الحكومة المغربية تحتفل رسمياً بالسنة الأمازيغية الجديدة 2974 بمسرح محمد الخامس

0
282

احتفل أكثر من ألف أمواطن أمازيغي “إيض يناير”  بالعام الأمازيغي الجديد بمسرح محمد الخامس بالعاصمة الرباط، الأحد، بالسنة الأمازيغية الجدية 2974 للمرة الأولى في عاصمة المملكة.




ونظّمت لأول مرة وزارة الثقافة والاتصال والشباب في المغرب، احتفالاً كبيراً برأس السنة الأمازيغية في مسرح محمد الخامس بالعاصمة الرباط، الأحد 14 يناير/ كانون الثاني، يحضره رئيس الحكومة عزيز أخنوش، ووزير الثقافة والاتصال والشباب وعدد من الوزراء والهيئات الدبلوماسية وآمناء الأحزاب المغربية ، باستثناء وزير العدل ، وهبي والأمين العام لحزب ” الاصالة والمعاصرة”.

وأعلن الديوان الملكي في الرابع من مايو/ أيار الماضي، إقرار رأس السنة الأمازيغية كعطلة وطنية رسمية، وفي الرابع من أغسطس/ آب الماضي، أعلن رئيس الحكومة عزيز أخنوش، اعتماد رأس السنة الأمازيغية عطلة وطنية سنوية مدفوعة الأجر، تنفيذاً للقرار الملكي بهذا الخصوص، مؤكداً أن حكومته ستعمل على رفع وتيرة تنزيل خريطة الطريق التي أعدتها بخصوص تكريس الطابع الدستوري للأمازيغية كلغة رسمية إلى جانب اللغة العربية.

واعتبر رئيس الحكومة، عزيز أخنوش، أن الاحتفاء برأس السنة الأمازيغية يعد احتفاء بتراث كبير للمغاربة قاطبة.

وقال أخنوش في تصريح نقلته وكالة الأنباء المغربية الرسمية، بمناسبة الاحتفال بالسنة الأمازيغية الجديدة 2974، “نحتفل اليوم من أكادير مع المغاربة بهذه المناسبة الوطنية التي تعد تراثا كبيرا ليس فقط للأمازيغ بل للمغاربة قاطبة”.

وأشار الأمين العام للمعهد الملكي للثقافة الأمازيغية، الحسين المجاهد، إلى أن الاحتفال هذا العام يتميز بتقديم عروض فنية لفرقة “تاسكيوين”، المنحدرة من المناطق التي وقع فيها زلزال 8 سبتمبر، كبادرة تضامن مع السكان المتضررين، ومعرضا للصور للمبدع  خالد أطلس تتضمن  “صورا لأنشطة الأطفال التي تم تنظيمها بعد زلزال الحوز بتيفنوت”.

ومن جهته، قال مدير مركز البحث الديداكتيكي والبرامج البيداغوجية التابع للمعهد الملكي للثقافة الأمازيغية، عبد السلام الخلفي، إن الاحتفال برأس السنة الأمازيغية عرف تحولات هامة في العقود الأخيرة، إذ انتقلت الاحتفالات والطقوس المرافقة لهذا الحدث من دائرة الفضاءات العائلية والأوساط المحدودة إلى فضاءات ثقافية ومؤسساتية واسعة”.

وتطبع ليلة رأس السنة الأمازيغية طقوساً احتفالية شعبية تتميز بإعداد أطباق خاصة، من أبرزها “كسكس السبع خضروات”، وعصيدة “تاكلا” التي تحضر بمزج دقيق الشعير أو الذرة مع الماء قبل أن توضع على النار لتنضج، ثم تقدم بعد تزيينها باللوز والتمر، أو البيض المسلوق، ويسكب وسطها زيت زيتون أو زيت أرغان أو عسل، وتعمد النساء إلى وضع “أغورمي”، وهو نوى التمر، في عصيدة رأس السنة قبل تقديمها إلى أفراد العائلة، ويعتقد شعبياً أن من يعثر على النوى في أثناء تناول العصيدة الساخنة يكون الأوفر حظاً خلال السنة الفلاحية الجديدة.

