أوزين يفضح قانون مالية 2026: الدقائق الأخيرة للولاية الحكومية… المواطن يخسر والفقر يتفاقم

0
105

أزمة الميزانية والحكومة: قراءة تحليلية لمداخلة النائب محمد أوزين

في جلسة عامة ساخنة بالبرلمان، أطاح النائب البرلماني عن حزب الحركة الشعبية المعارض، محمد أوزين، بالرتابة التي غالباً ما تصاحب النقاشات حول الميزانية، وطرح رؤيته النقدية الحادة حول مشروع قانون مالية 2026، مؤكداً أن الحكومة الحالية لم تترك أثراً إيجابياً على حياة المواطن المغربي خلال السنوات الأربع الماضية.

أوزين بدأ كلمته بتصوير الواقع المعيشي للمغاربة بأسلوب مباشر: بعد التصويت على القوانين، الفرحة لا تصل إلى المواطن، بل تبقى حبيسة القاعات. المواطن هو من يجب أن يصفق للإنجازات وليس المسؤولون على مجرد إعلان النوايا. هذه البداية لم تكن مجرد افتتاحية بل مؤشر على خطورة التباين بين الحكومة والمواطن، حيث أصبح الإعلان عن أرقام هائلة ووعود فلكية، وفق أوزين، مجرد طنين فارغ لا يمس واقع الناس.

النائب المعارض لم يخف إحباطه من الأداء الحكومي، مشيراً إلى أن مشاريع الميزانية السابقة لم تنجز شيئاً ملموساً، وأن المواطن المغربي لم يشعر بأي أثر من الأموال الطائلة التي خصصت للقطاعات الأساسية. أوزين وصف الوضع الاجتماعي بأنه “تدهور مستمر للطبقة الوسطى واستمرار الفقر”، وسلط الضوء على أن ما يفترض أن يكون “صمام الأمان الاجتماعي” أصبح هشاً وغير قادر على حماية المواطنين من موجات التضخم وارتفاع أسعار السلع الأساسية والخدمات.

أحد أبرز انتقادات أوزين كان موجهاً نحو التوزيع الجهوي للاستثمارات والاعتمادات المالية، حيث لاحظ التمييز الواضح بين المغرب الحضري والجهات القروية والجبلية، وهو ما يعكس سياسة “مغرب السرعتين” التي تهدد بالتوسع بدلاً من تقليص الفوارق الاجتماعية والمجالية. وأكد أن ملايين المغاربة خارج شبكة الحماية الاجتماعية، بينما الحكومة تدعي النجاح عبر أرقام ومؤشرات مالية فقط.

أوزين طرح سلسلة من الأسئلة الحادة حول فعالية الحكومة وسياساتها: كيف يمكن للمواطن أن يصدق أن قانون المالية سيؤدي إلى تحسن ملموس في حياته في ظل تدهور الخدمات واستمرار الفساد؟ لماذا تُستنزف القدرة الشرائية للمواطن عبر الضرائب المباشرة وغير المباشرة بينما الفئات المنتجة لا ترى مردوداً من جهودها؟ وما جدوى المؤسسات العمومية التي تستمر الحكومة في دعمها بينما لا تسهم إلا بشكل محدود في المالية العامة للدولة؟

تطرق النائب إلى أزمة التعليم والصحة، معتبرًا أن السياسات الحكومية تعكس تخبطاً وعدم قدرة على التخطيط. على سبيل المثال، أوزين انتقد تراجع الحكومة عن وعدها بترسيم المتعاقدين، وتسقيف الرسوم الدراسية، وإدارة التخصصات الطبية بدون خطة واضحة، مما أدى إلى تفاقم التفاوت الاجتماعي وزيادة حدة الاحتقان الشعبي. وأوضح أن فشل الحكومة في هذه المجالات يعكس “أزمة فكر وحكامة”، فالأرقام وحدها لا تكفي لتحسين جودة الحياة.

