وقف إطلاق النار أم سلام حقيقي؟ قراءة نقدية من منظور مغربي

0
106

بينما يظل العالم مأخوذًا بصراعات غزة وأوكرانيا، تستمر الخطابات السياسية في الحديث عن “السلام” وكأن مجرد إعلان وقف إطلاق النار يكفي لإعادة الأمور إلى نصابها. لكن الواقع يظهر أن هذه التصريحات غالبًا ما تخفي أكثر مما تكشف؛ فهي تمنح لحظة راحة مؤقتة، لكنها لا تقترب من جذور النزاعات التي أودت بحياة الملايين وهددت الاستقرار العالمي.

كما أشار طلال أبوغزاله، فإن الوقف المؤقت للقتال ليس سوى غطاء، وسيلة لإدارة النزاع وليس لحله. وهذا ما تؤكده مقالة جيفري ساكس وسيبل فاريس في صحيفة “الجزيرة” (23 أكتوبر 2025)، حيث تُظهر أن المبادرات الأمريكية في غزة وأوكرانيا تركز على إيقاف إطلاق النار بدلًا من معالجة المظالم الأساسية. خطة ترامب للسلام في غزة، على سبيل المثال، تبدو في ظاهرها مفيدة، لكنها تحافظ على الوضع الراهن؛ الاحتلال مستمر، تأجيل إقامة الدولة الفلسطينية قائم، ومعاناة المدنيين تتواصل بلا حلول.

من منظور مغربي، هذا الوضع يسلط الضوء على أزمة حقيقية في مقاربة السلام الدولي: أي اتفاق لا يضمن حقوق الفلسطينيين ومصالح الشعوب المحلية لا يمكن اعتباره سلامًا، بل مجرد إدارة مؤقتة للصراع. المغرب يرى أن الأصوات الإقليمية والقادة المحليين هم الأكثر دراية بالواقع على الأرض، وأن إغفال هذه الرؤى يجعل أي هدنة هشّة، وربما مهددة بالفشل.

المثير للتأمل هنا أن السياسة الأمريكية لا تتصرف بمعزل عن مصالح قوية تستفيد من استمرار النزاع. صناعة الأسلحة واللوبيات السياسية تشكل جزءًا من شبكة معقدة تدعم استمرار الحروب بدلًا من إنهائها. وهذا يطرح سؤالًا جوهريًا: هل تُرسم اتفاقات السلام لخدمة البشر أم لخدمة مصالح اقتصادية وسياسية ضيقة؟ من منظور المغرب، هذه الأسئلة تتجاوز مصالح الأطراف الكبرى لتلمس المصالح الاستراتيجية للمنطقة بأسرها.

وفي أوكرانيا، يظهر نفس النمط؛ وعود بوقف الحرب، لكن غياب حلول سياسية جذرية يعكس تجاهل الولايات المتحدة وحلفائها لحقائق الواقع على الأرض. جذور الصراع في توسع حلف الناتو لم تُعالج، ما يجعل أي اتفاق هشًا، معرضًا للفشل. وهنا، ترى “المغرب الآن” أن التوازن بين الأمن الأوروبي والمصالح الإقليمية يتطلب إشراك كل الفاعلين الحقيقيين، وليس فقط القوى العظمى، لضمان حلول دائمة.

الحقيقة الصادمة أن القيادة في مثل هذه الملفات لا تُقاس بالتصريحات الجذابة، بل بالقدرة على مواجهة مصالح قوية، وتبني حلول سياسية فعالة، والاعتراف بالمظالم التاريخية والجيوسياسية. فقط عندما تتحول إدارة النزاع إلى حوار حقيقي، يُستمع فيه إلى الأصوات الإقليمية، ويُحد من تأثير اللوبيات الحزبية، ويُراعي القانون الدولي، يمكن التفكير بسلام دائم، لا مجرد وقف مؤقت للنار.

أسئلة للتأمل من منظور “المغرب الآن”:

  • هل يمكن لوقف إطلاق النار أن يكون بديلاً عن السلام، أم مجرد استراحة قصيرة قبل تجدد النزاع؟

  • إلى أي مدى تُهيمن مصالح اقتصادية وسياسية ضيقة على ما يُسمى بخطط السلام؟

  • كيف يمكن للولايات المتحدة وحلفائها أن يوازنوا بين مصالحهم وبين العدالة والسلام الحقيقيين؟

  • كيف يمكن للمغرب والدول الإقليمية أن تلعب دورًا فاعلًا في تحويل أي هدنة مؤقتة إلى حل سياسي مستدام؟