إقصاء المغرب من الكان يُعَدُّ فشلا لجامعة “لقجع” في تدبير ملف المنتخب..هل يفي الركراكي بوعده للمغاربة بأنه سيرحل إذا لم يصل إلى نصف نهائي كأس أفريقيا ؟

0
464

هل يفي الركراكي بوعده للمغاربة بأنه سيرحل إذا لم يصل إلى نصف نهائي كأس أفريقيا ؟

الإقصاء للمنتخب المغربي لكرة القدم في دور الـ16 على يد جنوب أفريقيا خلَّف ردود فعل غاضبة داخل الرأي العام الرياضي في المغرب، حيث انتظر المغاربة وصول منتخبهم على الأقل إلى الدور نصف النهائي، لكن الأماني تبخَّرت سريعا. هذا الفشل المتكرر “لأسود الأطلس” في الفوز بالكأس أو على الأقل الوصول إلى الأدوار المتقدِّمة لا يُهدِّد الاستقرار التقني والفني للفريق الوطني المغربي فحسب، بل يتجاوز ذلك إلى عرقلة مشروع كبير تعمل عليه المملكة المغربية يهدف للاستفادة من الرياضة عموما وكرة القدم على وجه الخصوص بوصفها قوة ناعمة من أجل التأثير شعبيا وقاريا.

فما الأسباب؟ وأي تداعيات على مستقبل الركراكي؟

انتقد المغاربة بعض اختيارات المدرب وليد الركراكي، خصوصاً إدخاله اللاعب نصير مزواري، في مركز الظهير الأيسر، وهو العائد من إصابة دامت أسابيع، محلّ اللاعب يحيى عطية الله، الذي لعب مباراة زامبيا في دور المجموعات، رغم أن هذا الأخير متعود على الأجواء الإفريقية، وتحديدا ضد نادي صن داونز، الذي أقصاه عطية الله، رفقة الوداد البيضاوي، من نصف نهائي أبطال إفريقيا قبل أشهر.

وقد أثارت طريقة لعب المنتخب الكثير من الانتقادات، بعدما منح الكرة لمنتخب جنوب إفريقيا في فترات كثيرة من المباراة، ولم يضغط عليه بقوة في مناطقه للتسجيل. وركز الركراكي، قبل تسجيل جنوب إفريقيا لهدفها الأول، في بناء الكثير من الهجمات، على قطع الكرة من لاعبي وسط وهجوم المنتخب المنافس، بدل إبقاء الضغط ضمن منتصف ملعب هذا الأخير.

كما أدى عدد من اللاعبين مباراة متواضعة، ومنهم رأس الحربة يوسف النصيري، الذي بقي ينتظر وصول الكرة إليه، وكذلك لاعب الوسط يونس أملاح، الذي أضاع هدفا محققا، وكانت مساهمته الهجومية ضعيفة، كما خيّب اللاعب أمين عدلي التوقعات بأداء متوسط، وهو من لعب محلّ النجم حكيم زياش، الذي أصيب في آخر مباراة.

عوض تقديم استقالته

رفض الركراكي الحديث حول مستقبله مع المنتخب، وقال في الندوة الصحفية بعد المباراة، إنه سيتحدث مع رئيس الجامعة الملكية لكرة القدم لمناقشة الأمر، مؤكد أنه “يتحمل كامل المسؤولية عن الإقصاء”.

وكان الركراكي قد وعد سابقاً بأنه سيرحل إذا لم يصل إلى نصف نهائي كأس أفريقيا، ما خلق مخاوف متتبعين من تنفيذ المدرب لوعده مع ما ستكون لذلك من تداعيات مؤثرة على المنتخب.

وبينما كانت تقارير المحللين الرياضيين ترجح أن يتوج “أسود الأطلس” باللقب القاري الذي غاب عن خزائن المغرب منذ 1976، فشل المنتخب المغربي في فك عقدة منتخب “البافانا بافانا”، ليتوقف مساره عند دور ثمن نهائي البطولة.

