الشرقاوي: وزير الداخلية يدقّ ناقوس الخطر ويحذّر من “تدخل أجنبي” قد يهدّد نزاهة الانتخابات المقبلة

0
183

بين انتصارات الدبلوماسية ومخاوف “التدخل الأجنبي”… هل تدخل السياسة المغربية منطقة العاصفة؟

في أسبوع واحد، بدا وكأن السياسة المغربية تتحرك فوق خط زلازل: ثلاث انتصارات دبلوماسية متتالية، قانون صحافة يثير عاصفة غير مسبوقة، ووزير داخلية يقرع جرس إنذار حول “تدخل أجنبي” قد يهدد نزاهة الانتخابات المقبلة.

لكن ماذا تعني هذه المؤشرات المتفرقة حين نعيد جمعها داخل لوحة واحدة؟ وإلى أي مدى تكشف، مجتمعة، أن المغرب يدخل مرحلة حسّاسة تتقاطع فيها التحولات الإقليمية، وصراعات النفوذ، ومعارك بناء المشروعية داخل المؤسسات؟




بهذه الأسئلة افتتح الدكتور الشرقاوي حلقة “بالعقل والقانون”، وهو يضع ثلاث ملفات فوق الطاولة… ملفات تبدو منفصلة، لكنها في العمق خيوط في نسيج واحد.

أولاً: ثلاث ضربات دبلوماسية خلال أسبوع… فماذا تكشف؟

يتوقف الشرقاوي عند “أسبوع ذهبي” سجّلته الدبلوماسية المغربية، لكن “الذهب” هنا ليس مجرّد احتفاء إعلامي، بل إشارة إلى تحول ميزان القوى الإقليمي.

1. موقف خليجي متجدد… ولكن في توقيت غير عادي

من المنامة، خرج المجلس الأعلى لدول الخليج ليؤكد—للمرة الـ46—دعم مغربية الصحراء والحكم الذاتي. التعوّد قد يقتل الحساسية، لكن الشرقاوي يذكّر بأن تكرار الدعم ليس مسألة بروتوكولية، بل هو تثبيت لتحالفات إستراتيجية في لحظة تعرف فيها المنطقة إعادة تشكيل خريطتها.

الأهم؟
البيان الخليجي يأتي مباشرة بعد قرار مجلس الأمن 2797، وهو ما يعني أنّ الرباط لم تفقد زخم ما بعد القرار، بل ضاعفته.

وهنا يظهر سؤال: هل نحن أمام بيان روتيني… أم أمام إشارة بأن الرباط باتت نقطة توازن في معادلات الخليج تجاه الجزائر وإيران وحتى واشنطن؟

2. الجزائر تفشل… داخل الجزائر نفسها

الضربة الثانية جاءت من قلب العاصمة الجزائرية. هناك، حيث راهنت الدبلوماسية الجزائرية على مؤتمر “جرائم الاستعمار” لاستصدار إدانة إفريقية للمغرب، انتهى الحدث—بحسب الشرقاوي—إلى فشل مدوٍّ:

لا ذكر لـ“الصحراء الغربية”، ولا تمرير لعبارات ملغّمة، رغم الضغوط ومحاولات “تلغيم” النقاشات.

فماذا يعني ذلك؟
أن الرأسمال الدبلوماسي الجزائري يتآكل، وأن النفوذ التقليدي للجزائر داخل الاتحاد الإفريقي يتراجع أمام صعود شبكات مغربية أفريقية ناشئة تعتمد على الاقتصاد، والتكوين، وتحالفات الأمن الغذائي والطاقي.

إنها رسالة أكبر: الجزائر خسرت “أرضها الدبلوماسية” داخل بيتها… فكيف يمكنها أن تنافس خارج حدودها؟

3. قمة مغربية–إسبانية بثقل إستراتيجي واضح

أما الضربة الثالثة فكانت خلال القمة المغربية الإسبانية رفيعة المستوى.
القضية هنا ليست في عدد الاتفاقيات (14 اتفاقية)، بل في التوقيت والدلالات:

  • تثبيت مدريد لموقفها من الصحراء بعد القرار الأممي الأخير.

  • تجاهل تام لمحاولات الجزائر تسويق “عودة الموقف الإسباني القديم”.

  • إدراج الموقف داخل إطار اقتصادي–استثماري وهيكلي يتجاوز 20 مليار يورو سنوياً.

