السعودية: الحكم بالإعدام ناشط سعودي أخو “رجل دين معارض في لندن” على خلفية تغريدات انتقد فيها الفساد

0
277

تداول ناشطون منذ يوم الخميس الماضي خبر صدور حكم بالإعدام بحق السعودي محمد بن ناصر الغامدي (54 عاما).

وقد صدر الحكم عن المحكمة الجزائية السعودية المتخصصة التي تنظر عادة في قضايا إرهابية، والغامدي مدرّس متقاعد أوقف صيف عام 2022 بسبب التغريد وإعادة التغريد من حسابين وهميين يمتلكهما، الأول فيه متابعان والثاني فيه ثمانية متابعين.

وأكدت منظمة هيومن رايتس ووتش خبر الحكم الصادر عن المحكمة الجزائية، وأشارت إلى أن الغامدي أدين في العاشر من تموز/ يوليو الماضي ب “عدة جرائم جرّاء تعبيره السلمي على الإنترنت فحسب”، وحكم عليه بالإعدام، بعد اعتبار تغريداته وإعادته التغريد ونشاطه على اليوتيوب دليلا ضده”، وفق بيان للمنظمة.

شقيق الغامدي ويدعى سعيد بن ناصر الغامدي وهو رجل دين معارض يعيش في لندن في المملكة المتحدة، أكد في تغريدة أن المحكمة الجزائية برئاسة عوض الأحمري “حكمت بالقتل على شقيقي إثر خمس تغريدات تنتقد الفساد وانتهاك حقوق الإنسان”، ولفت إلى أن هذا الحكم صدر بسبب دفاع شقيقه محمد في أثناء التحقيق عن الدعاة الإسلاميين المسجونين في السعودية: عوض القرني وسلمان العودة وسفر الحوالي وعلي العمري.

واعتبر سعيد الغامدي الحكم الصادر بحق شقيقه يستهدفه شخصيا موضحا في التغريدة على حسابه في منصة إكس (تويتر سابقا): أن ” الإجراءات التي اتبعت معه توحي بأن هذا الحكم الباطل يستهدف النكاية بي شخصيا بعد محاولات فاشلة من المباحث لإعادتي إلى البلاد”.

وكان حساب “معتقلي الرأي”، المعني بقضايا المعتقلين السياسيين في السعودية، قال في بيان عبر صفحته الرسمية على موقع إكس “إن المحكمة الجزائية المتخصصة أصدرت حكماً بالقتـ ــل بحق المواطن السعودي محمد بن ناصر الغامدي شقيق المعارض المعروف الشيخ سعيد بن ناصر الغامدي”

وفي السياق، ناشد المعارض المعروف الشيخ سعيد بن ناصر الغامدي “كل من لديه أي قدرة المساعدة في عتق رقبة شقيقه محمد بن ناصر الغامدي وتخليصه من حكم الإعدام الجائر”.

وفي 21 يوليو الماضي، قالت المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان إن 64 شخصا على الأقل يواجهون حاليًا خطر الإعدام في السعودية، من بينهم تسعة كانوا قاصرين عندما وجهت إليهم تهم.

وبعد شهر، أُعدم مصطفى، وهو واحد من بين 81 رجلا أُعدموا في 12 مارس/آذار 2022، في أكبر عملية إعدام جماعية في تاريخ السعودية الحديث.

وكان اسم مصطفى من بين الأسماء المدرجة على قائمة طويلة ومتنامية أعدتها منظمة “ريبريف” الحقوقية المناهضة لعقوبة الإعدام، والتي وثّقت، بالتعاون مع المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان، عمليات الإعدام السعودية بدقة من أجل إصدار تقرير جديد.

وخلصت النتائج، بناء على البيانات التي جرى جمعها منذ عام 2010، إلى الآتي:

تضاعف معدل الإعدام في السعودية تقريبا منذ أن تولى الملك سلمان سدة الحكم في عام 2015، وعين ابنه محمد بن سلمان في مناصب بارزة.

استُخدمت عقوبة الإعدام بشكل دوري لإسكات المعارضين والمتظاهرين، الأمر الذي يخالف القانون الدولي لحقوق الإنسان، الذي ينص على وجوب استخدامها فقط في الجرائم الأكثر خطورة.

أُعدم نحو 11 شخصا اعتُقلوا في البداية عندما كانوا صبية منذ عام 2015، على الرغم من مزاعم السعودية المتكررة بأنها تحد من استخدام عقوبة الإعدام ضد القاصرين.

 ووثّقت منظمة “ريبريف” العام الماضي 147 عملية إعدام في السعودية، بيد أنها تقول إن العدد كان بالإمكان أن يصبح أكبر من ذلك. كما تقول إن البلاد استخدمت “بشكل غير متناسب” عقوبة الإعدام ضد رعايا أجانب، بمن فيهم خادمات في المنازل ومتهمون في قضايا مخدرات صغيرة.

وبعد مرور عام تقريبا، لم يخبر المسؤولون عائلة مصطفى بكيفية إعدامه هو وآخرين، ويقول شقيقه الأكبر، ياسر، إنها مأساة للعائلات.

ويضيف: “لا نعرف إذا كانوا قد دُفنوا بطريقة لائقة أو أُلقي بهم في الصحراء أو في البحر. ليس لدينا أدنى فكرة”.

 ويتحدث ياسر علنا لأول مرة، وهو يعيش حاليا في ألمانيا، بعد أن حصل على حق اللجوء السياسي في أعقاب فراره من السعودية عام 2016، خوفا من أن يلقى نفس المصير الذي عاني منه شقيقه.

