منظمة مغربية تدعو لإدراج زواج القاصرات في قائمة الاتجار بالبشر والزواج القسري

0
325

“زواج القاصرات.. زواج الأطفال.. الزواج المبكر”.. جميعها مسميات عديدة لجريمة تُعد مكتملة الأركان فى حق فتيات قبل بلوغهن السن الإنسانى والقانونى ، في المغرب تُجبر فتيات قد لا تتجاوز أعمارهن 12 عاما على الزواج أو يتم خداعهن للزواج من رجال يقومون باستغلالهن من أجل الجنس والعمل المنزلي في جميع أرجاء العالم. وقال مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة إن هذا الأمر “غير مبلغ عنه، وهو شكل عالمي من أشكال الاتجار بالبشر”.

الرباط – دعت “المنظمة المغربية لحقوق الإنسان” إلى تجريم تزويج القاصرات، وإدراجه في قائمة “الجرائم المرتبطة بالاتجار في البشر”.

جاء ذلك ضمن تقرير للمنظمة حول حقوق الإنسان في المغرب خلال فترة جائحة كورونا، حيث أوصى بتوسيع جريمة الاتجار بالبشر لتشمل تزويج القاصرات وتشغيل الأطفال والتسول بهم.

وأكدت المنظمة إلى مواصلة حملات التحسيس بمكافحة الاتجار بالبشر عبر وسائل الإعلام العمومية، وداخل المؤسسات التعليمية والتربوية، وكذا تكثيف جهود السلطات المعنية بمحاربة شبكات تهجير الأشخاص، وشبكات الاتجار بالبشر.

وشدد المصدر ذاته، على الدولة مواصلة اتخاذ التدابير اللازمة لمنع ومكافحة جميع أشكال الرق المعاصرة والعمل القصري والاتجار بالبشر خلال جائحة كورونا.

ولاحظ التقرير أنه تم إلقاء القبض على شبكات تشتغل في مجال الاتجار بالبشر ذات العلاقة بالهجرة في المغرب خلال فترة جائحة كورونا، في حين لم يلاحظ أي توقيفات مرتبطة بأشكال أخرى للاتجار بالبشر، خاصة العاملات بالمنازل اللواتي يتم استقدامهن من دول أخرى أو النساء اللواتي يجري استغلالهن في دور الدعارة.

واعتبر التقرير أن عملية تدبير الطوارئ الصحية كانت تمرينا حقيقيا لأعوان السلطة “والذين كانوا في الواجهة وفي تماس يومي مع المواطنات والمواطنين، ما ترتب عنه بعض التجاوزات، كما كانت تمرينا للمواطنين الذين لم يعيشوا مثل هذه الظروف الصعبة من قبل”. 

نشرت الوكالة الأممية تقريرا يوثق الروابط المتداخلة بين الاتجار بالأشخاص والزواج، ويوضح التقرير خطوات ينبغي على الحكومات والسلطات المعنية اتباعها للتصدي لذلك.

وقالت سيلكة ألبرت الخبيرة في مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة والمشارِكة في إعداد التقرير: “هذا أول تقرير يبحث في القضية على الصعيد العالمي ومن منظور الالتزامات القانونية الدولية التي يتعيّن على الدول أن تتصدى من خلالها للاتجار بالبشر”.

وتضمنت الدراسة بحثا تم إجراؤه في تسع دول في مناطق مختلفة من العالم على مدار 12 شهرا. والبلدان المشمولة هي كندا وألمانيا والأردن وقيرغيزستان وملاوي وصربيا وجنوب أفريقيا وتايلند وفييت نام.

وأجرى الخبراء مقابلات مع نحو 150 شخصا كانوا على اتصال مع ضحايا محتملين للاتجار بالبشر، مثل المحامين والمسؤولين الحكوميين وأعضاء المنظمات غير الحكومية وضباط شرطة.

وقالت تيجال جسراني، المسؤولة عن البحث في الوكالة الأممية: “اكتشفنا أنه على الرغم من أن الاتجار بغرض الزواج هو ظاهرة عالمية، فالطريقة الوحيدة التي تُرتكب بها الجريمة في مختلف البلدان محددة للغاية اعتمادا على العوامل الثقافية والدينية والاجتماعية والاقتصادية”.

بحسب التقرير، فإن معظم ضحايا الاتجار بغرض الزواج من الإناث، وكثيرات منهن ينتمين إلى عائلات ضعيفة.

ووجد الباحثون أنه يمكن ترتيب “التزويج” بواسطة أفراد الأسرة أو وكالات الزفاف أو السماسرة، غالبا لتحقيق مكاسب مالية أو مادية، وفي بعض الحالات يتم اختطاف العرائس.

وتُستخدم أساليب قسرية أو احتيالية مختلفة للحصول على الموافقة، بما في ذلك الاختطاف والخداع واستغلال العوز ومنح الهدايا ودفع الأموال.

وتواجه النساء والفتيات المجبرات على مثل تلك الزيجات القسرية العنف والإساءة والقيود على الحركة والعزلة عن الوالدين والأصدقاء.

