الأزمة تتعمق
المدن المغربية اليوم ليست مجرد ساحات احتجاج، بل مسرح أزمة استراتيجية بين جيل جديد يرفض السكوت ودولة تراهن على القمع بدل الإصلاح.
نهج الحكومة في مواجهة الشباب، بسياسة القبضة الأمنية، الاعتقالات الجماعية، وتهميش المطالب المشروعة، ليس جديدًا، لكنه واضح: السلطة تختبر قدرة الدولة على فرض النظام بالقوة.
لكن التاريخ والتجارب المحلية والدولية تؤكد شيئًا واحدًا: القمع لن ينهي الاحتجاج، بل يزيد الطين بلة.
تحليل المنهجية الحكومية: لماذا القمع لن يفلح
-
التجارب السابقة في المغرب وخارجها تظهر أن القمع يولد تصعيدًا مضادًا. الشباب الذي يواجه الرصاص أو الاعتقال غالبًا ما يصبح أكثر تصميمًا على المطالبة بالحقوق.
-
سياسة “الإنكار والإرهاب الرمزي” تجاه المطالب الاجتماعية، كما حدث في الصحة والتعليم والبطالة، تؤدي إلى تراكم الغضب الاجتماعي، وتوسع دائرة الاحتجاجات.
-
منع الاحتجاجات وحظر المسيرات لا يخفي الغضب، بل يجعله أكثر تحت السطح، مشحونًا ومستعدًا للانفجار.
الدرس المستفاد: الدولة التي تختار القمع بدل الحوار تختار التصادم المستمر مع المستقبل.
دروس وتجارب من الخارج
-
في العديد من الدول، مثل بعض دول الشرق الأوسط وأمريكا اللاتينية، رفض الحكومات الحوار مع الشباب أدى إلى موجات احتجاجية غير مسبوقة، وتغيير أنظمة كاملة.
-
الدول التي نجحت في تجاوز الأزمات الاجتماعية فتحت قنوات حقيقية للحوار، ومنحت الشباب دورًا في صنع القرار، فخفف الغضب وتحولت الأزمة إلى فرصة للتغيير.
خيارات الدولة الآن: الحوار أو الانفجار
الحكومة أمام مفترق طرق حقيقي:
-
فتح حوار حقيقي مع الشباب: الاستماع لمطالبهم، وإشراكهم في قرارات الصحة والتعليم والاقتصاد.
-
استقالة الحكومة الحالية: إما تشكيل حكومة كفاءات وطنية مستقلة، أو حكومة تمثل الشعب بشكل مباشر بعيدًا عن المحاصصة الحزبية التقليدية.
-
استمرار القمع: مخاطرة بتصعيد الاحتجاجات، وتحويل موجة الغضب إلى أزمة وطنية لا يمكن السيطرة عليها، وربما الضغط على مؤسسات الدولة كلها.
أسئلة استراتيجية مفتوحة
-
هل ستستمع السلطة لصوت شبابها قبل أن تتحول الاحتجاجات إلى موجة شاملة؟
-
هل جيل Z قادر على استدامة الضغط السياسي إذا تجاهلته الدولة؟
-
هل المجتمع المدني والمؤسسات الحقوقية قادرة على حماية المطالب المشروعة أم ستترك الشباب وحيدين أمام القمع؟
-
كيف ستتعامل الملكية مع الأزمة إذا وصل التوتر إلى حدود لا يمكن السيطرة عليها؟
-
هل المغرب مستعد لتجربة حكومة من الشعب مباشرة، بعيدًا عن الأحزاب التقليدية، كخيار للخروج من الأزمة؟
خاتمة: التحذير
النهج القمعي الذي اعتمدته الدولة منذ سنوات لم يفلح ولن يفلح. المستقبل يطرح سؤالًا حاسمًا: هل ستختار الحكومة الحوار والإصلاح الجذري، أم ستصر على القمع، فيصبح المغرب على حافة انفجار اجتماعي كامل؟
الشرارة موجودة، لكنها تحتاج فقط إلى قرار شجاع اليوم، قبل أن تتحول إلى موجة لا يمكن إيقافها غدًا.