يذكر أن “إيض ن يناير” يعتبر حسب الموروث الشعبي بشمال إفريقيا إيذانا ببداية الاستعداد للموسم الزراعي ويحيل في نفس الوقت إلى التيمن بالخصب، كما يعد ذكرى سنوية للتلاقي وإعداد أطباق متنوعة منها طبق “أوركيمين”، الذي يتم إعداده بسبعة أنواع من الحبوب، بحسب وكالة الأنباء المغربية.

وقال الناشط الأمازيغي منير كيجي لوكالة فرانس برس “إنه تتويج لمسار طويل من النضال”.

واعتبر أن “هذا الاعتراف الرسمي يصالح المغاربة مع حضارتهم وثقافتهم وهويتهم التي امتدت آلاف السنين”.

ويُطلق البربر الذين سبق وجودهم العرب والإسلام على أنفسهم اسم “أمازيغيين”، جمع “أمازيغ”، مما يعني “الرجل الحر” في لغتهم الأمازيغية.

وتم الاعتراف باللغة الأمازيغية سنة 2011 كلغة رسمية إلى جانب اللغة العربية في الدستور المغربي، بعد عقود من نضال الناشطين.

وفي العام 2019، اعتُمد قانون أساسي لتعميم اللغة الأمازيغية. ويحدد هذا النص استخدامها في الإدارات والسلطات المحلية والخدمات العامة، وتدريسها في المدارس واستخدامها في الأنشطة الثقافية.

ومن أبرز نتائج هذا الاعتماد الرسمي ظهور أبجدية تيفيناغ على المباني العامة، بالإضافة إلى اللغتين العربية والفرنسية.

وتتضمن خريطة الطريق 25 إجراءً، تشمل إدماج اللغة الأمازيغية في الإدارات والخدمات العمومية، وفي وزارات التعليم والصحة والعدل، والإعلام السمعي البصري.

وظل مطلب الحركة الأمازيغية في المغرب بإقرار رأس السنة الأمازيغية مناسبة رسمية يراوح مكانه لسنوات، ويثير جدلاً كبيراً في المشهد السياسي بالبلاد. ودأبت الحركة الأمازيغية وجمعيات حقوقية على تكرار الطلب اعتماداً على دستور عام 2011، الذي جعل الأمازيغية لغة رسمية إلى جانب اللغة العربية، غير أن هذا المطلب الملحّ ظل عالقاً بسبب ما كانت تعده الحركة الأمازيغية غياباً للإرادة السياسية.

واعترفت الدولة المغربية باللغة الأمازيغية في الخطاب الملكي لعام 2001، قبل أن يصار إلى الاعتراف الدستوري بها كلغة رسمية في عام 2011، في حين صدر القانون التنظيمي المتعلق بمراحل تفعيلها في مجالات الحياة في عام 2019.

وتتباين تسميات رأس السنة الأمازيغية في المغرب من منطقة إلى أخرى، ما بين “إيض يناير”، و”إيض سكاس”، و”حاكوزة”، وهذا هو العام 2974 بالتقويم الأمازيغي، وهو يتجاوز التقويم الغريغوري (الميلادي) بـ950 عاماً.

وينقسم المؤرخون حول أصل الاحتفال برأس السنة الأمازيغية إلى فريقين، الأول يربطه بالاحتفال بالأرض والزراعة، لذا يحكون عن “السنة الفلاحية”، في حين يعيده الفريق الآخر إلى إحياء ذكرى انتصار الملك الأمازيغي شاشناق على الفرعون المصري رمسيس الثاني.

ومنذ العام 2010، كُرّست قناة تلفزيونية مغربية عمومية هي “تمازيغ تي في” Tamazight TV، للترويج للثقافة الأمازيغية، لكن ناشطين أمازيغ ينتقدون بطء انتشار هذه اللغة، خصوصاً في مجال التعليم.