أخنوش… بين خطاب “مسار الإنجازات” وأسئلة الواقع: من يملك الشجاعة لقياس المسافة بين الوعود والحقيقة؟

0
234

في الوقت الذي يعيش فيه المغرب على إيقاع توترات اجتماعية صامتة، وارتفاع كلفة المعيشة، واحتجاجات قطاعية لا تهدأ، خرج رئيس الحكومة عزيز أخنوش ليقدم حصيلة يصفها بـ”الهامة”، مؤكّدًا أن حكومته تسير بثبات نحو تحقيق تطلعات المغاربة.

لكن… هل يكفي الخطاب؟ وهل تكفي الأرقام لإقناع الناس حين تكون تجربتهم اليومية أكثر قسوة من أي بيان سياسي؟

حصيلة أخنوش… بين لغة الأرقام ولغة الشارع

أخنوش تحدث بثقة عن استفادة أربعة ملايين أسرة من الدعم المباشر، وعن تعميم التغطية الصحية، والزيادة في الأجور، ودعم السكن لـ 55 ألف أسرة. هذه معطيات لا يمكن إنكارها، لكن السؤال الجوهري الذي يجب أن يطرحه الصحافي وليس السياسي هو:

هل يشعر المغاربة فعلًا بوزن هذه الإنجازات في حياتهم اليومية؟ وهل الدعم المعلن قادر على مواجهة التضخم، والغلاء، وتراجع القدرة الشرائية؟ الأرقام شيء… وتجربة المواطن شيء آخر.

نمو اقتصادي إيجابي أم نمو على الورق؟

رئيس الحكومة تحدث عن نمو اقتصادي بلغ 3.8% وسيصل إلى 4.8% سنة 2025.
لكن السؤال الذي يطرحه الخبير والملاحظ البسيط على السواء:

  • هل هذا النمو انعكس فعلًا على مستوى العيش؟

  • ما جدوى نمو اقتصادي لا يخفّض البطالة ولا ينعش جيوب المواطنين؟

  • وهل يمكن الحديث عن “انتعاش اقتصادي” بينما القطاع الفلاحي يجرّ وراءه سبع سنوات من الجفاف، ومئات المقاولات الصغيرة تتعثر أو تغلق أبوابها؟

الاقتصاد ليس أرقامًا تُرفع في اللقاءات… الاقتصاد إحساس يومي بالأمان المالي.

التعليم… إصلاحات أم عمليات تجميل؟

أخنوش قدّم مشاريع مثل “مدارس الريادة” و”مدرسة الفرصة الثانية” كأوراش اجتماعية ناجحة.
لكن السؤال الذي لا بدّ منه:

هل تحسّن مستوى التعليم العمومي فعلًا؟ أم أننا أمام مبادرات تجريبية محدودة لا تعالج عمق الأزمة: الاكتظاظ، ضعف التكوين، تراجع المستوى، وهجرة الأطر؟ نجاح التعليم لا يُقاس بالشعارات، بل بنتائج ملموسة في الفصول الدراسية… وهي نتائج لا تزال بعيدة.

الدار البيضاء… مدينة “تتنفس من جديد” أم مدينة تختنق بهدوء؟

أخنوش اعتبر أن الدار البيضاء “تتنفس”، وأن شبكات النقل والمساحات الخضراء عادت للحياة.
لكن البيضاويين يعرفون الحقيقة:

  • أزمة النقل ما زالت خانقة.

  • التلوث مستمر.

  • الفوارق بين الأحياء أكبر من أي وقت مضى.

  • والسكن والكراء تجاوزا قدرة الطبقة المتوسطة.

هل يكفي إنشاء خط ترامواي أو تهيئة حديقة لتغيير واقع مدينة تُسمّى “قلب الاقتصاد” لكنها تعاني من اختناق مزمن؟

الأسئلة التي لم يجب عنها رئيس الحكومة

الخطير ليس ما قاله أخنوش… بل ما لم يقله:

  • ماذا عن ارتفاع الأسعار؟

  • ماذا عن المحروقات والاحتكار وهي ملفات تطارده منذ كان وزيرًا؟

  • ماذا عن ضعف القدرة الشرائية رغم كل “الإنجازات”؟

  • أين توجد الحكومة حين يضطر المواطن للاختيار بين السكن والدواء والغذاء؟

  • ولماذا يغيب رئيس الحكومة عن النقاش العمومي، ولا يظهر إلا في لقاءات حزبية منظمة؟

  • وهل يحق لمن لا يملك القدرة على تنفيذ البرنامج الحكومي كاملًا أن يواصل إدارة الحكومة دون محاسبة سياسية واضحة؟

هذه الأسئلة ليست “معارضة”، بل جزء من وظيفة الصحافة التي تبحث عن الحقيقة وسط الضجيج.

بين الإنجاز والمحاسبة… الطريق الأطول

قال أخنوش: “الطريق طويل لتحقيق تطلعات المغاربة.” لكن المغاربة بدورهم يريدون أن يعرفوا: هل الحكومة تسير فعلًا في الطريق الصحيح… أم أنها لا تزال تبحث عنه؟ وهل يمكن المطالبة بالثقة دون تقديم نموذج حقيقي للمحاسبة والشفافية؟

الإنجازات مهمة… لكن الشجاعة السياسية أهم. والشجاعة لا تظهر حين يتم ترديد الأرقام، بل حين يتم الاعتراف بالاختلالات، والاعتذار عن الفشل، وتقديم حلول حقيقية لا خطابات مطمئنة من فوق المنصّات.