بينما تصف وزيرة الاقتصاد والمالية، نادية فتاح العلوي، مشروع قانون المالية لسنة 2026 بأنه خارطة طريق للاستثمار العمومي الطموح، وتعد 380 مليار درهم لدعم البنيات التحتية والتنمية، تكشف أرض الواقع تحديات مقلقة للشركات الصغيرة والناشئة التي تشكل قلب الاقتصاد الوطني. فما بين الطموحات الحكومية، وواقع إفلاس 33 ألف شركة عام 2024 وحده، يطرح سؤال جوهري: هل الاستثمار العمومي الضخم يصلح لتغطية هذا الفراغ الهائل في دعم المقاولات الصغيرة، أم أنه مجرد مشهد اقتصادي متقن لإخفاء هشاشة النسيج الإنتاجي؟
تقرير الهيئة المغربية للمقاولات الصغرى يظهر صورة أكثر قسوة: أكثر من 48% من الشركات لم تتجاوز ثلاث سنوات في النشاط، و30% فقط تجاوز عمرها خمس سنوات. وفي المقابل، أعداد الإفلاس تتصاعد بوتيرة مقلقة، من 10,500 شركة في 2021 إلى 33,000 في 2024، مع توقع تخطي 40,000 شركة قبل نهاية السنة. هذه المؤشرات تكشف حقيقة صادمة: أكثر من نصف الشركات الناشئة في المغرب لا تلبث أن تنهار قبل بلوغها عامها الخامس.
وليس هذا فحسب، بل أن نظام الضرائب والتحميلات الاجتماعية، وفق التقرير، غير محفز ويشكل عبئاً على المقاولات الصغيرة. حوالي 74% من الشركات المستجوبة ترى أن التعقيدات الضريبية، وارتفاع العبء مقارنة بحجم أعمالها، وغياب الحوافز المناسبة تجعل من النمو الاقتصادي مطلباً صعب التحقيق. 76% يشيرون إلى أن التحملات الاجتماعية لا تناسب طبيعة شركاتهم، خصوصاً في ما يتعلق بالتصريح بالأجراء والضرائب على الدخل.
هذا التناقض بين وعود الحكومة الطموحة على الورق والواقع الميداني الصعب للشركات الصغيرة والناشئة يطرح أسئلة كبرى:
- 
هل الحكومة تدرك أن البنية الاستثمارية العمومية الكبيرة لا تكفي لتجاوز اختلالات النظام الضريبي والاجتماعي؟
- 
هل المشاريع الكبرى في البنيات التحتية ستخلق فرص عمل فعلية، أم أنها ستستفيد منها القوى الكبرى والمستثمرون الكبار فقط؟
- 
ماذا عن المقاولات الصغيرة التي تمثل مصدر التشغيل الأساسي للشباب والنساء؟ هل ستتمكن من الصمود في وجه الإفلاس المستمر؟