وإلى جانب الضغط الاعلامي الذي رشح رابع العالم للتويج باللقب، أجمع محللون ومعلقون رياضيون في المغرب على 4 أهم أسباب ساهمت في خروج “أسود الأطلس” مبكرا من منافسات “الكان”. 

رغم غزارة الخيارات وثراء دكة البدلاء بعناصر أوليمبية واعدة، إلا أن المدرب وليد الركراكي لم يغير التشكيل الذي قاده للمربع الذهبي في مونديال قطر.

واضطر الركراكي للتغيير أمام جنوب أفريقيا بعد غياب الثنائي حكيم زياش وسفيان بوفال بداعي الإصابة.

ومنذ انطلاق الكان اعتمد المدرب على 10 لاعبين موندياليين، مما جعله كتابا مفتوحا لكل الخصوم، مما صعب المهمة، وهو ما كان ألمح إليه هوجو بروس مدرب جنوب أفريقيا في المؤتمر الصحفي بعد المباراة.

أصر الركراكي على ضم 5 عناصر مصابة لقائمة المغرب بكأس الأمم الأفريقية، مثل سفيان بوفال، وزياش والقائد رومان سايس الذين شاركوا في مباريات وغابوا في أخرى.

بينما لم يظهر أسامة العزوزي لاعب بولونيا الإيطالي، كما تأخر ظهور نصير مزراوي لاعب بايرن ميونخ حتى مباراة ثمن النهائي، مما قلص الحلول وأضعف القوة الضاربة للأسود، بعد تجاهل لاعبين آخرين كانوا أكثر جاهزية.

أثار الركراكي خلال البطولة القارية الجارية بعض الجدل المجاني، مما تسببت في ارتباك اللاعبين ودخول اتحاد الكرة المغربي لأكثر من مرة على الخط للتهدئة.

ومن ذلك واقعة الركراكي مع الكونغولي شانسيل مبيمبا، واستمرار القضية بخطاب اتحاد الكرة الكونغولي ليلة مباراة جنوب أفريقيا، وتهديدهم بالتصعيد واللجوء لمحكمة (كاس) لتأكيد معاقبة الركراكي على الأحداث التي أعقبت مباراة الأسود ضد الكونغو الديمقراطية بدور المجموعات.

إضافة لتصريحات غريبة خلال المؤتمرات الصحفية من قبيل اللعب للعلم المغربي وليس للعرب وأشياء أخرى أفقدت التركيز الذي كان يراهن عليه بأنه سلاح المنافسة على لقب النسخة الحالية.

رغم انتصاره في مباراته الأولى في دور المجموعات أمام تانزانيا بثلاثة أهداف لصفر، أظهر المنتخب المغربي ضعف نجاعته الهجومية حيث تفنن لاعبوه في تضييع عشرات الفرص أمام المرمى.

وفي مباراته الثانية أمام الكونغو الديمقراطية، صنع المنتخب المغربي عشرات الفرص في الشوط الأول وسيطرت كتيبة وليد الركراكي على مجريات اللعب خصوصا بعد تسجيل هدف التقدم في الدقيقة السادسة عن طريق أشرف حكيمي.

في المقابل، كانت فرص الكونغو معدودة على رؤوس الأصابع، لكن لاعبيه نجحوا في ترجمة إحداها إلى هدف في الدقيقة 76 لينتهي اللقاء بهدف لمثله.

وفي مباراته الثالثة أمام زامبيا التي انتهت بفوز “الأسود” بهدف نظيف سجله حكيم زياش في الدقيقة 37، سيطر المنتخب المغربي على مجمل دقائق اللقاء لكنهم فشلوا مجددا في ترجمة العديد من الفرص المحققة إلى أهداف.

وفي مباراة أمس أمام جنوب أفريقيا، عقدة المغرب في كأس أفريقيا، استمر الحال على ما هو عليه، وأهدر المنتخب المغربي العديد من الفرص المحققة للتهديف على مدار دقائق اللقاء.

ولعل أبرز تلك الفرص الضائعة حين ضيع أشرف حكيمي ركلة جزاء في الدقيقة 84 من اللقاء، ليحرم بلاده من إدراك التعادل والذهاب إلى الأشواط الإضافية.

