على وقع استمرار إضراب المعلمين في المغرب للأسبوع الثاني على التوالي، استنكرت الجامعة الوطنية للتعليم (التوجه الديمقراطي) من استمرار الحكومة ووزارة التربية الوطنية في تجاهل مطالب نساء ورجال التعليم وممارسة أسلوب التسويف والمماطلة، في مقابل شن حملات إعلامية لتغليط الرأي العام الوطني،
ودعا لهذا الإضراب “التنسيق الوطني لقطاع التعليم”، المنضوي تحت لوائه 17 تنسيقية، احتجاجاً على “النظام الأساسي” الذي صادقت عليه الحكومة قبل أسابيع، علماً أن هذه التنسيقيات غير منضوية تحت لواء النقابات.
ويتعلق الأمر باحتجاج ضد نظام أساسي ينظم وضعية المعلمين والأساتذة، عَدَّه جزء من الأساتذة مجحفاً بحقهم؛ لأنه يميز بين فئتين: الأولى تخضع لقانون الوظيفة العمومية، والثانية لقانون التوظيف الجهوي في أكاديميات التعليم.
ويرتقب أن يستمر الإضراب غداً وبعد غد، مصحوباً باعتصامات في المؤسسات التعليمية اليوم وغداً.
وكانت النقابات التعليمية الأكثر تمثيلية قد قررت مقاطعة اجتماع كان مقرراً عقده مع وزير التربية الوطنية شكيب بن موسى، الثلاثاء، وخوض اعتصام إنذاري لأعضاء مجالسها الوطنية (الخميس) أمام مقر وزارة التربية الوطنية بالرباط، رغم أن هذه النقابات سبق لها أن وقّعت مع الوزارة اتفاقاً بشأن النظام الأساسي المثير للجدل.
ولم تنخرط النقابات المعنية في الإضراب، وهي الجامعة الوطنية للتعليم التابعة للاتحاد المغربي للشغل، والنقابة الوطنية للتعليم، والجامعة الحرة للتعليم، والنقابة الوطنية للتعليم.
ما مدى التزام رئيس الحكومة عزيز أخنوش بما صرّح به يوم الاثنين. وهو كان قد أعلن عن استعداده لتوفير شروط وضمانات تحسين النظام الأساسي الجديد لموظفي القطاع، والتفاعل إيجاباً مع الملفات المطلبية المقدّمة، وذلك في خطوة لإنهاء الاحتقان ما بين وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة وبين فئات تعليمية عدّة.
وللأسبوع الثاني، شُلّت المؤسسات التعليمية الحكومية في المغرب، صباح اليوم الثلاثاء، من جرّاء إضراب فئات تعليمية وكوادر إدارية وتربوية عدّة رفضاً للمقتضيات الجديدة التي جاء بها النظام الأساسي لموظّفي القطاع. فالهيئات النقابية والتنسيقيات التعليمية المختلفة ترى أنّه لا يلبّي مطالب العاملين في القطاع ولا يحقّق الإنصاف في عدد من الملفات العالقة، من قبيل الدمج الفعلي للأساتذة الذين فُرض عليهم التعاقد، مع عدم توفّر تعويضات مناسبة، والإجهاز على الحقّ في الترقية بالشهادة من خلال ربطها بالمناظرة وتوفّر المناصب المالية، وخلق فروقات بين الفئات التعليمية. يأتي ذلك إلى جانب إثقال هيئة التدريس بمهام تُصنَّف بحكم التطوّع، وعدم تقليص ساعات العمل، وتكريس نظام التعاقد في قطاع التعليم عبر تعزيز إطاره القانوني.
من جهتها، اعتبرت النقابة في بلاغ لها أن الحكومة والوزارة تلجآن للمناورة والمراوغة عبر فتح حوارات تمويهية مغشوشة، لا مصداقية لها، بدل الاستجابة لصوت الشغيلة التعليمية ولملفاتها المطلبية الملحة العادلة والمشروعة.
وطالبت النقابة التعليمية الحكومة ووزارتها الوصية بتحمل مسؤولياتهما وفتح تفاوض حقيقي مع الممثلين الشرعيين للشغيلة التعليمية بعيدا عن كل تسويف وتماطل، وبما يفضي إلى رد الاعتبار لنساء ورجال التعليم والاستجابة إلى مطالبهم العادلة والمشروعة، ويرفع عنهم كل حيف وتمييز ومهانة.
