“المعارضة الإسلامية”: التردد في تطبيق الخيار الديمقراطي يخرج الشباب للاحتجاج

0
155

في خضم الاحتجاجات الشبابية الأخيرة، برزت أصوات متباينة تعكس استياءً عميقاً من الواقع السياسي والاقتصادي والاجتماعي بالمغرب. حزب العدالة والتنمية، الذي يمثل المعارضة الإسلامية، لم يتأخر في تقديم قراءة تحليلية لهذه التحركات الشعبية، مؤكداً أن الأزمة الراهنة لم تولد من فراغ، بل هي نتاج تراكم اختلالات سياسية واجتماعية واقتصادية.

وفق بيان صادر عن أمانته العامة، يرى الحزب أن الإجراءات الحكومية المتعاقبة استهدفت بشكل خاص الفئات الهشة والفقيرة، مصحوبة بتضارب مصالح واضح واستغلال نفوذ وإعادة منطق التحكم بأبعاده الاقتصادية والسياسية والإعلامية، إلى جانب تردد واضح في تطبيق الخيار الديمقراطي.

هذه التركيبة، وفق الحزب، خلقت شعوراً بعدم الإنصاف والعدالة لدى المواطن العادي، خاصة الشباب، ودفعته إلى التعبير عن غضبه في الشارع.

اختلالات شاملة: من التعليم والصحة إلى الدعم الاجتماعي

البيان لم يقتصر على النقد العام، بل تناول اختلالات ملموسة في إدارة الدولة: تعثر إصلاح منظومة التعليم والصحة، ضرب المستشفى العمومي، حرمان العديد من المواطنين من التغطية الصحية ومن الدعم المالي للأرامل، وإضعاف القدرة الشرائية. كما أشار إلى منح امتيازات ضريبية وجمركية لأشخاص ذوي قرابة عائلية أو حزبية، ما يعكس تراجع العدالة في توزيع الموارد العامة.

يطرح هذا المشهد سؤالاً كبيراً: كيف يمكن أن تُبنى ثقة المواطن بالدولة إذا شعر أن القرارات الاقتصادية والاجتماعية تتخذ وفق منطق المحاباة والمصالح الخاصة؟ وكيف يمكن للشباب أن يشارك في الحياة العامة إذا شعر أن أصواتهم وتطلعاتهم تُهمش؟

الإعلام والدور الحاسم للهيئات الرقابية

بعد موجة الاحتجاجات الأخيرة، سعت الحكومة إلى إظهار تحركها عبر الإعلام، من خلال ظهور وزرائها في برامج تلفزيونية مختلفة. إلا أن حزب العدالة والتنمية وصف هذا التحرك بأنه غير مسبوق وغير مفيد، ويغيب دور المعارضة، مطالباً الهيئة العليا للاتصال السمعي البصري بالتدخل لضمان التعددية وإتاحة الوصول العادل والمتوازن لجميع الأطراف السياسية والنقابية والمدنية.

السؤال الذي يطرح نفسه هنا: هل يمكن للإعلام أن يكون مجرد أداة للتغطية الرسمية، أم أنه يجب أن يكون فضاءً حقيقياً للنقاش الديمقراطي والمساءلة والمراقبة؟

دعوة لليقظة والمبادرة المحلية

البيجيدي لم يقتصر على النقد، بل دعا هيئاته إلى مراقبة تنفيذ برامج التنمية المحلية وتقييم فعاليتها، لضمان أن تحقق هذه البرامج العدالة الاجتماعية وتقليص الفوارق الجغرافية. التركيز على فرص الشغل للشباب، تطوير التعليم والصحة، وتوزيع المشاريع الكبرى بشكل متوازن، يمثل في نظر الحزب مفتاحاً لتحقيق التنمية الحقيقية والاستقرار الاجتماعي.

التردد في تطبيق الديمقراطية: جوهر الأزمة

الحزب أكد أن الوضع الراهن هو انعكاس مباشر للتردد في تطبيق الخيار الديمقراطي، ما أنتج مؤسسات تمثيلية ضعيفة وعاجزة عن أداء أدوارها في التأطير والتواصل مع المواطنين والتفاعل مع احتجاجاتهم باستباقية وفعالية.

هنا يطرح السؤال نفسه: هل يمكن أن تكون الانتخابات وحدها كافية لتحقيق الشرعية والمصداقية، أم أن الأمر يتطلب إعادة بناء مؤسسات قوية ومؤطرة فعالة قادرة على استيعاب مطالب الشعب وتطلعاته؟

نحو مؤسسات قوية وشفافة

في النهاية، يرى الحزب أن مواجهة التحديات السياسية والاجتماعية والاقتصادية تتطلب إعادة الاعتبار للخيار الديمقراطي، من خلال تنظيم انتخابات حرة ونزيهة وشفافة، تؤدي إلى انتخاب مؤسسات قوية وذات مصداقية، قادرة على:

  • التواصل المستمر مع المواطنين واستيعاب احتجاجاتهم.

  • وضع برامج تنموية متوازنة تحقق العدالة الاجتماعية والمجالية.

  • ضمان توزيع المشاريع الكبرى والبرامج الاجتماعية بشكل عادل عبر كل التراب الوطني.

أسئلة للقارئ للتأمل

  • هل يمكن للمؤسسات الحالية أن تتحول فعلاً إلى أدوات لتحقيق العدالة الاجتماعية والمجالية؟

  • كيف يمكن للشباب أن يكونوا جزءاً فاعلاً في صياغة القرارات وتنفيذها، بعيداً عن منطق المحاباة والتحكم؟

  • ما الدور الذي يمكن للإعلام والمجتمع المدني لعبه في ضمان الشفافية والمساءلة؟

خاتمة

ما تكشفه هذه الأزمة ليس مجرد فشل مؤسساتي، بل انعكاس حقيقي للتحديات التي تواجه الخيار الديمقراطي في المغرب. قراءة حزب العدالة والتنمية تدعو إلى اليقظة والتفاعل المستمر، مع التركيز على بناء مؤسسات قوية وشفافة قادرة على حماية الحقوق وتحقيق العدالة الاجتماعية، بما يعكس تطلعات الشباب ويضمن استقرار المجتمع بأكمله.