بنكيران يطلق التحذير: المغرب على مفترق طرق مع احتجاجات جيل Z وسياسات “البزنس” في الحكم

0
276

في خطاب ناري أثار اهتمام الرأي العام المغربي، خرج الأمين العام السابق لحزب العدالة والتنمية عبد الإله بنكيران بتحذيرات قوية تجاه الحكومة الحالية بقيادة عزيز أخنوش، مؤكدًا أن احتجاجات شباب جيل Z تمثل إنذارًا سياسيًا واجتماعيًا خطيرًا قد يفتح الباب أمام تحولات غير متوقعة في المشهد الوطني.

تصريحات بنكيران لم تقتصر على النقد التقليدي، بل قدّمت قراءة معمقة لطبيعة الأزمة الحالية، محورها شعور الشباب بالإقصاء والتهميش، وتدهور ثقة المواطنين في المؤسسات، وهو ما قد يُفسر جزءًا من الغضب المتصاعد في الشارع المغربي.

سياق التصريحات:

تصريحات بنكيران جاءت على خلفية خروج احتجاجات متفرقة لشباب جيل Z في عدة مدن مغربية، مطالبين بالفرص الاقتصادية والعدالة الاجتماعية ومحاسبة المسؤولين عن اختلالات في السياسة العامة. بنكيران أشار بشكل مباشر إلى أن هذه الاحتجاجات ليست مجرد غضب عابر، بل هي مؤشر على حالة استياء عميق متجذر لدى فئة شبابية ترى أن المؤسسات السياسية لا تعبّر عنها وأن الحكومة الحالية تعمل وفق منطق “البزنس” وليس السياسة الوطنية.

وقال بنكيران: “السياسة شيء والبزنس شيء آخر… الحكومة اليوم حكومة بزنس، تعمل على الربح السياسي والاقتصادي، وليس على مصلحة المواطن.” هذا التحليل يعكس مخاوفه من أن استمرار هذه المنهجية قد يؤدي إلى فقدان شرعية الحكومة لدى قطاع واسع من المواطنين، خصوصًا الشباب.

تحليل مضمون التحذيرات:

  1. جيل Z في قلب الأزمة:
    بنكيران ركز على أن الاحتجاجات الشبابية ليست عابرة أو محلية، بل تمثل جزءًا من تحرك وعي سياسي جديد لدى جيل Z، الذي يعتبر أن وسائل التعبير التقليدية عن المشاركة السياسية لم تعد كافية. هذا الجيل، الذي تربى في ظل ثورة رقمية وتطور اقتصادي واجتماعي متفاوت، يرى في الاحتجاج وسيلة ضغط على الحكومة لإحداث تغييرات ملموسة. التحليل السياسي هنا يشير إلى أن أي تجاهل لمطالب هذه الفئة قد يؤدي إلى توترات أكبر قد تتسع رقعتها.

  2. النقد الحاد لمنطق الحكومة الحالي:
    بنكيران لم يكتف بالتحذير من احتجاجات الشباب، بل هاجم ما أسماه “حكومة البزنس”، مشيرًا إلى أن التعيينات الحكومية تتم غالبًا على أساس القرابة الحزبية أو العائلية أو المصالح الاقتصادية، وليس الكفاءة. وقال: “ما تشوفوش شي واحد تعين بسبب الكفاءة… القرابة والعلاقات الحزبية هي التي تحدد من يتولى المناصب.” هذا الانتقاد يعكس مخاوف من استمرار منطق المحسوبية الذي قد يزيد الهوة بين المواطن والدولة.

  3. استراتيجيات الحكومة والشرعية الشعبية:
    في تصريحاته، أبرز بنكيران كيف أن الحكومة، رغم امتلاكها وسائل السلطة والتأثير، تواجه مشكلة شرعية حقيقية: “السياسة تحتاج إلى الصدق والشفافية… الشعب سيكتشف كل شيء في النهاية.” التحليل هنا يوضح أن بنكيران يربط بين الاحتجاجات الشعبية وتراجع الثقة في مؤسسات الدولة، مؤكدًا أن استمرار الحكومة في تجاهل المطالب الاجتماعية والاقتصادية للشباب قد يفاقم الأزمة.

