقتصادية واستراتيجية كبرى.

من “صنع في الهند” إلى “صنع في العالم”

خطاب الوزير الهندي أبرز أن هذا المشروع يندرج في فلسفة الهند القائمة على نقل خبرتها الدفاعية إلى شركاء استراتيجيين، حيث تتحول الصناعات العسكرية الهندية من تلبية الحاجات المحلية إلى المشاركة في بناء قدرات الدول الصديقة. غير أن السؤال الذي يفرض نفسه:

  • هل سيبقى المغرب مجرد ساحة للتجميع والتوريد، أم سيتحول فعلاً إلى طرف فاعل في تطوير التكنولوجيا الدفاعية؟

أبعاد اقتصادية مباشرة

المشروع سيوفر فرص عمل للمهندسين والفنيين واليد العاملة المغربية، كما سيفتح المجال أمام الشركات المحلية الصغيرة للدخول في سلاسل التوريد. لكن، على المدى المتوسط والبعيد:

  • هل ستخلق هذه المنشأة نواة حقيقية لصناعة عسكرية وطنية أم ستبقى رهينة لشركة أجنبية تتحكم في التكنولوجيا والقرار؟

  • وهل سيستفيد المغرب من هذه التجربة لتوسيع تعاقداته مع دول أخرى، مثل تركيا أو كوريا الجنوبية، لخلق منافسة تضمن نقل المعرفة وليس فقط استيرادها؟

البعد الاستراتيجي

وزير الدفاع الهندي شدّد على أن موقع المغرب يجعله بوابة طبيعية لأفريقيا، ورابطاً بين أوروبا والشرق الأوسط والمحيط الأطلسي. هذا التوصيف يفتح المجال للتساؤلات:

  • هل تسعى الهند إلى جعل المغرب منصة لتصدير السلاح نحو أفريقيا بدل الاكتفاء بالسوق المحلية؟

  • ما الذي سيعنيه ذلك بالنسبة لمكانة المغرب في سوق السلاح الإقليمي الذي يهيمن عليه تقليدياً لاعبان كبار مثل فرنسا وروسيا والولايات المتحدة؟

السيادة العسكرية: بين الطموح والواقع

وزير الدفاع الهندي أكد أن المشروع يحترم السيادة ويعزز القدرات المحلية، لكن واقع الصناعات الدفاعية عادةً ما يُظهر تبعية طويلة الأمد لمصادر التكنولوجيا.

  • إلى أي مدى يمكن للمغرب أن يوازن بين طموحه في الاستقلال الصناعي العسكري وبين اعتماده على شريك أجنبي يملك التكنولوجيا والبراءات؟

  • هل سنشهد مستقبلاً جيلاً من المدرعات “صنع في المغرب” بالكامل، أم سيظل الأمر مقتصراً على نسب تجميع ترتفع تدريجياً؟

انعكاسات على السياسة الإقليمية

دخول الهند بقوة إلى الساحة المغربية ليس معزولاً عن تنافس القوى الكبرى في شمال أفريقيا. فهو يفتح صفحة جديدة في العلاقات المغربية-الهندية التي شملت سابقاً مجالات الأسمدة والطاقة المتجددة والتكنولوجيا والسياحة.

  • هل يمكن أن يُترجم هذا التعاون العسكري إلى تقارب سياسي أكبر في القضايا الدولية، مثل ملف الصحراء المغربية أو مواقف الهند من التوازنات في أفريقيا؟

  • وكيف ستنظر الصين، منافس الهند المباشر، إلى هذا التمدد الصناعي في بلد يعتبر محورياً في القارة الأفريقية؟

الخلاصة

افتتاح منشأة “تاتا” في برشيد ليس مجرد خبر اقتصادي عابر، بل هو نقلة نوعية تضع المغرب على خريطة الصناعات الدفاعية في أفريقيا. لكنه في الوقت نفسه يطرح على صانع القرار المغربي أسئلة دقيقة حول كيفية استثمار هذه الخطوة لبناء صناعة عسكرية وطنية حقيقية، بدل أن تبقى مجرد قاعدة خلفية لمصالح شركاء خارجيين.