“امتناع الملك عن مصافحة رئيس البرلمان…مشهد رمزي يفتح تساؤلات حول الكفاءة، السلطة والثقة في المؤسسات المغربية”

0
260

في لحظة قصيرة، لكنها استثنائية، اجتاز مقطع الفيديو منصات التواصل الاجتماعي كالنار في الهشيم، يوثق مشهداً يثير أكثر من تساؤل: جلالة الملك محمد السادس يمد يده للسلام على رئيس مجلس المستشارين محمد ولد الرشيد، بينما يمتنع عن مصافحة رئيس مجلس النواب، رشيد الطالبي العلمي، رغم محاولة الأخير تقبيل يد الملك.




هذا المشهد، الذي يبدو للوهلة الأولى تصرفًا فرديًا، يحمل دلالات تتجاوز البروتوكول الملكي. لماذا هذا التفاوت في التفاعل مع شخصين على رأس مؤسستين دستوريتين متوازيتين؟ هل هو مؤشر على تقييم الأداء، أم انعكاس لعلاقات تاريخية وسياسية وثقافية أعمق؟

رشيد الطالبي العلمي، ابن بيئة سياسية كبيرة وعضو بارز في حزب التجمع الوطني للأحرار، لطالما عرف عنه نشاطه البرلماني المكثف، لكنه لم يخلُ من الانتقادات المرتبطة بأسلوب إدارة المجلس وتفاعله مع الفرق البرلمانية. هنا يطرح السؤال: هل يمكن للمشهد الذي شهده الجمهور أن يكون انعكاساً لتقدير الملك للكفاءة، أم هو مجرد بروتوكول صامت؟

الوقائع تتشابك مع الرموز: الامتناع عن المصافحة لم يكن مجرد حركة جسدية، بل يحمل بعداً ثقافياً واجتماعياً وسياسياً. في السياق المغربي، كل تصرف ملكي يحمل إشارات دقيقة، تتجاوز الأفعال اليومية لتصبح جزءاً من قراءة الجمهور والسياسيين لماهية السلطة، ومسارها في الحياة العامة.

ومع هذا، يبقى المشهد مفتوحاً لتفسيرات متعددة: هل يمكننا اعتبار هذا الامتناع دعوة ضمنية للمساءلة والكفاءة؟ أم أنه يعكس حساسية العلاقة بين المؤسسة الملكية والبرلمان في زمن تتزايد فيه الضغوط على الحكامة والشفافية؟ وهل ينطوي هذا التصرف على رسالة للطبقة السياسية بشكل أوسع حول الحدود الدقيقة بين السلطة والمسؤولية؟

اللحظة التي سجلها الفيديو ليست مجرد حادثة عابرة، بل نافذة على قراءة عميقة لآليات القوة والثقة والتقدير في أعلى مستويات الدولة. إنها تطرح سؤالاً جوهرياً لكل متابع: كيف يمكن للمشهديات الرمزية أن تعيد تشكيل الحوار السياسي والاجتماعي في المغرب، وكيف نفهم الرسائل الضمنية التي يحملها كل تصرف رسمي؟