على غرار مشاركته في كأس العالم، عانى المنتخب المغربي من لعنة الإصابات، حيث خاض لقاء أمس بغيابين مؤثرين لكل من حكيم زياش وسفيان بوفال.

وظهر وقع تلك الغيابات جليا في مجمل دقائق اللقاء، خصوصا غياب زياش الذي اعتاد تنسيق العمليات الهجومية مع حكيمي وأوناحي، فيما اعتادت مراوغات سفيان بوفال إرباك دفاع الخصوم ودفعه إلى ارتكاب الأخطاء.

إلى جانب ذلك، أغضب الركراكي الجماهير المغربية لإشراكه لاعب بايرن ميونخ نصير مزراوي في التشكيل الأساسي للأسود، رغم عودته من إصابة استمرت لأسابيع.

انتقدت الجماهير المغربية وليد الركراكي وحملته مسؤولية الإقصاء من “الكان”، مؤكدة أن اختياراته لم تكن مناسبة للأجواء الأفريقية.

و”تتهم” الجماهير المغربي مدرب المنتخب باعتماد العاطفة في اختيار تشكيلة “أسود الأطلس” المشاركة في نهائيات الكوت ديفوار، عوض الاعتماد على لاعبين اعتادوا وخبروا المنافسات القارية.

في المقابل، رد الركراكي على تلك الانتقادات في أكثر من مناسبة، مؤكدا أن 11 لاعبا ممن صنعوا الانجاز التاريخي للمغرب في مونديال قطر غابوا عن التشكيلة المشاركة في نهائيات الكوت ديفوار.

في الثامن من فبراير/شباط سنة 1957، بالعاصمة السودانية الخرطوم، أعلنت 4 دول عن تأسيس الاتحاد الأفريقي لكرة القدم، هذه الدول هي السودان، مستضيف الحدث، ومصر وإثيوبيا وجنوب أفريقيا. وبعد ذلك مباشرة، وفي السنة نفسها، نظَّم الاتحاد أول مسابقة قارية هي كأس الأمم الأفريقية التي فاز بها المنتخب المصري بعد أن شارك في المسابقة رفقة كلٍّ من السودان وإثيوبيا إثر استبعاد جنوب أفريقيا التي كانت غارقة في الفصل العنصري.

لم يشارك المغرب في تأسيس الاتحاد الأفريقي، ولم يشارك طبعا في كأس أفريقيا للأمم، رغم امتلاكه تركيبة عناصر قوية جدا تزعَّمها الجوهرة السوداء “العربي بن مبارك”، و”البطاش” أحد أفضل المدافعين في الدوري الفرنسي حينها، و”حسن أقصبي” الذي ما زال يحتل حتى كتابة هذه السطور المركز 11 في ترتيب هدافي الدوري الفرنسي عبر العصور برصيد 173 هدفا.

لم يكن المغرب، الذي سعى في أواخر الخمسينيات وبداية الستينيات لنفض غبار الاستعمار الفرنسي الجاثم على صدره منذ توقيع معاهدة الحماية سنة 1912، يهتم كثيرا بالحضور الرياضي داخل أفريقيا، فلم يشارك لأسباب مختلفة في عدد من مسابقات كأس أفريقيا التي تلت النسخة الأولى، وانسحب أمام تونس خلال إقصائيات كأس أفريقيا سنة 1962، في حين تمكَّن من الوصول إلى مباراة حاسمة أمام إسبانيا للمشاركة في مونديال شيلي الذي أُقيم في السنة نفسها، لكن المغاربة خسروا أمام جارهم الشمالي على ملعب السانتياغو بيرنابيو بنتيجة 3 أهداف مقابل هدفين. وفي سنة 1963 أُقصي المغرب في التصفيات الأفريقية لكأس الأمم أمام تونس أيضا، لكنه تمكَّن من التأهل لدورة الألعاب الأولمبية طوكيو 1964، واستطاع حجز مقعده بألعاب مكسيكو 1968، لكنه اعتذر بسبب مشاركة دولة الاحتلال الإسرائيلي.




