تفعيل آليات الحوار الاجتماعي: قراءة تحليلية
عبد الرحيم الرماح – رئيس المنتدى المغربي للتنمية الاجتماعية
قدم الأستاذ عبد الرحيم الرماح خلال الندوة التي نظمها المنتدى المغربي للتنمية الاجتماعية يوم 13 أكتوبر 2025 بمقر المديرية الجهوية للثقافة بفاس، قراءة معمقة لأهمية الحوار الاجتماعي، مؤكدًا أن دوره يتجاوز مجرد التفاوض على الأجور، ليصل إلى تحسين الأوضاع المهنية والاجتماعية للأجراء، وتقوية العلاقات المهنية، ودعم المقاولة، وتعزيز الاقتصاد الوطني، فضلاً عن تحقيق السلم الاجتماعي.
ومع ذلك، أشار إلى أن الحوار الاجتماعي المغربي يعاني من عدة تعثرات، أبرزها التركيز المفرط على زيادات الأجور وإهمال القضايا المهنية والاجتماعية الأخرى، فضلاً عن محدودية استثماره لمعالجة القضايا المجتمعية.
المحور الأول: تفعيل آليات الحوار الاجتماعي
يرى الرماح أن الحوار الاجتماعي لا ينبغي أن يقتصر على دورتي أبريل وشتنبر السنويتين، بل يجب أن يشمل جميع المجالات والهيئات المعنية، بما يضمن إشراك كافة الأطراف في تطوير بيئة العمل وتعزيز السلامة المهنية والوظيفية. وتشمل هذه الآليات:
-
تفعيل لجنة المقاولة ولجان السلامة وحفظ الصحة.
-
تقوية دور مندوبي الأجراء والمجلس الأعلى لإنعاش التشغيل.
-
دعم مجلس المفاوضة الجماعية ومجلس طب الشغل والوقاية من المخاطر المهنية.
-
تعزيز دور اللجنة المكلفة بالتشغيل المؤقت والمجلس الأعلى للوظيفة العمومية.
-
توسيع الحوار ليشمل القطاعات المهنية والجهات والأقاليم، مع تعميم الحوار في الوظيفة العمومية.
-
إصدار التقرير السنوي للحوار الاجتماعي في نهاية مارس من كل سنة.
-
تقوية الحوار الثلاثي الأطراف على الصعيد الوطني، وتفعيل اللجنة العليا للحوار الاجتماعي، بالإضافة إلى اللجان الموضوعاتية في القطاعين العام والخاص وعلى مستوى الجهات والأقاليم.
المحور الثاني: القضايا المطروحة على مائدة الحوار الاجتماعي
أوضح الرماح أن النقاش الاجتماعي يركز غالبًا على زيادة الأجور، بينما هناك قضايا جوهرية أخرى يجب أن تكون على سلم الأولويات، من بينها:
-
حماية الحق النقابي وتعديل القوانين المنظمة للنقابات المهنية، وتقوية التنظيم النقابي بقطاع المهنيين غير الأجراء.
-
مراجعة نظام الوظيفة العمومية وتعميم القوانين الأساسية، وإيجاد حلول لفئات الموظفين المتضررة.
-
تطبيق وتعديل مدونة الشغل، مع تعزيز دور جهاز تفتيش الشغل.
-
هيكلة القطاع غير المهيكل، وحماية حق الإضراب، ومراجعة قوانين الانتخابات المهنية.
-
ملاءمة الأجور والأسعار عبر تعميم الحماية الاجتماعية، وإصلاح صناديق التقاعد، ومراقبة الأسعار، وتحسين قانون صندوق التعويض عن فقدان الشغل، مع زيادات الأجور عند الضرورة.
-
تفعيل النقاش الفكري والعلمي للأجراء من خلال تكثيف الحلقات التكوينية وتنظيم ندوات مشتركة بين الأطراف الثلاث.
المحور الثالث: القضايا المشتركة والمجتمعية
أكد الرماح أن الحوار الاجتماعي لا يمكن أن يكون فعّالاً دون ربطه بالقضايا المجتمعية، إذ يمكن للنقاش الفكري والعلمي أن يسهم في إيجاد حلول متكاملة عند إشراك الأحزاب السياسية والمنظمات الحقوقية ووسائل الإعلام والمجتمع المدني. وتشمل القضايا المشتركة:
-
دعم المدرسة العمومية وإصلاح المنظومة التعليمية.
-
تقوية قطاع الصحة ورفع جودة الخدمات.
-
إصلاح الوظيفة العمومية وتحسين بيئة العمل.
-
زيادة عدد فرص الشغل وتشجيع الاستثمار ودعم المقاولة.
-
تعزيز الاقتصاد الوطني وتحقيق التماسك الاجتماعي.
-
ضمان السلم الاجتماعي والاستقرار الوطني.