وفي سياق متصل، وصف أوزين ميزانية 2026 بأنها “ميزانية الدقائق الأخيرة”، حيث جاءت كرد فعل لضغوط الشارع أكثر من كونها نتيجة رؤية اقتصادية متماسكة. فالحكومة، وفق وصفه، حاولت ترميم شرعيتها بالأموال بعد أن فشلت في بنائها عبر السياسات العمومية، وهو ما يطرح السؤال: هل يمكن لمثل هذه الميزانية أن تحقق أي تغيير قبل الانتخابات، أم أنها مجرد محاولة لإظهار النشاط المالي دون أي أثر اجتماعي؟

على مستوى الاقتصاد، ركز أوزين على أن الحكومة تعتمد على استنزاف القدرة الشرائية للمواطنين بدل الاستثمار في الإنتاج والثروة الحقيقية، مشيراً إلى أن نسب النمو الرسمية “مجرد أرقام بلا أثر على حياة الناس”. وأوضح أن الاعتماد على الضرائب المباشرة وغير المباشرة لاستنزاف المواطن دون توسيع قاعدة الإنتاج والاستثمار هو استراتيجية خاطئة، قد تؤدي إلى زيادة الفقر الاجتماعي والاحتقان الشعبي.

النائب لم يغفل الحديث عن الشفافية والمساءلة: لماذا تظل مؤسسات عمومية عديدة عبئاً على خزينة الدولة؟ لماذا لا تتحول الاعتمادات إلى إنجازات ملموسة تخدم المواطنين؟ وأكد أن أزمة الحكومة ليست مالية بقدر ما هي أزمة تخطيط وفكر وحكامة، إذ أن الصبر الشعبي محدود والشارع بات يرفع مرآة العجز أمام المسؤولين.

من منظور اجتماعي، أبرز أوزين أن الحكومة فشلت في تفعيل الدولة الاجتماعية، وأن الأموال الطائلة المخصصة للقطاعات الحيوية لم تصب في تحسين جودة الخدمات أو خلق فرص الشغل، مما يجعل المواطن المغربي يشعر بالإقصاء وعدم العدالة. وأشار إلى أن أي تغيير حقيقي لن يتحقق إلا بإعادة النظر في الأولويات، وإصلاح السياسات العمومية بما يضمن إنصاف الفئات الأكثر هشاشة، ويحد من استنزاف الطبقة الوسطى.

أوزين ختم مداخلته بتحذير سياسي واضح: استمرار الحكومة في هذا المسار سيؤدي إلى فقدان الثقة في المؤسسات، كما أن الأموال وحدها لن تعوض عن غياب الرؤية والإرادة السياسية. وفقه، هناك حاجة ملحة لوضع برامج واضحة للإصلاح الاجتماعي والاقتصادي، وتفعيل دور المؤسسات العمومية بشكل فعال، وإعادة النظر في توزيع الموارد بشكل عادل يضمن تحقيق التنمية الشاملة وتقليص الفوارق الاجتماعية والمجالية.

أسئلة تحليلية للمتابعة:

  1. هل يمكن للميزانية الحالية أن تتحول إلى إنجازات ملموسة قبل الانتخابات، أم أنها مجرد أرقام للاستهلاك الإعلامي؟

  2. ما هو دور المؤسسات العمومية التي لا تسهم إلا بشكل محدود في المالية العامة للدولة، وهل ستستمر الحكومة في دعمها بلا مساءلة؟

  3. كيف يمكن للمغرب أن يقلص الفوارق الاجتماعية والمجالية في ظل استمرار “مغرب السرعتين”؟

  4. هل استمرار الفساد وتراجع جودة الخدمات سيؤدي إلى فقدان الثقة الشعبية قبل انتهاء الولاية الحكومية؟

  5. ما البدائل الحقيقية لسياسات الاستنزاف المالي، وكيف يمكن للحكومة أن تركز على الاستثمار في الإنتاج والثروة الحقيقية؟