تجلَّت هذه المفارقة في الاهتمام بالمسابقات العالمية على حسب المسابقات القارية في مشاركة المغرب بكأس العالم الذي أُقيم بالمكسيك سنة 1970، قبل مشاركته في كأس الأمم الأفريقية، إذ تعود أول مشاركة مغربية في البطولة القارية لسنة 1972. فسَّر لنا ذلك “معاذ كنينيس”، الصحفي المهتم بتاريخ كرة القدم المغربية، في حديثه لـ “ميدان” بسياسات الدولة المغربية حينها، التي رأت حينئذ أن المشاركة في المسابقات الدولية أهم وأفضل من لعب المسابقات القارية.

على كل حال، انطلقت المشاركة الفعالة للمنتخب المغربي في كأس أفريقيا للأمم سنة 1976، حينما تمكَّن، بقيادة “أحمد فرس”، أحد أهم اللاعبين في تاريخ المملكة، من التتويج باللقب الوحيد حتى الآن. ثمَّ توقفت مسيرة “أسود الأطلس” حيث انطلقت، وسجَّل في البطولة مُجملا حصيلة لا تتناسب مع مكانته، فمن أصل 33 نسخة، لم يتأهل المغرب إلى “الكان” سوى في 18 مناسبة، خرج في غالبيتها من الدور الأول، وتأهل إلى نصف النهائي في 3 مناسبات كلها في العهد الذي كان فيه التأهل من دور المجموعات يعني الحضور في المربع الذهبي مباشرة، فيما تأهل مرة واحدة إلى النهائي في كأس أفريقيا 2004 الذي انهزم فيه أمام المنتخب التونسي.

لم يفز المنتخب المغربي طيلة تاريخه إلا بثلاث مباريات في دور خروج المغلوب، إذ فاز في مباراتين في كأس أفريقيا بتونس (في دورَيْ الربع ثم النصف)، والمرة الثالثة أمام مالاوي في “كان” الكاميرون الذي اختُتم مؤخرا، حيث خرج لاحقا من الدور ربع النهائي أمام المنتخب المصري. “لا يمكن بحال اعتبار منتخبنا الوطني من صفوة المنتخبات المرشحة للظفر بكأس أفريقيا، نحن لسنا مصر أو الكاميرون أو نيجيريا أو حتى غانا، تاريخنا في هذه المسابقة هو أقل من منتخبات أقل قوة مثل الكونغو الديمقراطية وزامبيا وبوركينا فاسو حاليا”، كان هذا تعليق معاذ كنينس لـ “ميدان” حول حصيلة “أسود الأطلس” في الكان.

بدأت القصة سنة 2008 بمدينة الصخيرات القريبة من العاصمة المغربية الرباط، حين أعلن المغرب عن انطلاق إستراتيجية التنمية السياحية المستدامة “رؤية 2020″، واتخذت المملكة حينئذ قرار الاستثمار في التظاهرات الرياضية العالمية والقارية بهدف إثبات حضور سياسي واقتصادي وثقافي قوي. وبدأ المغرب يُظهِر اهتماما كبيرا بتنظيم العديد من الملتقيات الرياضية كتنظيمه كأس العالم للأندية نسختَيْ 2013 و2014، بالإضافة إلى كأس أفريقيا للمحليين 2018، وبطولة العالم للجودو في السنة نفسها، بالإضافة إلى ذلك، تقدَّم المغرب بطلب تنظيم كأس العالم 2026 منافِسا الملف الثلاثي لكلٍّ من الولايات المتحدة الأميركية وكندا والمكسيك، وها هو يُعلن تقديم ملف لتنظيم كأس العالم 2030. 

ولأن المغرب يضع استضافة المسابقات الرياضية العالمية على رأس أولوياته، فإن الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم استثمرت الكثير في البنيات التحتية الرياضية، وبدأت نتائج هذا الاستثمار تؤتي أُكلها خلال التصفيات الأخيرة لكأس العالم قطر 2022، حينما اعتبر الاتحاد الأفريقي لكرة القدم أن ملاعب كلٍّ من جيبوتي ونيامي (النيجر) وواغاودوغو (بوركينا فاسو) وباماكو (مالي) غير صالحة لاستضافة المباريات، فاقترحت المملكة المغربية نفسها حلا بديلا، وجرت الاستضافة على ملاعب طنجة وأكادير ومراكش. من جانبه تمكَّن المغرب للأسباب نفسها من لعب جميع مبارياته الإقصائية على أرضه، وهو ما سهَّل عليه تزعُّم مجموعته بعد أن فاز في جميع المباريات.

