رؤساء فرق الأغلبية بجماعة الرباط يتهمون عمدة المدينة بتحريضهم أشخاص على المستشارين وتعريضهم للسب والقذف والشتم بالكلام النابي والمنحط والتهديد

0
442

 يعيش مجلس جماعة الرباط على صفيح ساخن من الاحتقان الذي تجاوز أسوار المجلس ومنتخبيه، ليشمل حزب التجمع الوطني للأحرار الذي بات مهدّدا بخسارة عمودية الرباط، سيّما بعدما دخلت وزارة الداخلية على الخط، بسبب ما وُصِفَ بـ”الممارسات الغير مقبولة” لعمدة المدينة المنتمية إلى حزب “الحمامة”، داخل مجلس “عاصمة الأنوار”، ما بات يهدد تنزيل المشاريع التي يطالب بها السكان وتحقيق الصالح العام.

بدورهم ، اتهم رؤساء فرق الأغلبية بجماعة الرباط عمدة المدينة أسماء اغلالو بتسخير أشخاص وتحريضهم للتهجم على عضوات وأعضاء المجلس وتعريضهم لشتى أنواع السب والقذف والشتم بالكلام النابي والمنحط والتهديد والمضايقات والعنف اللفظي، وذلك على إثر وضعهم لطلب عقد دورة استثنائية للمجلس يوم الثلاثاء الماضي.




وفي بلاغ استنكاري وقعه سعيد التونارتي رئيس فريق التجمع الوطني للأحرار الذي تنتمي إليه العمدة، وإبراهيم الجماني رئيس فريق الأصالة والمعاصرة، وعبد الإله البوزيدي رئيس فريق الاستقلال، أكد هؤلاء أن الاعتداء الذي تعرض له المستشارون الذين يمثلون كافة الأطياف السياسية، ومنهم رئيس مجلس عمالة الرباط ورؤساء مقاطعات بالمدينة، وصل إلى حد الاعتداء الجسدي وأعمال بلطجة.

وأوضح الموقعون على البيان أن 63 عضوا تقدموا، يوم الثلاثاء، بطلب عقد دورة استثنائية للمجلس، قبل أن يتفاجؤوا بمجموعة من الموظفين وعدد من الغرباء على المجلس المحسوبين على الرئيسة والمسخرين من قبلها والذين استقدمتهم لمكتبها من أجل تحريضهم على الأعضاء.

واستنكر رؤساء الفرق “التصرفات المخزية والأحداث المسيئة لصورة المجلس”، وأدانوا بشدة ما تعرض له المستشارون من اعتداء واستفزاز وتعنيف جسدي، محملين اغلالو مسؤولية كل هذه الأحداث.




وأعلنت فرق الأغبية عن تضامنها مع عبد الإله البوزيدي لما تعرض له من تعنيف جسدي على أيدي أحد المحسوبين على رئيسة المجلس، والذين رفعت في حقهم شكاية إلى وكيل الملك لمباشرة الإجراءات القضائية في حقهم، مع تقديم طلب لرئيس المحكمة من أجل تكليف مفوضين قضائيين لتحرير محاضر حول معرفة صفات أولئك الأشخاص وسبب تواجدهم بذلك المكان وفي تلك الساعة.

وخلص رؤساء الفرق الثلاثة إلى الإعراب عن أسفهم للوضعية التي آل إليها مجلس مدينة الرباط من ترد وانحطاط بفعل التدبير السيء لرئيسة المجلس، والذي هناك إجماع تام من قبل كافة الأطياف السياسية، أغلبية ومعارضة، على رفضهم لها للاستمرار في رئاسة المجلس وعلى رأسهم أعضاء الحزب الذي تنتمي إليه.




ويرى أمين السعيد، أستاذ القانون الدستوري والعلوم السياسية بجامعة سيدي محمد بن عبد الله بفاس، أن الأحداث المتعلقة بجماعة الرباط تجر في حمولتها صراعا سياسيا دقيقا داخل مكونات حزب التجمع الوطني للأحرار كـ “متغير مستقل من المفترض أن يؤدي إلى متغير تابع يرتبط بمخاطر فقدان الأغلبية المشكلة لعمودية الرباط”.