أضف إلى ذلك التعاون الأمني “النموذجي”، الضروري قبل كأس العالم 2030.

السؤال الذي يطرحه الشرقاوي بين السطور: هل أصبحت العلاقة مع مدريد شراكة هيكلية لا يمكن للمد اليميني أو اليساري أن يفكّكها بسهولة؟ وإذا كان الجواب نعم، فهل نحن أمام مرحلة جديدة من توازنات المتوسط؟

ثانياً: قانون المجلس الوطني للصحافة… هل تتراجع الحكومة أم تُصرّ على المواجهة؟

القانون تحوّل إلى “لغز سياسي”.
مرّ بسرعة البرق في مجلس النواب، ثم تجمّد خمسة أشهر في مجلس المستشارين، حيث أصبح مادةً قابلة للانفجار داخل الجسم الصحفي.

الدكتور الشرقاوي—انطلاقاً من معطيات حكومية—يقدّم خلاصة واضحة: لا نية لدى رئيس الحكومة لسحب القانون.

لماذا؟ لأن تقليد سحب القوانين تحت الضغط غير موجود في الممارسة الحكومية المغربية.
القانون التنظيمي للإضراب نموذج واضح.

هنا تظهر سيناريوهات ثلاث:

1. تمرير القانون كما هو

وهو السيناريو الأكثر انسجاماً مع ما “تريده الحكومة”.
لكن الثمن سيكون مواجهة مع جزء مهم من الجسم الصحافي.
السؤال: هل تحتاج الحكومة صداماً مع الصحافة قبيل الانتخابات؟

2. تجميد المشروع

وهو سيناريو “الفراغ القانوني”، الأخطر على الإطلاق.
عودة تنظيم الصحافة إلى “حضن السلطة التنفيذية” بعد سنوات من التنظيم الذاتي… هل هو خيار سياسي أم خطأ استراتيجي؟

3. إعادة المشروع إلى مجلس النواب لقتله بتوافق هادئ

قد يبدو هذا الحل “تقنياً”، لكنه سياسي جداً.
فالذي يدفن القانون ليس المعارضة فقط، بل أطراف داخل الأغلبية نفسها.

السؤال الأكبر:
هل تتحول بطاقة الصحافة إلى ورقة انتخابية في 2026؟

ثالثاً: لماذا يخاف وزير الداخلية من “التدخل الأجنبي” في الانتخابات؟

هنا يدخل الشرقاوي إلى أخطر نقطة في الحلقة.
لأول مرة في تاريخ المغرب الحديث، يخرج وزير داخلية ليتحدث بثقل وصرامة عن تدخل أجنبي محتمل في الاستحقاقات الانتخابية.

لماذا الآن؟
هل يملك الفتيت معطيات استخباراتية لم يكشفها؟
ومن هي “الجهة الخارجية” التي يلمّح إليها دون أن يسمّيها؟

العالم اليوم يشهد ما يقرب من 151 عملية تدخل خارجي في الانتخابات:
من واشنطن إلى باريس، من “الهاكرز” إلى جيوش الذباب الإلكتروني.
والمغرب نفسه كان هدفاً لحملات مصدرها الخارج، كما يشير الشرقاوي.

الأسئلة المقلقة التي ترتسم:

  • هل نخوض أول انتخابات مغربية في ظل تهديد سيبراني حقيقي؟

  • هل المقصود منصات “جيل زِد” أم دول أوروبية معينة أم نفوذ شرق أوسطي؟

  • وهل ستصبح قوانين الانتخابات الجديدة غطاءً لتحصين الدولة… أم ذريعة لتوسيع سلطات وزارة الداخلية؟

السؤال الأعمق:
هل نحن أمام معركة انتخابية… أم معركة سيادة؟

خاتمة: المغرب أمام مفترق طرق

ثلاث انتصارات دبلوماسية… قانون صحافة ملغوم… وزير داخلية يحذّر…
ما الذي يجمع بين كل هذه الخيوط؟

الجواب المحتمل: المغرب يدخل مرحلة إعادة ترتيب توازنه الداخلي والخارجي في آن واحد. فكل خطوة خارجية تحققها الرباط تقابلها حاجة لمأسسة الداخل وتحسين مناعته التشريعية، الإعلامية، والسياسية.

لكن يبقى السؤال المفتوح: هل تستطيع الدولة إدارة هذه الملفات الثلاثة دون أن تتحول إلى كرة نار تتدحرج نحو انتخابات 2026؟