حقَّقت هذه الإستراتيجية إفادة كبيرة للمغرب على مستويين، أولهما ترسيخ ريادته الأفريقية في جودة الملاعب والمنشآت الرياضية.

وثانيهما، والأهم، دعم الرياضة للتحركات الدبلوماسية للمملكة التي عادت إلى الاتحاد الأفريقي سنة 2017، إذ تعمل الرباط على توطيد علاقاتها مع بلدان القارة للدفاع عن مصالحها في عدد من القضايا المصيرية على رأسها قضية الصحراء. وبجانب هذا الحضور الأفريقي الذي بات يحظى به المغرب داخل أفريقيا، بل وداخل الاتحاد الأفريقي لكرة القدم، تمكَّن “فوزي لقجع” رئيس الجامعة المغربية لكرة القدم ومايسترو هذا المشروع الدبلوماسي الرياضي من الحصول على مقعد داخل المكتب التنفيذي للفيفا، ناهيك بعلاقته الجيدة مع “جياني إنفانتينو” رئيس الاتحاد الدولي للعبة.

لا شك أن التواصل يساعد الفِرَق والمنتخبات والتجمعات البشرية عموما على خلق جو من التفاهم وتقليل الخلافات والنقاش في حالة اختلاف وجهات النظر، لكن لهذا التواصل شروط أهمها قدرة كل طرف على فهم الطرف الآخر، ولا يمكن لهذا الأمر أن يتحقَّق إذا لم يتواصل الجميع بلغة مشتركة. ففي بث مباشر له مع “رضا بنيس”، الصحفي السابق بقنوات “بي إن سبورت”، كشف “نبيل درار” لاعب المنتخب المغربي سابقا عن وجود مشكلات في التواصل بين لاعبي المنتخب، فلا يتكوَّن المعسكر المغربي من “لاعبين مغاربة”، بل من هولنديين وفرنسيين وإسبان وإن كانوا مغاربة في الأصل، وقد اختاروا تمثيل البلد الذي قَدِم منه آباؤهم رغم تلقي بعضهم عروضا من الدول التي وُلدوا فيها لحمل شاراتها.

بيد أن لكلٍّ من هؤلاء اللاعبين لغة وثقافة مختلفة، وقد لا يتحدَّث اللاعبان اللغة نفسها، وهذا الأمر وإن كان صعبا خارج الملعب، فهو أصعب بكثير داخله، إذ يحس كل لاعب نفسه معزولا في جزيرة نائية عن باقي زملائه. فمثلا، سنجد أن “رومان سايس”، قلب دفاع المغرب، لا يملك أي طريقة سهلة للتواصل مع “سفيان أمرابط” متوسط الميدان الدفاعي، ذلك لأن الأول يتحدث الفرنسية والإنجليزية، فيما يتكلم الثاني الريفية المحلية والهولندية، ومن ثمَّ فإن “سايس” لعله يجد سهولة أكبر في التواصل مع لاعبين من الفريق الخصم مثل غانا أو الكاميرون على التواصل مع زميل له داخل الملعب.

سنجد أن “رومان سايس”، لا يملك أي طريقة سهلة للتواصل مع “سفيان أمرابط”، ذلك لأن الأول يتحدث الفرنسية والإنجليزية، فيما يتكلم الثاني الريفية المحلية والهولندية. (رويترز)