ويقول ياسر إن شقيقه كان شخصية “مرحة، واجتماعية، ومحبوبة”، فمنذ عام 2011، شارك مصطفى في مظاهرات يومية، تقودها الأقلية الشيعية في البلاد، ضد النظام السعودي

واعتُقل في 2014، وبعد إعدامه، ورد في إعلان رسمي أنه أُعدم مع 30 آخرين بنفس مجموعة التهم، من بينها محاولة قتل أفراد أمن، واغتصاب، وسرقة، وصنع قنابل، وإثارة الفتنة، ونشر الفوضى والاتجار بالسلاح والمخدرات.

وأضاف: “لم يقدموا أي دليل على الإطلاق، إنها كذبة كبيرة للغاية”، ويقول ياسر إن شقيقه كان لا يزال يحاول الطعن على حكم إدانته في الوقت الذي نفذت فيه السلطات حكم إعدامه مع 80 آخرين.

ويضيف: “لم يعدموهم فحسب، بل لجأوا إلى الإساءة إليهم واتهموهم بأشياء لم يفعلوها”.

وكان محمد بن سلمان قد وعد بعد توليه السلطة بتحديث المملكة، وقال في مقابلة أجريت معه عام 2018 إن بلاده، الحليف الرئيسي للغرب، تسعى إلى “الحد” من اللجوء إلى عقوبة الإعدام.

بيد أن السعودية، بعد ما يقرب من خمس سنوات، لا تزال واحدة من أكثر دول العالم تنفيذا لعقوبة الإعدام، على الرغم من فترة هدوء تزامنت مع رئاسة البلاد لمجموعة العشرين وبدء جائحة كوفيد.

وقالت مايا فوا، مديرة منظمة “ريبريف”، من مكتبها في شرقي لندن، أن ولي العهد “فعل عكس ما وعد به تماما”.

وأضافت أنه “أشرف على عدد كبير من عمليات الإعدام والقمع الوحشي للأشخاص الذين شاركوا في الاحتجاجات المؤيدة للديمقراطية”.

وتقول إن الأدهى من ذلك وجود نظام من السرّية يحيط بعقوبة الإعدام، موضحة أنه بالنسبة للعديد من القضايا التي اطلعت عليها “ريبريف”، لم يعلم أحد أن المحتجزين على قائمة انتظار تنفيذ الإعدام.

وأضافت: “لم تعرف عائلاتهم شيئا. لديك أشخاص اعتُقلوا، وحوكموا، وحُكم عليهم بالإعدام، ثم أُعدموا سرا”.

وتقول فوا إن بعض العائلات اكتشفت فقط من خلال وسائل التواصل الاجتماعي، إعدام ذويهم، ووصفت ذلك النقص في المعلومات الرسمية بأنه أحد “أكثر الجوانب قسوة وإزعاجا” في كل حالة.

اتبعت السعودية في الماضي طريقة قطع الرأس في الإعدام، وكانت الإعدامات تُنفذ في الأماكن العامة، مع نشر أسماء المحكوم عليهم بالإعدام والتهم الموجهة إليهم على المواقع الحكومية.

بيد أن نشطاء حقوق الإنسان يقولون إن استخدام عقوبة الإعدام أصبح يتسم بمزيد من الغموض.

 ويقول علي الدبيسي، مدير المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان ومقرها برلين، إن عقوبة الإعدام جزء من نظام قانوني سعودي “غير عادل في جوهره”.

ويضيف: “لا يمكن لأي نوع من منظمات المجتمع المدني المستقلة أو منظمات حقوق الإنسان العمل هناك. وإذا لم نلفت الانتباه إلى عمليات الإعدام، يُقتل الناس في صمت”.

وقالت هيومن رايتس ووتش إن 41 رجلا من بين 81 أُعدموا في مارس/آذار ينتمون إلى الأقلية الشيعية، وإن “انتهاكات كبيرة وممنهجة في نظام العدالة الجنائية السعودي تشير إلى أنه من غير المرجح خضوع أي من الرجال إلى محاكمة عادلة”، كما سمعت المنظمة أنباء عن حدوث عمليات تعذيب.

وعندما سُمح لياسر بزيارة مصطفى أول مرة، بعد 12 شهرا من اعتقاله في 2014، صُدم عندما رأى شقيقه.

ويقول: “على الرغم من مرور عام منذ آخر مرة رأيناه فيها، لم يستطع حتى الوقوف لتحيتنا”.

ويضيف: “كان يسقط عندما يحاول الوقوف، وعندما سألناه، قال إن ذلك من أثر التعذيب”.

ويقول ياسر: “رأينا كدمات على جسده وأخبرنا أنه تعرض لصدمات كهربائية”.

أخبرتني شقيقة سجين آخر أن شقيقها تعرض أيضا لعمليات تعذيب شديدة.

وتقول زينب أبو الخير، التي لا يزال شقيقها حسين في السجن منذ 2014: “قال (شقيقها) إنه عُلق من قدميه وضُرب. لم يتخيل أبدا أن الاعتراف بالإكراه سيُسمح به في محاكمته”.

واعتُقل حسين، وهو سائق أردني يعمل لدى أسرة سعودية ثرية، بعد ضبط مخدرات في سيارته على الحدود الأردنية السعودية، وشقيقته زينب متأكدة أن المخدرات لا تخصه.

تحدثت زينب من منزلها في كندا، وشرحت لنا كيف أن عائلة حسين تبذل قصارى جهودها لتغطية نفقاتها منذ اعتقاله، وله ابن يعاني من إعاقة، وبعد سجنه “أُجبرت ابنته البالغة من العمر 14 عاما على الزواج” في الأردن.