اجتاحت مؤخرا وسائل التواصل الاجتماعي في المغرب ظاهرة «المؤثرون» أو (Influencers) الذين يساهمون في تسويق السلع والخدمات، خصوصاً على موقع فايس وك تويتر وانستغرام، و”المؤثر ” ببساطة هو الشخص الذي يتبعه عدة ملايين، وبحد أدنى 10 آلاف متابع، على وسائل التواصل الاجتماعي، يثقون في تقييمهم لسلع أو خدمات في مجال معين بحيث تستعين بهم الشركات لتسويق منتجاتها مقابل مدفوعات أو هدايا تقدمها لهم. وهو مجال مختلف تماماً عن الإعلان المباشر وعن الإعلام، ويعترف أصحابه بتلقي مدفوعات مباشرة مقابل الخدمات التي يقدمونها.
تجابه الحكومة المغربية أزمة عدم قدرة النظم والقوانين الضريبية القائمة على مواجهة وإخضاع هذا النوع من التجارة مطرّد النمو، في ظل الطفرة التي شهدها قطاع تكنولوجيا المعلومات مع مطلع الألفية الجديدة، مما سمح لظهور أنواع جديدة من الشركات ونماذج أعمال لم تكن موجودة من قبل ولم تعهدها النظم الضريبية القائمة، مما يستلزم تعديل القوانين الضريبية المغربية، وكذلك الاتفاقيات الضريبية الدولية في ظل التطورات التكنولوجية المتسارعة.
الرباط – في ظل ازدياد عدد المؤثرين على مواقع التواصل الاجتماعي في المغرب، بدأ الحديث محليا عن إمكانية فرض رسوم ضريبية على البعض منهم، بحسب وسائل إعلام مغربية.
ونقل موقع “هسبريس” عن مصدر مطلع بأن “مديرية الضرائب تتجه نحو بعض المؤثرين المغاربة، وذلك بعد التأكد بالحجة والدليل، من أن أغلب هؤلاء قبضوا أجورهم نقدا لتفادي أي دليل على تعاملاتهم المالية التي تبلغ الملايين من الدراهم”.
وكانت صحيفة “الأخبار” المغربية، قد أشارت عام 2019 إلى أن “المكتب الضريبي باشر التدقيق مع أولئك الذين لا يعلنون عن مداخيلهم من يوتيوب من أشخاص ماديين جهلا أو طوعا”.
“صعوبات عملية”
وعن هذا الجدل القائم، يعلق المحلل الاقتصادي، رشيد أوراز، في حديث لموقع “الحرة”، قائلا: “من الصعب فرض ضريبة على الأشخاص المؤثرين في مواقع التواصل الاجتماعي، من الناحية العملية، لأنه لا توجد أرقام وطرق للتدقيق في الأرباح التي يتم تحصيلها”.
وأشار أوراز إلى أن “قسما كبيرا من المؤثرين المغاربة يقطنون خارج البلاد، ومن الصعب فرض ضريبة بنسبة تقريبية تفوق الـ٣٠ في المائة على هذا النشاط الذي لا أعتقد أنه يحقق الكثير من الأرباح لمن هم في المغرب”.
“ضريبة على العقود لا المشاهدات”
بينما أعربت روعة بيوتي، وهي من الشخصيات المغربية المؤثرة في مجال التجميل، في حديث لموقع “الحرة”، عن استعدادها لدفع أي ضريبة، لافتة إلى أن لديها شركة إنتاج محتوى بصري وقد اعتادت على تسديد الرسوم”.
ومن ثم استدركت بيوتي قائلة: “الضريبة التي يمكن فرضها هي على أرباح العقود التي نجريها مع العلامات التجارية، ولكن لا يمكن محاسبتنا على ما نحققه من أموال على عدد المشاهدات”.
وتابعت: “فلتكن الضرائب على المحتوى التجاري، في حال لا بد من فرضها، لا على الفيديوهات الخاصة”.
وروعة بيوتي، تعتبر واحدة من أكثر المغربيات شهرة في مجال التجميل وأسلوب الحياة على موقع “يوتيوب”.
لجنة المالية توضح
في المقابل، قال رئيس لجنة المالية في مجلس النواب المغربي، عبد الله بوانو، في حديث لموقع “الحرة”: “لقد تم بالفعل بحث إمكانية فرض ضرائب على المحتوى الرقمي في البرلمان”.
وكشف أن “التوجه نحو فرضه على الشركات الكبرى، وليس على الأفراد الذين يحققون أرباحا من خلال النشاط الذي يقومون به على شبكات التواصل الاجتماعي”.
وأوضح بوانو أن “المغرب في انتظار الاتحاد الأوروبي الذي يبحث مشروع قانون ينص على اعتماد رسم أوروبي على عمالقة العالم الرقمي غوغل، يوتيوب، فايسبوك، أمازون، وغيرها”.
فرنسا استبقت القرار الأوروبي
وكانت الحكومة الفرنسية قد أعلنت أنها ستفرض رسوما على كبريات الشركات الرقمية مطلع العام 2019، بدون انتظار اتفاق محتمل مع الاتحاد الأوروبي.
وأشار وزير المالية الفرنسي، برونو لومير، حينها، إلى أن “قيمة الضريبة المفروضة عن مجمل العام 2019 حوالي 500 مليون يورو”.
في المقابل، قال متحدث باسم “فايسبوك”، لوكالة “فرانس برس” إثر إعلان القرار الفرنسي “سنستمر في احترام واجباتنا الضريبية كما هي مقررة في التشريعات الفرنسية والأوروبية”، موضحا أن الموقع “وضع طوعيا في 2018 هيكلا جديدا للبيع والفوترة” في فرنسا وأن كافة العائدات من الدعايات التي تتكفل بها فرق الشركة في فرنسا “يتم تسجيلها في فرنسا”.
ضريبة على منتجي المحتوى في أميركا
يذكر أن موقع “يوتيوب”، أعلن في فبراير الماضي، اعتزامه اقتطاع ضرائب محددة من منتجي المحتوى على منصته في الولايات المتحدة، خلال الأشهر القادمة، بخطوة قد يطال أثرها صناع المحتوى القاطنين خارج الولايات المتحدة.
وطالب “يوتيوب” رواده من أصحاب القنوات بتقديم معلوماتهم المالية والضريبية، في إجراء يهدف إلى تسهيل عملية الاقتطاع الضريبي وتنظيمها.
وحذر أصحاب القنوات بالقول: “فيما لو لم يتم تقديم معلوماتك الضريبية بحلول 31 مايو 2021، قد يُطلب من غوغل اقتطاع ما يصل إلى 24 بالمائة من مجمل أرباحك حول العالم”.
المصدر: موقع “الحرة“