السيمو: استضفت سفير الباراغواي وقدّمت له وجبة “البيصارة”.. فصرخ قائلاً: الصحراء مغربية

0
196

أثار تصريح البرلماني محمد السيمو خلال اجتماع لجنة السياحة بمجلس النواب جدلاً واسعاً، بعدما تحدث عن استضافته لسفير الباراغواي في منزله وتقديمه وجبة “البيصارة” له، ثم ربط ذلك بإعلان السفير دعم بلاده لمغربية الصحراء. ورغم الطابع العفوي الذي قد يظهر في هذا الكلام، إلا أنّ وقعه السياسي كان بالغاً، لما يحمله من اختزال لمنجز دبلوماسي معقد في مشهد يومي بسيط.

هذا النوع من التصريحات لا يمر عادة دون تأويل، خاصة في ملف استراتيجي تحكمه توازنات دقيقة، وتدبير مركزي منظم تقوده المؤسسة الملكية عبر دبلوماسية تراكم نتائجها خطوة بخطوة، سواء في القرار الأممي 2797 الأخير أو عبر توسيع شبكة الاعترافات والدعم الدولي. لذلك اعتبر عدد من المتابعين أن كلام السيمو يضعف سردية الدولة حول جديّة العمل الدبلوماسي، ويمنح الانطباع بأن التحولات الكبرى تُصنع بعلاقات شخصية أو مبادرات فردية، وهو ما لا يعكس الواقع ولا يعبر عن حجم الجهد المؤسساتي القائم.

الإشكال لا يكمن في “الواقعة” ذاتها، بل في ما تكشفه من خلل أكبر يتعلق بخطاب بعض النخب السياسية، التي ما تزال تتعامل مع قضايا حساسة بمنطق التبسيط والمشاهد الرمزية، في وقت تحتاج فيه البلاد إلى خطاب سياسي يضبط اللغة، يدرك وزن الكلمات، ويعكس مستوى الوعي المطلوب في تمثيل المصالح العليا للدولة. فالسياسة الخارجية ليست مجالاً للارتجال أو للفكاهة السياسية، بل فضاء يتطلب معرفة دقيقة وتنسيقاً مع مؤسسات الاختصاص.

كما استعاد النقاش تصريحات سابقة للسيمو حول عدم إتقانه للفرنسية، ما أُريد له أن يشير إلى محدودية تكوين عدد من الممثلين المنتخبين مقارنة بحجم المهام التشريعية والرقابية الملقاة على عاتقهم. وهنا يبرز سؤال أبعد من حالة فردية: إلى أي حد يعكس هذا الوضع أزمة بنيوية في إنتاج النخب السياسية، وتراجع شروط الكفاءة داخل المسار الانتخابي؟

إنّ المسألة تتجاوز تصريحاً مثيراً للجدل، لتضع أمامنا مرآة تطرح أسئلة أعمق حول طبيعة التمثيل السياسي في المغرب، ومعايير اختيار الشخصيات المؤهلة لحمل ملفات استراتيجية، وفي مقدمتها ملف الصحراء الذي يعد أحد أعمدة السياسة الخارجية للمملكة.

المغاربة اليوم يحتاجون إلى ممثلين يدركون أن الدفاع عن القضايا الوطنية الكبرى لا يتم عبر “الطرائف السياسية”، بل عبر وعي مؤسساتي، صرامة في الخطاب، وكفاءة في الفعل. أما تحويل القضايا المصيرية إلى حكايات بسيطة، فهو ما ينبغي تفاديه حتى لا يُساء إلى الجهد الدبلوماسي الوطني ولا لصورة المؤسسات أمام الشركاء الدوليين.