أعلنت مؤسسة الآغا خان عن افتتاح معرض “طريق الحرير: تاريخ حي”، وهو معرض للتصوير الفوتوغرافي في الهواء الطلق لمصور السفر كريستوفر ويلتون ستير.
يضم المعرض أكثر من 160 صورة فوتوغرافية، وهو يدعو المشاهد للقيام برحلة من لندن إلى بكين، والتعرف على العديد من الأشخاص والأماكن والثقافات على طول طريق التجارة القديم.
اهتم المعرض بترتيب الصور لتخلق مساراً مادياً للمشاهدين، ما يتيح لهم فرصة السفر بالوكالة، ولا سيّما مع إغلاق صالات العرض نتيجةً لجائحة كورونا. كما يسمح هذا المعرض الخارجي بالتباعد الاجتماعي، ويقدم للزوار حافزاً ثقافياً في وقت مناسب. علاوةً على ذلك، ومع قيود السفر الحالية، يفتح المعرض عالماً من الوجهات البعيدة التي يتعذر الوصول إليها حالياً.
يهدف المعرض إلى الاحتفال بتنوع أشكال التعبير الثقافي الموجودة على طول طريق الحرير، وتسليط الضوء على أمثلة حول كيفية محافظة الممارسات والطقوس والعادات التاريخية على حيويتها حتى يومنا هذا، فضلاً عن الكشف عن الروابط بين تلك الثقافات والتي تبدو للوهلة الأولى بأنها مختلفة تماماً. كما يسعى المعرض إلى تحفيز وتوليد الاهتمام والتفاهم بين الثقافات البعيدة وتحدي التصورات المتعلقة بأجزاء من العالم غير مشهورة وغير معروفة كثيراً.
هذا وسيقوم المعرض بعرض صورٍ عن إيران وتركمانستان وأوزبكستان وطاجيكستان وقيرغيزستان وباكستان والهند والصين وأماكن أخرى، إضافةً إلى تمكّن الزوار من الوصول إلى محتوى إضافي، إلى جانب مشاهدة مقاطع من الفيديو والاستماع للموسيقى عبر النقر على رمز موجود على كل صورة من المعرض.
أُنشئ طريق الحرير، وهو الاسم الذي يُطلق على العديد من الطرق التجارية التي تربط الصين بالغرب، لأول مرة خلال أيام الإمبراطورية الرومانية. سهّلت على مدى عدة قرون عملية تبادل السلع والأفكار والأديان والتقنيات عبر آلاف الأميال من عملية تشكيل وتغيير العالم كما نعرفه، إلا أنها فقدت مكانتها البارزة في طرق التجارة البحرية الجديدة بحلول القرن السابع عشر، رغم أن إرثها لا يزال قائماً. يمكن اعتبار “مبادرة الحزام والطريق” الصينية، الممر التجاري المزدوج، والذي تبلغ قيمته 900 مليار دولار أمريكي ويهدف لإعادة فتح القنوات بين الصين والغرب، كنقطة انطلاق في القرن الحادي والعشرين.
تعمل مؤسسة الآغا خان جنباً إلى جنب مع الوكالات الشقيقة التابعة لشبكة الآغا خان للتنمية في آسيا الوسطى منذ حوالي 30 عام، فضلاً عن عملها منذ حوالي القرن في الهند وباكستان. كانت شبكة الآغا خان للتنمية من خلال عملها جنباً إلى جنب مع الحكومات شريكاً طويل الأمد في عمليات التنمية في أفغانستان وجمهورية قيرغيزستان وطاجيكستان وباكستان والهند ومؤخراً كازاخستان.
يُذكر أنه في السنوات الثلاثين الماضية، استثمرت شبكة الآغا خان للتنمية ووجهت عدة مليارات من الدولارات في عمليات التنمية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية لآسيا الوسطى مع تعزيز التعددية، فضلاً عن تمكين المرأة لتصبح في صُلب تلك الجهود.
تم توثيق بعض الأمثلة عن الأعمال التي نفذتها مؤسسة الآغا خان وشبكة الآغا خان للتنمية على طول طريق الحرير في المعرض، مثل جسر ڤانج العابر للحدود بين أفغانستان وطاجيكستان، والذي يُعتبر واحداً من ضمن ستة جسور شيّدتها مؤسسة الآغا خان للمساعدة في تحسين الاتصال بين هاتين المنطقتين المرتبطتين تاريخياً.
تسمح الاتفاقيات المبرمة بين الحكومات المعنية للتجار ببيع البضائع في أسواق مخصصة ومحددة على أحد جانبي الجسور أو كليهما. يمكن للأفغان أيضاً عبور هذه الجسور لتلقي الرعاية الصحية الحرجة، ما يوفر عليهم رحلة طويلة وشاقة عبر الجبال إلى أقرب مستشفى أفغاني.
هذا وتعمل مؤسسة الآغا خان وكجزء من عملها في مجال الأمن الغذائي على تقديم الدعم للمزارعين مثل كريمكول لتوسيع مشاتلهم حتى يتمكّنوا بدورهم من دعم المزارعين الآخرين في هذه المنطقة النائية والجبلية. يُذكر أن كريمكول هو أحد مزارعي أشجار الفاكهة والخضروات من منطقة جلال أباد في قرغيزستان.
