“بين الوعود والواقع: 25 إلى 50 درهمًا دعمًا للأطفال… فتات قبل انتهاء ولاية الحكومة”

0
274

25 درهمًا في الشهر: هل هذا ما يكفي لإطعام أسرة مغربية؟

الزيادة الحالية في الدعم الاجتماعي، التي تتراوح بين 25 و50 درهما حسب الفئة، قد تبدو للوهلة الأولى خطوة نحو الدولة الاجتماعية، لكنها في الواقع ضئيلة للغاية أمام تكاليف المعيشة اليومية. فـ25 درهما فقط — أي حوالي 2 دولار أمريكي — بالكاد تكفي لشراء وجبة بسيطة، أو بعض المواد الغذائية الأساسية ليوم واحد، أو بضع رحلات بالحافلة في المدن الكبرى. وحتى 50 درهما، وهي الزيادة الأعلى، لا تغطي سوى حاجات يومين على الأكثر، لتكشف بذلك حجم الفجوة بين وعود الدعم الاجتماعي والحياة اليومية للمغاربة.

خلفية تاريخية: برامج الدعم الاجتماعي في المغرب

لطالما شكل الدعم الاجتماعي في المغرب أداة لمحاولة التخفيف من آثار الفقر والهشاشة. بدأت البرامج بدعم جزئي للمواد الأساسية، مروراً بمبادرات لمساعدة الفئات الهشة، ووصولاً إلى مشروع تعميم الحماية الاجتماعية.

في العقدين الأخيرين، شهد المغرب تحوّلًا من برامج محدودة وموسمية إلى برامج أكثر شمولية تعتمد على استهداف دقيق عبر السجل الاجتماعي الموحد، مع التركيز على الأطفال، الأيتام، وكبار السن.

القانون رقم 58.23 والمرسوم التطبيقي له شكلا العمود الفقري لنظام الدعم المباشر، وهو يضع الأسس لرفع تدريجي للمنح، مع ضمان استدامة مالية على مدى سنوات 2025 و2026، وفق ما صرح به رئيس الحكومة تحت قبة البرلمان.

إلا أن هذه المسيرة، رغم منطقها المؤسسي، لم تنجح بعد في سد الفجوة بين البرامج الرمزية وواقع الفقر اليومي، حيث تبقى آلاف الأسر خارج نطاق الدعم الكافي لمواجهة الاحتياجات الأساسية.

تحليل نقدي للزيادة الحالية

الزيادة الحالية، على الرغم من أنها قد تُعرض على أنها خطوة نحو “الدولة الاجتماعية”، تظهر هشاشتها أمام الواقع المعيشي. فزيادة 25 درهما تكاد لا تكفي حاجات يوم واحد، بينما 50 درهما تكفي يومين بالكاد. بالمقارنة مع ارتفاع أسعار المواد الأساسية، التنقل، الصحة، التعليم، والسكن، تتضح الطبيعة الرمزية لهذه المنح، التي لا تؤثر فعلياً على مستوى الفقر أو هشاشة الأسر.

الحد الأدنى للدعم بـ500 درهم للأسرة، رغم رمزيته في تأكيد حرص الدولة على عدم ترك أي أسرة خارج شبكة الأمان، يظل مبلغاً لا يغير الواقع الاقتصادي للأسر، خاصة مع قرب انتهاء ولاية الحكومة الحالية، حيث من المتوقع أن تُصرف هذه الزيادات بالكامل في الأشهر القليلة المتبقية، لتصبح عملياً “فتاتاً” لا يخفف المعاناة اليومية.

نظام الدعم يطرح تساؤلات جوهرية:

  • هل تذهب الموارد لمن هم في حاجة فعلية، أم أن البيروقراطية والمحاباة تحدّ من فعالية الاستهداف؟

  • هل التركيز على الأطفال وحدهم يغطي الجوانب الأخرى للضعف الاجتماعي مثل التوظيف، الصحة، أو السكن؟

  • هل هذه الخطوة تستجيب للاحتياجات الاقتصادية الحقيقية للأسر، أم أنها مناورة سياسية لتحسين الصورة قبل انتهاء الولاية؟

اقتراحات سياسية واقتصادية ملموسة

لتجاوز هذه المعضلة، لا بد من مقاربة أوسع وأعمق:

  1. توسيع نطاق الاستهداف: دعم الأسر الكبيرة، العجزة، والعاطلين عن العمل، لضمان تأثير ملموس على مستوى الفقر.

  2. ربط الدعم بالبرامج الاقتصادية: توفير فرص عمل، دعم التكوين المهني، وتسهيل الوصول إلى الخدمات الصحية والتعليمية، بدل الاكتفاء بالدعم المالي الرمزي.

  3. تقييم مستمر: اعتماد مؤشرات دقيقة لمتابعة أثر الدعم على المعيشة الفعلية للأسر، وضمان الشفافية والمساءلة.

  4. استدامة مالية بعيدة المدى: تخطيط متعدد السنوات، يضمن ألا تبقى هذه الزيادات مجرد مسكن مؤقت، بل جزءاً من نظام اجتماعي شامل ومستقر.

خلاصة

الزيادة الحالية في الدعم الاجتماعي تكشف حجم التباين بين الإعلانات الحكومية والواقع المعيشي للمغاربة. إنها خطوة رمزية نحو الدولة الاجتماعية، لكنها لا تقدم حلاً فعلياً لمعاناة الأسر. الصحافة والتحليل الاجتماعي يدعوان إلى رؤية تتجاوز الرمزية، وتضع دعم حياة كريمة ومستدامة في صلب السياسة الاجتماعية، بعيداً عن الحسابات السياسية أو التجميلية، لتصبح الدولة الاجتماعية حقيقة ملموسة لكل مواطن مغربي، وليس مجرد وعد على الورق.