  4. الدور الرمزي للملك والشباب:
    بنكيران أعاد تأكيد دوره الدستوري للملك في حماية مصالح المواطنين، مشيرًا إلى أن الملك محمد السادس “هو ملك الشباب والحماية الوطنية”. هذا الطرح يوضح أن بنكيران يحاول تقديم قراءة متوازنة: الانتقاد للحكومة لا يعني رفض المؤسسات العليا، بل دعوة لإصلاح الإدارة والسياسة وفق معايير العدالة والكفاءة.

قراءة في المخاطر التي يراها بنكيران:

بنكيران أشار إلى مجموعة من المخاطر المباشرة وغير المباشرة، أهمها:

  • توسع الاحتجاجات الشبابية: مع استمرار الإقصاء الاقتصادي والاجتماعي، قد تتوسع حركة احتجاجية أكثر تنظيماً، وربما تتطور إلى أزمات محلية أو وطنية.

  • فقدان الثقة في المؤسسات: استمرار التعيينات على أساس القرابة أو المصالح الاقتصادية يهدد شرعية الحكومة ويزيد الاستياء الشعبي.

  • تأثير الاقتصاد على السياسة: بنكيران يرى أن دمج مصالح البزنس في قرارات الحكومة يعرض السياسة الوطنية للخطر، ويحولها إلى لعبة مصالح اقتصادية على حساب المصلحة العامة.

  • تأثير هذه الديناميات على الاستقرار السياسي والاجتماعي: من منظور بنكيران، أي تجاهل لمطالب الشباب قد يؤدي إلى “نتائج غير محسوبة”، في إشارة ضمنية إلى سيناريوهات مشابهة لما شهدته بعض الدول خلال احتجاجات اجتماعية واسعة في العقد الأخير.

نقد وتفسير تصريحات بنكيران:

  1. اللغة الحادة والنبرة التحذيرية:
    خطاب بنكيران اعتمد على لغة تحذيرية مباشرة، وهو ما يعكس شعوره بالمسؤولية تجاه ما يراه “خطرًا داهمًا على استقرار البلاد”. استخدامه كلمات مثل “جيل Z”، “حكومة البزنس”، و”الشعب سيكتشف الحقيقة” يشير إلى محاولة لإيقاظ الوعي الشعبي وإثارة النقاش حول اختلالات السلطة الحالية.

  2. قراءة بين السطور:
    ما بين السطور، يظهر أن بنكيران يحذر من استمرار نموذج السلطة الذي يركز على الربح السياسي والمصالح الاقتصادية على حساب الكفاءة والعدالة الاجتماعية. التحليل السياسي هنا يشير إلى أن الرسالة موجهة داخليًا للحكومة وأحزاب التحالف، وكذلك خارجيًا للشعب المغربي، لإظهار موقفه من القضايا الوطنية بشكل واضح.

  3. تأكيده على العدالة والحماية القانونية:
    بنكيران كرر عدة مرات أنه لم يتجاوز القانون أثناء فترة حكمه، مشيرًا إلى نزاهته والتزامه بالقضاء. هذا التأكيد ليس مجرد دفاع شخصي، بل رسالة سياسية مفادها أن الإصلاح السياسي والإداري ممكن إذا ما تم الاعتماد على الكفاءة والمصلحة العامة، بعيدًا عن المحسوبية والزبونية.

الاستنتاج:

تصريحات عبد الإله بنكيران تشكل إنذارًا مزدوج الأبعاد: داخليًا للحكومة ولأحزاب التحالف حول ضرورة تصحيح السياسات الإدارية والاقتصادية، وخارجيًا للشعب حول أهمية متابعة الأداء الحكومي والضغط من أجل الشفافية والعدالة الاجتماعية. التحليل المعمق يظهر أن الاحتجاجات الشبابية تمثل فرصة لتجديد الخطاب السياسي، ولكنها أيضًا تحدٍ حقيقي إذا لم يتم التعامل معها بذكاء واستراتيجية واضحة.

في ظل هذه المعطيات، يبدو أن المغرب أمام مفترق طرق: إما أن تتبنى الحكومة سياسات إصلاحية تحمي الشباب وتحقق مطالبهم المشروعة، أو أن تتجاهلها وتزيد من عمق الأزمة السياسية والاجتماعية. بنكيران يحذر، والشارع ينتظر، وجيل Z في صلب المعادلة، حاملاً رسالة قوية لا يمكن تجاهلها.

“ردود فعل حقوقية وحزبية غاضبة: ماذا تكشف اعتقالات جيل زد 212 عن أزمة الثقة بالمغرب؟”