يتمثل جانب آخر من أعمال شبكة الآغا خان للتنمية في الحفاظ على المباني التاريخية، مثل قصر خابلو في شمالي باكستان، والذي تم تشييده في عام 1840، ويُعتبر أفضل مثال عن الإقامة الملكية في المنطقة. هذا وعانى القصر بحلول أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين من وضع سيئ بسبب تحويل بعض الغرف كحظيرة للماشية. لكن من خلال العمل جنباً إلى جنب مع الحكومة المحلية، بدأ صندوق الآغا خان للثقافة أعمال الترميم في عام 2005 وأُعيد افتتاح القصر كمتحف وفندق تراثي في إطار مجموعة فنادق سيرينا في عام 2011. أدى ترميم القصر إلى خلق عشرات الوظائف في قطاع الضيافة وساعد في فتح المنطقة أمام السياحة. هذا وتلقت أعمال الترميم العديد من الجوائز، ومن ضمنها جائزة اليونسكو للحفاظ على التراث في عام 2013.
كما وتم التأكيد على أهمية الترويج السياحي من خلال صورة توثّق حفل افتتاح مركز سياحي جديد في جبال بامير في شرقي طاجيكستان، حيث قامت فتاة ترتدي الملابس التقليدية الطاجيكية بأداء بعض الرقصات. وكجزء من جهود الإدماج الاقتصادي، تدعم المؤسسة عمليات التنمية المستدامة للسياحة في المنطقة لصالح المجتمعات المحلية.
تأسست جمعية بامير للسياحة البيئية والثقافية في عام 2008 بدعمٍ من مؤسسة الآغا خان. وهي تتولى إدارة المراكز السياحية وتساهم بخلق فرص عملٍ للسكان المحليين وتشجع على الحفاظ على التراث التاريخي والموارد الطبيعية والحياة البرية مع دعم السياح لزيارة هذه المنطقة النائية والجميلة بشكل مذهل.
وكانت فعاليات معرض “طريق الحرير” قد بدأت بتاريخ 8 أبريل وتستمر حتى 16 يونيو 2021 في ساحة غراناري في منطقة “كينغز كروس” بلندن، وهي متاحةً أمام الجمهور.
تسمح القيود إقامة برنامج يتضمن إجراء بعض الحوارات وورش العمل لتكون متاحة أمام الجمهور في مركز الآغا خان، إضافةً لوجود خطط لبناء بازار طريق الحرير لمؤسسة الآغا خان في منطقة سوق كانوبي القريبة.
ومن الصور المعروضة صورة لجسر مدينة موستار في البوسنة والهرسك، حيث تشتهر مدينة موستار بجسرها الشاهق والأنيق، والذي يبلغ ارتفاعه 20 متراً ويجري تحته نهر نيريتفا. قام السلطان سليمان القانوني ببناء الجسر في عام 1557 عندما كانت هذه المنطقة تحت السيطرة العثمانية. بقي الجسر لمدة 427 عام إلى أن تم تدميره في عام 1993 خلال حرب البوسنة، لكن في عام 2004، أُعيد افتتاحه بعد انتهاء أعمال الترميم، والتي شملت إعادة تأهيل البلدة القديمة التي نفذها صندوق الآغا خان للثقافة.
وتقدم صورة أخرى من المعرض مجموعة من الدراويش يدورون في “غلطة ميفلي هاوس” في اسطنبول، وهو أحد نزل الدراويش القليلة المتبقية في تركيا. قدّم الشاعر الفارسي في القرن الثالث عشر وعالم الدين الإسلامي والصوفي مولانا جلال الدين الرومي لأتباعه ممارسة الدوران كتأمل مليء بالنشاط من الناحية الجسدية. يقوم الدراويش من خلال ممارسة الدوران بتأمل الوجود الإلهي، ويزداد لديهم الشعور بالحب، ويتخلون عن غرورهم ويسعون نحو الكمال. هذا وتمثل القبعات الطويلة المصنوعة من اللباد التي يرتديها الدراويش بمثابة شاهد قبر لتحفيزهم على التخلي عن الشعور بالغرور.
بينما تقدم صورة أخرى بازار تبريز الكبير في إيران الذي يعتبر أحد مواقع التراث العالمي لليونسكو وأكبر سوق مغطى في العالم والذي من خلاله مرّ ماركو بولو في طريقه إلى الصين في القرن الثالث عشر. حصل مجمع سوق تبريز التاريخي على جائزة الآغا خان للعمارة في دورة عام 2013.
ومن الصور الأخرى: مركز “عالم” الثقافي والترفيهي، والذي يمتلك أكبر عجلة فيريس مغلقة في العالم؛ ومدينة شيان التي كانت إحدى العواصم الأربع القديمة للصين، وهي تعتبر نقطة البداية لطريق الحرير، أو نقطة النهاية إذا كنت قادماً من الغرب؛ وصورة لبعض الأشخاص وهم يقومون بأداء الصلاة في مسجد تاج محل في أغرا بالهند؛ والعديد من الصور الأخر.