قضية مبديع: مطالب حثيثة باسترجاع 100 مليار سنتيم بعد الحكم وإعادة فتح ملف تبديد المال العام

0
130

تتواصل في محكمة الاستئناف بالدار البيضاء محاكمة محمد مبديع، الرئيس السابق لجماعة الفقيه بنصالح وقيادي في حزب الحركة الشعبية، في قضية اختلاس أموال عمومية تُقدّر بحوالي 100 مليار سنتيم، إضافة إلى 8 مليارات لفائدة الجماعة. وما يزيد من أهمية الملف هو أنه لا يقتصر على الجانب المالي فقط، بل يتعداه إلى التأثير المباشر على التنمية المحلية والنفوذ السياسي في إدارة الجماعات الترابية.

خلفية الملف

منذ اعتقاله في أبريل 2023، يواجه مبديع مجموعة من التهم الثقيلة، تشمل تبديد أموال عمومية واستغلال النفوذ، إضافة إلى مخالفات في الصفقات العمومية والتزوير في الوثائق الرسمية. محامي الدفاع، صالح مرشدي، طالب بإرجاع الأموال المختلسة، مشيرًا إلى أن الاختلالات وقفت عائقًا أمام تطوير البنية التحتية وتأهيل المدينة، وأدت إلى خسارة فرص استثمارية مهمة.

وأوضح الدفاع أن الفقيه بنصالح لم تحقّق نهضتها العمرانية والتنموية بسبب هذه الممارسات، وأن بعض العقود صُرفت مبالغ مالية فيها دون أي ضوابط، أو عقود رسمية، ما يجعل العلاقة القانونية بين المتهم والمستفيدين “علاقة جرمية ثابتة”.

الجوانب القانونية

أبرز المحامي مرشدي واقعة استلام مبديع شهادتين طبيتين لتبرير عدم حضوره للتحقيق، ليتبين لاحقًا أنه كان موجودًا في الرباط وقت استلام الشهادتين ولم يتم فحصه من طرف الطبيب، ما يندرج ضمن مقتضيات الفصل 122 من القانون الجنائي.

كما نفى مبديع ارتباطه بما بات يُعرف بـ”كريملن بوسكورة”، المشروع السياحي الذي هدمته وزارة الداخلية مؤخراً، مؤكداً أن الأخبار المتداولة حوله كاذبة ومؤثرة على أسرته، ومطالبًا المحكمة بإنصافه من هذه الحملات الإعلامية.

تحليل عميق: أسباب القضية وأبعادها

القضية تعكس عدة إخلالات بنيوية في إدارة الجماعات المحلية المغربية:

  1. تركيز السلطة المحلية: نفوذ طويل الأمد لمبديع مكنه من بناء شبكة مصالح تضم موظفين ومقاولين ومكاتب دراسات، ما وفر له هامشًا واسعًا للتصرف في الموارد العامة.

  2. ضعف الرقابة والشفافية: تضخم الفواتير، دفع مبالغ بدون إنجاز فعلي للأعمال، وعدم الالتزام بالقوانين المنظمة للصفقات العمومية.

  3. الأثر التنموي: التأخير أو التلاعب بالمشاريع العمرانية أفقد المدينة فرص نهضة حقيقية، وجعل التنمية المحلية رهينة مصالح شخصية.

  4. البعد السياسي: كون مبديع قياديًا حزبيًا يطرح تساؤلات حول مدى تأثير النفوذ السياسي على مسار المحاكمة، وإمكانية تفسيرها على أنها تحرك سياسي وليس محاسبة قضائية بحتة.

التداعيات المحتملة

إذا تمت محاكمة عادلة وشاملة، قد تمثل هذه القضية نقطة تحول في محاربة الفساد المحلي وتعزيز الرقابة على الصفقات العمومية، وربما تستعيد الجماعة جزءًا من الأموال المبددة. أما في حال التسوية الجزئية أو استمرار التأجيلات، فقد تتحول المحاكمة إلى مجرد عنوان إعلامي دون تغيير فعلي في الواقع التنموي والسياسي للمدينة.

خلاصة

قضية محمد مبديع ليست مجرد محاكمة شخص متهم بالفساد، بل اختبار حقيقي لقدرة القضاء المغربي على محاسبة المسؤولين الكبار في الإدارات المحلية، وضمان حق الجماعات والمواطنين في التنمية والشفافية. وفي حال نجاح المحاكمة، قد تكون بداية لإصلاح أوسع للصفقات العمومية وتعزيز نزاهة الإدارة المحلية، لكن في حال فشل العدالة أو قصورها، ستبقى التجربة تحذيرًا من استمرار النفوذ المصلحي في تسيير الشأن المحلي.