تصريحات لقجع حول “عدم تقادم الضريبة”: هل تضعف الثقة في المنظومة الضريبية المغربية؟

0
233

أثار تصريح وزير الدولة المكلف بالميزانية، فوزي لقجع، أمام مجلس المستشارين حول إمكانية تحصيل الضريبة مهما مر عليها من الزمن، جدلاً واسعاً في الأوساط القانونية والمالية بالمغرب. إذ صرح الوزير بأن الضريبة “لا يطالها التقادم حتى ولو مر عليها قرن من الزمن”، مؤكداً أنها ليست فعلاً جنائياً يخضع لتقادم الإدانة، في موقف اعتبره كثير من خبراء الضرائب والمحاسبة مخالفاً للقواعد القانونية المغربية المعمول بها.

خبراء في المالية العمومية يرون أن هذا التصريح يخالف نصوص مدونة تحصيل الديون العمومية والمدونة العامة للضرائب. جواد لعسري، أستاذ التعليم العالي بجامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء، أوضح أن المادة 123 من مدونة تحصيل الديون تحدد صراحة سقوط حق المحاسب العمومي في تحصيل الضريبة بعد مرور أربع سنوات على استحقاقها، أي أن الإدارة الضريبية تفقد القدرة القانونية على متابعة الملزم بعد هذا الأجل.

كما أشار لعسري إلى المادة 160 من المدونة العامة للضرائب، التي تمنح الإدارة الحق في تصحيح الأخطاء والنقصان والإعفاءات ضمن فترة أربع سنوات ابتداءً من سنة استحقاق الرسم، مؤكداً أن ما ذهب إليه الوزير حول “قرن من الزمن” لا يستند إلى أي نص تشريعي. وهو ما أكده زين الدين عبد المغيث، أستاذ المالية العامة بجامعة مولاي إسماعيل بمكناس، مشدداً على أن تصريحات الوزير “تغفل القواعد القانونية المنظمة للمادة الضريبية سواء في مرحلة الوعاء أو التحصيل، ما قد يزعزع الثقة بين الملزم والإدارة الضريبية”.

هذا الجدل يفتح الباب أمام عدة تساؤلات جوهرية حول مصداقية التشريع الضريبي في المغرب ووضوحه أمام المواطنين. فهل تصريحات وزير الميزانية تعكس تفسيراً شخصياً أم غفلة عن القوانين النافذة؟ وهل يمكن أن يؤدي هذا التباين بين القانون والتصريحات الرسمية إلى هدر الثقة في المنظومة الضريبية؟

على المستوى الدولي، يشدد الخبراء على أن الاستقرار والشفافية الضريبية من أهم عناصر جذب الاستثمار، إذ يرى المستثمرون أن أي غموض في تطبيق القوانين يعرضهم لمخاطر غير محسوبة. وفي المغرب، حيث يسعى القانون المالي للدولة إلى توسيع قاعدة الضرائب وتعزيز الجبايات، فإن أي إشكال حول التقادم الضريبي قد يشكل انعكاساً سلبياً على الأمن الجبائي.

في ضوء هذا النقاش، يبرز التساؤل: هل تحتاج المنظومة الضريبية المغربية إلى توضيح أو تعديل نصوصها القانونية لتجنب أي لبس، أم أن الأمر يقتصر على تصحيح المفاهيم داخل الحكومة؟ وما هو الدور الرقابي للبرلمان لضمان التزام الوزراء بالنصوص القانونية المعمول بها، خصوصاً عندما يتعلق الأمر بحقوق وواجبات الملايين من الملزمين بالضريبة؟

يبقى أن تصريح الوزير لقجع ليس مجرد زلة كلامية، بل هو مؤشر على حاجة المغرب لمراجعة العلاقة بين القوانين المقررة وتطبيقها العملي، وبين التواصل الرسمي مع المواطنين، حتى تحافظ الدولة على مصداقيتها وسمعتها في إدارة الموارد العمومية.