ودعت المنظمة إلى إعمال مبدأ عدم الإفلات من العقاب وسريانه على الجميع دون استثناء، وإلى ضرورة تعزيز ثقافة المواطنة ونشر قيمها، وكذا تكوين وتعزيز قدرات المكلفين بإنفاذ القوانين بخصوص التعامل مع المواطن خصوصا خلال الأزمات والكوارث.

أمام استمرار زواج القاصرات بالمغرب، يطالب العديد من المدافعين عن حقوق الإنسان بإلغاء الفصل 20 الذي يعتبرونه أصل المشكلة، إضافة إلى اقتراحهم إطلاق حملات للتوعية للحد من تلك الظاهرة. ويُعطي الفصل 20 من مدونة الأسرة المغربية الحق للقاضي بقبول طلب تزويج الفتاة القاصر حسب الحالة، هذه الفصل الذي يعتبره عدد من الحقوقيين تحايلًا على القانون. 

وتعتبر أمل الأمين أنه بعد تعديل مدونة الأسرة للسن القانونية للزواج بالنسبة للفتاة من 15 إلى 18 سنة، مع إعطاء استثناء لتزويج القاصر، أصبح الاستثناء قاعدة. وتعتبر عدم التوعية أحد أسباب ظاهرة تزويج القاصرات باعتبار أن المكان الطبيعي للفتيات والفتيان هو المدرسة، وليس الزواج في سن مبكرة، لأن الدراسة التي خلصت لها الجمعية تُبين أن 99 في المئة من هذه الزيجات لا تنجح لأسباب مثل التعرض للعنف وعدم تحمل المسؤولية، ومشاكل أسرية، وعدم دراية بالعلاقة الجنسية.

“زواج الفاتحة يحرم القاصرات في مختلف قرى ومدن المغرب من مجموعة من الحقوق، مثلًا، لا يُعترف بأطفالهن قانونيًا، وإذا لم يكن لدى الطفل دفتر الحالة المدينة، فإنه يحرم، أيضًا، من مجموعة من الحقوق، من بينها: الحق في الصحة والتمدرس، ما يعني أن زواج الفاتحة يدمر القاصرات وأطفالهن، على حد سواء”. هذا ما صرحت به أمال الأمين، منسقة مشروع “محاربة تزويج القاصرات بالمغرب” في “جمعية حقوق وعدالة” في حديثها لـ”الترا صوت”، على هامش تقديم نتائج الدراسة الوطنية حول تزويج القاصرات بالمغرب.

ودقت الدراسة التي أنجزتها جمعية “حقوق وعدالة” الخطر بخصوص ارتفاع عدد زواج القاصرات بالفاتحة، رغم الجهود التي بذلتها الدولة في السنوات الأخيرة، إذ كشفت أن 10.79 في المائة من الفتيات على الأقل، على المستوى الوطني، يتزوجن بـ”الفاتحة”. وبينت الدراسة التي جرى تقديمها بمناسبة اليوم العالمي لمكافحة الاستغلال الجنسي، أن “زواج الفاتحة مستمر بنسبة كبيرة تبلغ 13 في المائة في المناطق القروية، مقابل 6.56 في المائة في المناطق الحضرية”، مبرزة أن هذا “النوع من الزواج يمثل في بعض المناطق نسبة مرتفعة جدًا، وأحيانًا يعادل نسب الزواج الموثق أمام المحاكم، كما هو الحال بالنسبة إلى جهة درعة- تافيلالت” في الجنوب الشرقي للمغرب.

وشملت هذه الدراسة نحو 627 حالة زواج قاصرات، حيث يمثل العالم القروي ضعف العالم الحضري بـ408 حالة، مقابل 207 في المجال الحضري. هكذا يظهر أن 51.47 في المائة من المبحوث معهن تزوجن في سن 17 عامًا؛ ونسبة 29.15 في سن 16 عامًا؛ و11.24 في سن 15 عامًا؛ و8.14 في المائة تزوجن في سن 14 عامًا. وتتركز هذه العينة الأخيرة في كل من جهة الدار البيضاء- سطات والرباط- سلا- القنيطرة، لكن تعتبر جهة الدار البيضاء الأكثر تضررًا بتزويج القاصرات بنسبة 19.86 في المائة.

وحول طبيعة الزواج، أوردت الدراسة أن الزيجات المصادق عليها حاضرة بنسبة 72.76 في المائة، يليها الزواج العرفي بالفاتحة بنسبة 10.79 في المائة، وهذه الظاهرة الأخيرة تتمركز في جهتي درعة ــ تافيلالت وبني ملال- خنيفرة. واقع مؤلم آخر تكشفه الدراسة، هو أن نسبة 44.37 في المائة من العينات، التي شملها البحث، لم تتجاوز مستوى التعليم الابتدائي. وإذا عدنا إلى أبناء هؤلاء القاصرات، فإن نسبة 89.35 في المائة منهم لا يتجاوز المدرسة الابتدائية، و92.83 في المائة منهم لم يتجاوز المستوى الإعدادي، أي إن عدم تمدرس الآباء وجهلهم بأهمية الدراسة ينعكس سلبًا، أيضًا، على حياة الأبناء.