السعيد وفي تصريحات صحفية سابقة، لفت إلى أن “هذا الصراع السياسي الحزبي المحلي يتأثر بالمخلفات السريعة التي قادت إلى تزكية أسماء اغلالو خلال انتخابات 8 شتنبر 2021″، موردا أنه وبالرغم من إحالة هذا المشكل لدى المكتب السياسي لحزب التجمع الوطني للاحرار، فإن الحزب إلى حدود اليوم ظل يتجنب صياغة بيان مكتوب لحل هذه الأزمة التي ترخي بظلالها على مجلس جماعة الرباط والذي يراهن عليه حزب التجمع الوطني للاحرار كأهم المجالس التي استطاع انتزاعها من غريمه حزب العدالة والتنمية.

وحول السيناريوهات المُمكنة في الإطار القانوني في حالة تمسّكت اغلالو بعدم وضع استقالتها كما يرجو حزب “الحمامة” ومستشاروه، يقول السعيد، أنه “مبدئيا، لا يمكن لأطراف النزاع اللجوء إلى سحب الثقة قبل انصرام أجل ثلاث سنوات من مدة انتداب المجلس استنادا إلى بمقتضيات المادة 70 من القانون التنظيمي للجماعات.”

وفي سياق تدبير الأزمة من الزاوية السياسية، يوضح الخبير في القانون الدستوري أن أخنوش أمامه مخرجين اثنين لا ثالث لهما، الأول يتعلق بتقديم عمدة الرباط اسماء اغلالو لاستقالتها الإختيارية والطوعية تطبيقا لأحكام المادة 59 التي تنص على أنه إذا رغب رئيس المجلس الجماعة في التخلي عن مهام رئاسة المجلس، وجب عليه تقديم استقالته إلى عامل العمالة أو الاقليم أو من ينوب عنه، ويسري أثر هذه الاستقالة بعد انصرام أجل خمسة عشر يوما ابتداء من تاريخ التوصل بالاستقالة.

أما المخرج الثاني، والذي على ما يبدو هو الأقرب في حالة تمسّكت أغلالو بموقفها فيكمن خارج النص القانوني ويتعلق بالحفاظ على التماسك المحلي للحزب وبالتالي ضمان استمرار الأغلبية الداعمة له.

وقوة هذا المخرج، بحسب الخبير في القانون الدستوري تكمن في كونه لا تقتصر على جماعة الرباط، وإنما سيؤثر على نفسية رؤساء باقي الجماعات، خاصة وأن كثير من رؤساء الجماعات لا يتوفرون على أغلبية مريحة نتيجة لمخرجات القاسم الانتخابي الذي أنتج رؤساء بأغلبيات ضعيفة وهشة، غير قادرة على الصمود أمام مقتضيات المادة 70 من القانون التنظيمي للجماعات التي تنص على أنه بعد انصرام أجل ثلاث سنوات من مدة انتداب المجلس يجوز لثلاثي الأعضاء المزاولين مهامهم تقديم ملتمس مطالبة الرئيس بتقديم استقالته، ولايمكن تقديم هذا الملتمس إلا مرة واحدة خلال مدة انتداب المجلس، ويدرج هذا الملتمس وجوبا في جدول أعمال الدورة العادية الأولى من السنة الرابعة التي يعقدها المجلس.

  واستنادا على ما سبق، يتضح أن الصراع المحلي يتعلق بالجانب السياسي، حيث يتهم الطرف الغاضب من أغلالو بكونها تنفرد بالتسيير الفردي وتهيمن على القرارات، في حين يدافع تيار اغلالو على كونها مصرة على محاربة الفساد ومحاولة الضغط على العمدة لتحقيق مكاسب شخصية.

وبالموازاة مع ذلك، وفي ظل هذا الصراع الداخلي المحلي، أكد الخبير في القانون الدستوري في حديثه لـ “الصحيفة” أنه لا يمكن لسلطات المراقبة إحالة الملف بناء على مقتضيات المادة 64 من القانون التنظيمي للجماعات طالما أن عمدة المجلس لم ترتكب أفعالا مخالفة للقوانين والأنظمة الجاري بها العمل.

وهكذا، يؤكد السعيد أنه يتعين تدبير هذه الأزمة من خلال مؤسسات حزب التجمع الوطني للاحرار، والحرص على التواصل الداخلي واقتسام التدبير من خلال التفويضات واشراك باقي مكونات المجلس في صنع وتفعيل القرار المحلي، وإحالة الملف لدى هياكل الحزب المتخصصة في التحكيم وتدبير النزاعات الداخلية إن وجدت فعلا.

هذا، وحاولت “الصحيفة” التواصل مع عمدة الرباط، أسماء اغلالو أكثر من مرة، كما تم ترك رسالة نصية على هاتفه لسماع رأيها في الموضوع، لكن دون جدوى.