عزيز أخنوش يدعو الوزراء إلى الإصغاء…هل سيكون الوسيط جسرًا لإنصاف الجامعة الملكية للجيوجيتسو البرازيلي؟

0
223

حين دعا رئيس الحكومة، عزيز أخنوش، الوزراء والمسؤولين إلى تعزيز التواصل والتعاون مع مؤسسة وسيط المملكة، بدا وكأنه يفتح صفحة جديدة في علاقة الدولة بالمواطن.

لكن خلف هذه الدعوة، تلوح قضايا حقيقية يعيشها مغاربة كُثر، ممن طرقوا أبواب الإدارات بلا جواب، ووجدوا أنفسهم في مواجهة جدار الصمت الإداري.

وهنا يبرز السؤال الجوهري: هل سيكون الوسيط فعلًا هو الحل؟ أم مجرّد واجهة لسياسة “تدبير الغضب”؟

من النص إلى الممارسة… عندما تصبح الشكاية صرخة

النصوص القانونية لا تُقاس بجمال صياغتها، بل بمدى قدرتها على إنصاف الناس. وفي هذا السياق، يمكن أن تُشكّل قضية الجامعة الملكية للجيوجيتسو البرازيلي، برئاسة الصحفي والخبير الرياضي جمال السوسي، نموذجًا حيًا لاختبار مدى جدية منشور رئيس الحكومة.

فالجامعة التي نالت اعترافها الرسمي منذ عام 2018 بموجب قرار وزاري وقانون أساسي مطابق لمقتضيات القانون 30.09، تعيش منذ سنوات حالة تجميد إداري غير معلن. مديرية الرياضة –التي يفترض أن تؤطّر وتدعم– تتعامل معها كما لو كانت كيانًا غير مرغوب فيه، فتحرمها من الدعم، وتتجاهل مراسلاتها، وتُقصيها من البرامج الوطنية، بذريعة “إعادة الهيكلة”.

لكن أي هيكلة هذه التي تبدأ بالإقصاء؟ وأي إصلاح يُبنى على تهميش مؤسسة قانونية قائمة؟

الوسيط كآخر باب

هنا يطرح السؤال نفسه من جديد: هل يمكن لمؤسسة وسيط المملكة أن تتدخل في مثل هذه الحالات التي تمسّ جوهر العدالة الإدارية في المجال الرياضي؟ أليست هذه المؤسسة، التي دعا أخنوش إلى تمتين جسورها مع الإدارات، هي المكان الطبيعي الذي يُفترض أن يلجأ إليه كل من تعرض لظلم مؤسسي؟

إن قضية الجيوجيتسو ليست مجرد صراع حول اعتماد أو ميزانية، بل اختبار لقدرة الدولة على حماية المصلحة العامة من حسابات النفوذ. فإذا كان الوسيط فعلًا “ضمير الإدارة”، فهل سيتحرك في مواجهة إدارات تمتنع عن تنفيذ القانون أو تُمارس التهميش باسم السلطة؟

بين الشكاية الفردية والأزمة الهيكلية

منشور رئيس الحكومة أشار إلى “صعوبات وإكراهات” تعيق التواصل مع مؤسسة الوسيط، منها غياب المخاطب الدائم في الإدارات أو ضعف التفاعل مع المراسلات. لكن خلف هذه الصيغة الإدارية الجافة تختبئ أزمة بنيوية أعمق: إدارة لا ترى في المواطن شريكًا، بل متطفلًا على القرار. وحين يتحوّل الإهمال إلى سياسة، تصبح الشكاية مجرّد وثيقة ميتة في مسار إداري بلا ضمير.

أليس في هذا السياق، بالذات، تصبح قضية مثل الجامعة الملكية للجيوجيتسو البرازيلي مرآة لخلل مؤسساتي يتجاوز الرياضة ليصل إلى مفهوم العدالة الإدارية نفسه؟

هل يمكن للوسيط أن يُعيد التوازن؟

الجوهر في عمل الوسيط ليس نقل الشكاية من مكتب إلى آخر، بل تحقيق العدالة بين المواطن والإدارة دون قضاء.

فهل ستتفاعل المؤسسة مع حالةٍ تمثل نموذجًا صارخًا على التهميش الإداري الممنهج؟

وهل سيجرؤ المخاطبون الدائمون داخل الوزارات –الذين طالب أخنوش بتعيينهم– على تحمل مسؤولياتهم في مواجهة تقصير إداراتهم؟

الوساطة ليست مجرد آلية تصالح، بل امتحان حقيقي لجرأة الدولة على محاسبة نفسها. وإذا لم تستطع مؤسسة الوسيط التدخل في قضايا بحجم قضية الجيوجيتسو، فكيف يمكن للمواطن البسيط أن يثق بأنها ستُنصفه في مشاكله اليومية؟

خطف موصوف للجيوجيتسو البرازيلي وMMA: مديرية الرياضة تُحاصر السوسي بـCarte Blanche غامضة!

بين الرياضة والحكم الرشيد

القضية الرياضية هنا ليست استثناءً، بل نموذجًا دالًا على طريقة اشتغال الإدارة المغربية: حين يُهمَّش مشروع رياضي قانوني بدعوى الهيكلة، يُخنق معه حلم عشرات الشباب الذين رأوا في الجيوجيتسو البرازيلي طريقًا نحو التميز والمواطنة الإيجابية.

هل يمكن أن نحدّث العالم عن النموذج التنموي الجديد بينما نُعطّل مبادرات وطنية تنسجم معه جوهرًا وروحًا؟

الإصلاح لا يُقاس بما يُعلن من خطط، بل بما يُزال من عراقيل، وما يُستعاد من ثقة.

والثقة لا تُبنى بالوعود، بل بأفعال تصحّح الظلم، مهما كان صغيرًا أو صامتًا.

خاتمة: الوسيط… الضمير الذي يجب أن يُستيقظ

منشور أخنوش قد يشكل بداية مسار جديد في علاقة المواطن بالإدارة، لكن نجاحه سيتوقف على إرادة التفعيل لا على نوايا الإصلاح.

قضية جمال السوسي والجامعة الملكية للجيوجيتسو البرازيلي تُقدّم اليوم فرصة حقيقية لاختبار هذه الإرادة. فإما أن تُفتح أبواب الوساطة ليُعاد الاعتبار لمؤسسة ظُلمت داخل وطنها، وإما أن تظل الوساطة مجرّد عنوان جميل فوق واقعٍ لا يسمع.

هل سيكون وسيط المملكة هو الجسر الذي يُعيد الثقة بين الدولة ومواطنيها؟

أم أن هذا الجسر سيظل على الورق، فيما تستمر المؤسسات في إدارة صمتها البيروقراطي؟
الجواب ليس في المنشورات، بل في أول قضية تُنصف فعلاً.