إعفاءات ضريبية سخية للرياضة المغربية… إصلاح أم محاولة تجميل في نهاية الولاية الحكومية؟

0
263

رغم سخاء الامتيازات الضريبية التي أعلن عنها فوزي لقجع، الوزير المنتدب المكلف بالميزانية، ما تزال النتائج الرياضية الوطنية تراوح مكانها: من ريو إلى طوكيو وصولاً إلى باريس، نفس الإخفاقات تتكرر، بينما يظل السؤال معلقاً: هل نحن أمام إصلاح حقيقي للرياضة المغربية أم مجرد خطوة سياسية لتزيين حصيلة حكومية في سنتها الأخيرة؟

وعود على الورق: إعفاءات شاملة وحوافز مغرية

لقجع كشف عن حزمة واسعة من الامتيازات:

  • إعفاء كلي للجمعيات والجامعات الرياضية من الضريبة على الشركات.

  • تحفيز التحول نحو الشركات الرياضية مع حياد ضريبي كامل.

  • إعفاءات تمتد لخمس سنوات للشركات الرياضية الجديدة.

  • خصومات تصل إلى 90% من الأجور المدفوعة للرياضيين والمدربين في مرحلة انتقالية.

  • تخفيضات تدريجية في الضريبة على الشركات إلى غاية 2026.

على الورق، تبدو هذه الإجراءات ثورية، إذ توفر للقطاع الرياضي المغربي فرصة سانحة للانتقال إلى عصر الاحترافية، وتضعه في خانة الامتيازات التي حظيت بها قطاعات اقتصادية كبرى.

المعضلة الكبرى: المال بلا نتائج

غير أن الصورة على الأرض مختلفة. فالرياضة المغربية، باستثناء بعض النجاحات الفردية المعزولة، تعيش إخفاقاً مزمناً في المحافل الدولية. منذ عقود، والنتائج تكاد تكون نسخة طبق الأصل: حضور محتشم في الدورات الأولمبية، ميداليات قليلة لا تعكس حجم الاستثمارات ولا الدعم العمومي.

في المقابل، دول مثل كينيا وإثيوبيا اعتمدت على تكوين صارم للرياضيين في الفئات الصغرى، لا على الامتيازات الضريبية، وحققت هيمنة عالمية في ألعاب القوى. أما إسبانيا، فقد بنت نموذجها الرياضي على إصلاح الجامعات وتطوير البنية التحتية للأندية، فتحولت في غضون عقدين إلى قوة أولمبية وكروية.

الفرق بيننا وبين تلك التجارب يكمن في وضوح الاستراتيجية وصرامة التتبع، لا في حجم الحوافز المالية.

الإيجابيات المحتملة

  • إطار قانوني أكثر جاذبية للاستثمار: يمكن لهذه الإعفاءات أن تفتح الباب أمام الشركات الخاصة والمستثمرين لدخول عالم الرياضة، ما قد يرفع الميزانيات الموجهة للأندية.

  • تخفيف الأعباء على الجامعات والجمعيات: ما يمنحها مرونة أكبر لتوجيه مواردها نحو التكوين والبنية التحتية.

  • تشجيع الاحترافية: الإعفاءات على الأجور قد تحفز الرياضيين على توقيع عقود احترافية حقيقية، بدل الاكتفاء بالهواية.

المخاطر والسلبيات

  • استغلال الامتيازات دون مردودية رياضية: كما حدث سابقاً مع برامج مثل “مقاولتي”، حيث استُغلت الامتيازات المالية دون نتائج ملموسة.

  • غياب آليات التتبع والرقابة: لا توجد ضمانات حقيقية بأن الأموال ستوجه لتطوير التكوين والبرامج الرياضية بدل تغطية العجز الإداري.

  • التناقض بين السياسات والنتائج: الدعم المالي يتوسع، لكن الميداليات تبقى نادرة، والجماهير تفقد الثقة في وعود الإصلاح.

أسئلة بلا أجوبة

  • ما الذي تريده الحكومة فعلاً من هذه الخطوة في سنتها الأخيرة: إصلاح حقيقي أم مجرد واجهة لتجميل حصيلة باهتة؟

  • كيف يمكن ربط الإعفاءات الضريبية بمؤشرات أداء رياضي ملموسة؟

  • هل هناك استراتيجية وطنية متكاملة لتأهيل الرياضيين والمدربين كما فعلت تجارب دولية ناجحة؟

  • أين موقع الشفافية والحوكمة في تدبير هذا الدعم المالي السخي؟

خلاصة

ما قدمه لقجع ليس خطوة بسيطة، بل هو سياسة مالية ضخمة قد تغيّر معالم الرياضة المغربية إذا أحسن تدبيرها. لكن الخطر الأكبر أن تتحول هذه الامتيازات إلى مجرد أداة لتلميع صورة حكومة في أمتارها الأخيرة، بينما يستمر الواقع الرياضي في إنتاج نفس النتائج الهزيلة.

الرياضة المغربية لا تحتاج فقط إلى إعفاءات ضريبية، بل إلى ثورة في التسيير، التخطيط والتكوين، وإلى ربط الدعم العمومي بنتائج ملموسة، لا بالشعارات.