وأكدت الجامعة ضرورة الإنصات لنداء التعقل والمصلحة الوطنية ومصلحة بنات وأبناء الشعب، ونزع فتيل الغليان والاحتقان في قطاع التعليم، بدل الإمعان في إقرار “نظام أساسي” هو في حقيقته “نظام مآسي” يكرس المهانة والتحكم والتمييز.
وأبرز ذات المصدر أن استمرار الإضرابات والاحتجاجات يأتي دفاعا عن الكرامة وعن المطالب العادلة والمشروعة لمختلف فئات نساء ورجال التعليم مزاوِلين ومتقاعِدين، وإسقاط النظام الأساسي، وضد تصفية ما تبقى من التعليم العمومي وتفويته للقطاع الخاص وكذا المس بالحق في ممارسة الإضراب.
ودعت الجامعة إلى الانخراط في البرنامج الاحتجاجي الذي سطره التنسيق الوطني لقطاع التعليم، والذي يتضمن خوض إضراب وطني أيام 31 أكتوبر و1 و2 ونونبر، وتنظيم وقفات أمام الأكاديميات الجهوية والمديريات الإقليمية، فضلا عن خوض إضراب عام وطني أيام 7 و8 و9 نونبر، مرفوقا بمسيرة وطنية بالرباط.
في المقابل، تفيد الوزارة الوصية على القطاع بأنّ النظام الجديد يحافظ على كلّ المكتسبات السابقة، ويستجيب لمطلب توحيد المسارات المهنية، كذلك يتضمّن مقتضيات عدّة في مجال التحفيز سوف تستفيد منها هيئة التدريس، ويستجيب لمطالب طال انتظارها لا سيّما من خلال فتح أفق الترقي لبلوغ الدرجة الممتازة بالنسبة إلى مجموعة من الفئات. تضيف أنّه سوف يُصار كذلك إلى إقرار نظام وآليات أخرى للتحفيز، تراعي المردود المهني.
وقد حاولت الحكومة استباق الإضراب الثالث من نوعه الذي تخوضه الفئات التعليمية منذ بدء العام الدراسي 2023-2024 في سبتمبر/ أيلول الماضي، بدعوة النقابات الأربع الأكثر تمثيلاً، أمس الاثنين، إلى لقاء مع رئيس الحكومة انتهى مع تعبير أخنوش عن استعداده لتوفير شروط وضمانات تحسين النظام الأساسي وللتفاعل إيجاباً مع الملفات المطلبية المقدّمة.
وصرّح الكاتب العام للجامعة الوطنية لموظفي التعليم، المنضوية تحت لواء “الاتحاد الوطني للشغل بالمغرب”، عبد الإله دحمان لموقع “العربي الجديد”، إنّ “كلّ التصريحات المرتبطة بالنظام الجديد وسعي الحكومة إلى الالتفاف على الحراك التعليمي دفعت النقابة إلى برنامج نضالي يتماهى مع نبض الشغّيلة ومطالبها”. أضاف أنّ “الاحتقان الكبير الذي تشهده كلّ مكوّنات المنظومة التربوية يقتضي إسناد الفعل النضالي والحفاظ على النفس الوحدوي من أجل تقوية موقع الرافضين للنظام الأساسي، لا سيّما في ظلّ غياب أيّ ردّ فعل حقيقي لما طالبنا به من حوار متعدّد الأطراف يشمل المسؤولين المعنيين والفئات المتضرّرة وكوادرها التنسيقية”.
وأوضح دحمان أنّ “الإضراب الجديد يمثّل رسالة في وجه أيّ التفاف حكومي على الحراك التعليمي”. وأشار إلى “ضعف الحكومة والوزارة الوصية في التعامل مع الاحتقان الكبير الذي يشهده القطاع وغياب أيّ مبادرة جادة”. وتابع دحمان أنّ “محطتنا النضالية هذه هي من أجل تجديد رفضنا النظام الأساسي ومقتضياته، وهي كذلك دعوة إلى مراجعة هذا النظام”، لافتاً إلى أنّ “مطلبنا هو إنصاف مكوّنات الشغيلة التعليمية بمختلف فئاتها المتضرّرة وتحسين موقع الشغيلة في المجتمع من خلال تحسين أوضاعها الإدارية والمالية والاعتبارية والتكوينية والمهنية”.