وقد أشار المدرب البوسني للمنتخب المغربي “وحيد خاليلوزيتش” إلى هذا الأمر حينما صرَّح أن طاقمه التقني عليه الحديث بلغات مختلفة من أجل إيصال المعلومة للجميع. هذه المشكلة طبعا تُعتبر ثانوية مقارنة بالمشكلات التي خلقها الاختلاف الكبير في الخلفيات بين اللاعبين، فخلال الفترة الإعدادية لـ “كان” مصر 2019، فجَّر “عبد الرزاق حمد الله”، المحترف المغربي بالدوري السعودي، مفاجأة كبيرة. فبعد أن قرَّر ترك المعسكر الإعدادي للمنتخب بسبب خلافات مع زملائه، خرج بعد ذلك مُتهما “هيرفي رونار” المدرب السابق للمنتخب المغربي بالتعامل معه باحتقار، موضِّحا أنه لم يجد مكانا له داخل المنتخب لأنه لاعب محلي، وأن اللاعبين المحترفين (أي الذين وُلدوا وعاشوا في أوروبا) هم مَن يُقرَّبون ويُمنَحون الفرص، في حين يُتعامَل بظلم مع اللاعب المحلي.

خلقت هذه المشكلة بين حمد الله واللاعبين المحترفين جدلا كبيرا داخل المغرب، وازداد هذا الجدل بعد أن خرج خاليلوزيتش في بداية مهمته على رأس المنتخب بتصريح رأى فيه الكثيرون احتقارا للاعب المحلي حينما صرَّح قائلا: “عندما تُقارن لاعبا مثل حكيمي بلاعبين محليين، ستستنتج أن حكيمي يمارس كرة القدم فيما يمارس اللاعبون المحليون رياضة أخرى”.

وهذا التفضيل الذي ينتهجه جهاز الكرة للاعب الأوروبي، بغض النظر عن مستواه، على اللاعب المحلي وإن كان قد فاز بدوري أبطال أفريقيا (كما حدث مع لاعبي الوداد الرياضي سنة 2017) خلق الكثير من ردود الفعل.

كان ذلك أحد إخفاقات جهاز الكرة في المغرب، حسب الكاتب الصحفي الرياضي “يونس الخراشي”، الذي قال في تصريح لـ “ميدان” إن استبعاد عدد من اللاعبين المحليين في فترة توهُّجهم قاريا هو تقليص من حظوظ المنتخب المغربي في الفوز بكأس أفريقيا أو تحقيق نتائج جيدة على المستوى القاري.

اللاعب “أشرف حكيمي” ومدرب الفريق المغربي “وحيد خليلهودزيتش” (رويترز)

أضاف “الخراشي”، في حديثه لـ “ميدان” حول أسباب عجز المغرب عن تحقيق أي إنجازات قارية، مُشيرا إلى عدة عوامل، أولها أن المنتخب غالبا ما يذهب للمنافسات بوجود مشكلات مرتبطة بالتشكيلة المستدعاة، كما حدث في هذه النسخة بعدم استدعاء “حكيم زياش” نجم تشيلسي الإنجليزي، و”نصير المزراوي” لاعب أياكس أمستردام الهولندي. وثانيها الدخول في هذه المنافسات دون حصول اللاعبين على الخبرة والمراس اللازمين لتجاوز الصعاب الأفريقية، مُعلِّقا: “نأخذ مثلا المنتخب المصري الشقيق، ففي كل مرة يشارك يظهر للجميع قدرته على الفوز باللقب بغض النظر عن الأجيال والأسماء والظروف، لقد لعبت مصر نهائيين من أصل ثلاثة، ويعتبرون ذلك فشلا، في وقت نحن في المغرب نعتبر الوصول إلى نهائي 2004 إنجازا قائما بذاته.

من أجل الفوز بالكأس عليك توفير عدد من المقادير لوصفة الانتصار، نحن في كل نسخة نفتقد بعض المقادير الضرورية لتحقيق المطلوب”.

اعتبر الصحافي المغربي في ختام كلامه أن الإقصاء الأخير يُعَدُّ فشلا لجامعة الكرة في تدبير ملف المنتخب، ولذا فإن المراجعة والتغيير السبيلان الوحيدان لتحقيق نتائج أفضل، ذلك لأنه لا يمكن وضع مقادير الفشل نفسها في كل مرة وانتظار نتيجة مغايرة.

 

 

المصدر 🙁 المغرب الآن + الجزيرة)