بين خطاب الطمأنة ورهان الحسم المبكر: ماذا يقول الركراكي فعلًا قبل مواجهة مالي؟

0
123
صورة: و.م.ع

لا يقدّم وليد الركراكي، في خرجته الإعلامية التي سبقت مواجهة المنتخب المغربي لنظيره المالي، مجرد معطيات تقنية حول الجاهزية أو وضعية الإصابات، بقدر ما يبعث رسائل محسوبة تتجاوز الإطار الظرفي للمباراة، وتعكس طريقة تدبير الطاقم التقني لمنافسة تُلعب على أرض المملكة وتحت ضغط التوقعات المرتفعة.

حديث الناخب الوطني عن “الروح القتالية” و”الرغبة في الحسم المبكر” لا ينفصل عن إدراكه لطبيعة مباريات كأس أمم إفريقيا، حيث لا تكون الأفضلية النظرية دائمًا كافية، وحيث تتحول الجولة الثانية غالبًا إلى لحظة مفصلية بين منتخب يسعى إلى فرض منطقه، وآخر يقاتل لتعديل موازين المجموعة. من هذا المنظور، تبدو مواجهة مالي اختبارًا للقدرة على إدارة الاستمرارية أكثر مما هي امتحان لردة الفعل.

الركراكي توقّف عند الانتصار الافتتاحي باعتباره “دفعة معنوية”، لكنه في العمق يقرّ بصعوبة مباريات البداية، ليس فقط بسبب ضغط الافتتاح، بل لأن المنتخبات المضيفة تعيش دائمًا ازدواجية الأداء بين الرغبة في الإقناع والخوف من التعثر. تجاوز هذه المرحلة، كما لمح، لا يعني أن الطريق بات معبّدًا، بل أن المنتخب خرج من أول فخ نفسي بأقل الأضرار.

في المقابل، فإن توصيفه لمباراة مالي بـ”غير السهلة” يحمل اعترافًا ضمنيًا بأن المنافس يملك من الخبرة القارية ما يسمح له بتعقيد الحسابات، خاصة أمام منتخب يبحث عن تأكيد الطموح لا عن مجرد التأهل. وهنا، يصبح رهان الحسم المبكر خيارًا استراتيجيًا لتفادي الدخول في حسابات الجولة الأخيرة، أكثر منه استعراضًا للقوة.

أما على مستوى الجاهزية، فإن إعلان غياب العميد غانم سايس بسبب الإصابة يفتح نقاشًا هادئًا حول عمق التركيبة الدفاعية، وقدرة المجموعة على التكيّف دون أحد عناصرها القيادية، في حين يندرج التأكيد على جاهزية أشرف حكيمي ضمن خطاب الطمأنة الموجّه للجماهير، في بطولة يُعد فيها استقرار الأسماء المفصلية عاملًا حاسمًا.

رضا الركراكي عن الأداء والنتيجة في المباراة الأولى، ومقارنته ببدايات منتخبات أخرى، لا يخلو من بعد تواصلي يهدف إلى تثبيت صورة “البداية الإيجابية” دون الانزلاق إلى خطاب التفوق المطلق. فالإيحاء هنا ليس أن المنتخب حسم شيئًا، بل أنه وضع قدمه في المسار الصحيح.

يدخل “أسود الأطلس” لقاء مالي ضمن الجولة الثانية من دور المجموعات وهم يدركون أن الرهان لا يتعلق فقط بثلاث نقاط، بل بترسيخ منطق البطولة: منتخب يعرف ماذا يريد، ويتقدم خطوة بخطوة، دون أن يسمح للتوقعات بأن تتحول إلى عبء إضافي. وبين المعلن في خطاب المدرب، والمسكوت عنه في رهانات المنافسة، تظل مباراة الغد محطة اختبار لقدرة المنتخب على ترجمة الطموح إلى توازن داخل الملعب.

وتُجرى مباراة المغرب ومالي يوم غد الجمعة، فيما يختتم المنتخب الوطني مساء اليوم تحضيراته بإجراء آخر حصة تدريبية، في أجواء يُراد لها أن تجمع بين الجدية والهدوء، قبل دخول لحظة الحقيقة.