الرباط – قال مصطفى بايتاس، الوزير المنتدب المكلف بالعلاقات مع البرلمان، الناطق الرسمي باسم الحكومة، إنه “لا خطر على أي مواطن مغربي، أو ضرر يمكن أن يمس حقوقه”.
وأضاف بايتاس، خلال ندوة صحفية أعقبت أشغال المجلس الحكومي اليوم الخميس، جوابا على سؤال حول مخاوف مغاربة الخارج من تأثيرات مشروع قانون رقم 77.19 يوافق بموجبه على الاتفاق متعدد الأطراف بين السلطات المختصة بشأن التبادل الآلي للمعلومات المتعلقة بالحسابات المالية، الموقع من طرف المملكة المغربية في 25 يونيو 2019، “أنه إلى حدود الآن ليس هناك أي تأثير، والاتفاقية ما زالت اتفاقية. وأريد أن أطمئن المواطنين المغاربة بهذا الخصوص”.
في بلجيكا أثار هذا الخلط في الوقت الراهن، مشيرا إلى أن المغرب رفض مرارا، وما يزال يرفض، تبادل أي معطيات تهم الممتلكات، لأنها لا تندرج في أية اتفاقية موقعة بين المغرب وهذه الدول، وبالتالي يرفض دائما منح معطيات من هذا القبيل إلا بما تسمح به الاتفاقيات، مؤكدا أن غالبيتها تتعلق بتبادل معطيات تهم قضايا الإرهاب أو المخدرات.
يشار إلى أن عبد اللطيف الجواهري، والي بنك المغرب، كان قد كشف خلال آخر ندوة صحفية له، عن حلول “قوة تدخل” Task force بقيادة وزارتي الخارجية والاقتصاد والمالية وبنك المغرب ومجموعات بنكية مغربية ببروكسيل في بلجيكا، وذلك من أجل مفاوضة اللجنة الأوربية المختصة بمناقشة مشروع التوجيه الأوربي الخاص بتقييد التحويلات المالية للمهاجرين المغاربة في الخارج.
وزيرة الإسكان : 70% من استثمارات مغاربة العالم مرتبطة بالعقار..الارتباط القوي للجالية بوطنها لا توازيه الإجراءات الحكومية الضرورية لفائدتها
وكان مدير المحافظة العقارية وجه مراسلة إلى المحافظين على الأملاك العقارية تهم طلبات البحث عن ممتلكات المغاربة المقيمين في الخارج، تمنع كشف ممتلكاتهم جهات أجنبية مهما كان الغرض المخصص لذلك، إلا إذا كانت هذه الطلبات متضمنة للموافقة المسبقة المصالح وزارة الشؤون الخارجية أو إذا وردت عبر السلم الاداري تحت إشراف المصالح المركزية للوكالة على الطريقة الدبلوماسية وأن يتم الجواب عنها وفق نفس المنهج.
الحكومات المغربية أضاعت ما يكفي من الوقت ومن الجهد دون تحقيق تطلعات الجالية المغربية إلى إدارة فعالة، وقضاء نزيه، وتشريعات تساير تلك التي ألفوها في بلاد الإقامة. فالكثير من مغاربة العالم، كما جاء في الخطاب الملكي، “ما زالوا يواجهون العديد من العراقيل والصعوبات، لقضاء أغراضهم الإدارية، أو إطلاق مشاريعهم. وهو ما يتعين معالجته”.
وغني عن البيان أن مغاربة العالم يمثلون قوة اقتصادية مهمة للمغرب، بحيث تلعب تحويلاتهم ، حسب وزير الاقتصاد والمالية وإصلاح الإدارة المالية السابق، محمد بنشعبون، دورًا مهمًا في تعزيز مكانة المغرب الخارجية، إذ مثلت 6٪ من الناتج المحلي الإجمالي في المتوسط خلال السنوات الخمس (2017ـ 2021) وغطت حوالي 35٪ من العجز التجاري (بلغت التحويلات خلال 2021 سبعة مليار دولار، وهو ما يشكل، حسب تقارير رسمية مغربية وأوروبية، حوالي 10 في المائة من الناتج الوطني الإجمالي).
فالمبادرات التي قدمتها الحكومات المغربية في سبيل تشجيع الاستثمار ظلت آثارها محدودة على مستوى المساطر الإدارية، الرخص، الضرائب، التمويل، الحماية القانونية، التوجيه والتأطير والمرافقة وتوفير الدراسات التقنية والوعاء العقاري والبنيات التحتية، خاصة في المناطق النائية.
غياب هذه الإجراءات والحوافز يجعل مغاربة العالم يفضلون الاستثمار أساسا في قطاع العقار الذي حاز لوحده، حسب وزير الاقتصاد والمالية السابق، حصة الأسد من هذه الاستثمارات بـ41 في المائة من مجموع التحويلات، في حين لم تتجاوز الاستثمارات في المجالات الاقتصادية المنتجة نسبة 14 في المائة.
إلا أن المعضلة التي يعاني منها هؤلاء المستثمرون هي ضعف التشريعات القضائية وعجزها عن حماية حقوقهم في استرداد عقاراتهم أو إفراغها من المكترين (توجد 200 ألف قضية رفعها العمال المغاربة والمستثمرون من الجالية المقيمة بالخارج أمام المحاكم). وهذا بحد ذاته رقم مهول ومنفّر للمستثمرين الراغبين في دخول السوق المغربية.
يضاف إلى هذه المشاكل إشكالية أخطر وهي السطو على العقارات التي كانت موضوع الرسالة الملكية الموجهة إلى وزير العدل والحريات بتاريخ 30 دجنبر 2016، والتي شدد فيها جلالته على خطورة الظاهرة كالتالي:” فقد أصبح الاستيلاء على عقارات الغير ممارسة متكررة يدل عليه عدد القضايا المعروضة على المحاكم آو تعدد الشكاوى المقدمة حولها والأخبار المتواترة التي توردها الصحافة بشأنها، وأضحى يجسد وجود ظاهرة خطيرة تتفشى بشكل كبير وتستدعي التدخل الفوري والحازم لها تفاديا ما قد ينجم عنها من انعكاسات سلبية على حق الملكية”.
هذه الجرائم تستوجب وضع تدابير تشريعية وتنظيمية عاجلة، في مقدمتها إيجاد آلية قانونية لتسريع الأحكام وتنفيذها، استحداث قسم قضائي متخصص في المنازعات العقارية خاص بالقضايا التي يرفعها أعضاء الجالية المغربية، ثم تبسيط المساطر القضائية حتى تتناسب مع قصر مدة العطلة التي يقضونها بالمغرب. ولعل تشديد جلالة الملك على خطورة الظاهرة يدل على محدودية الإجراءات التي تم اتخاذها، ومنها اللجنة التي تم الإعلان عن تشكيلها في فبراير 2017، والتي تضم ممثلين عن القطاعات الحكومية والمهن القانونية والقضائية، بغية التصدي الفوري والحازم لأفعال الاستيلاء على عقارات الغير.
لا شك أن الاهتمام بمغاربة العالم، لا يقتصر فقط على تحسين شروط العودة لوطنهم أو تبسيط المساطر الإدارية أمامهم، بل يشمل كذلك ظروف إقامتهم بالمهجر وما تقتضيه من عناية بمشاكلهم الإدارية مع القنصليات، وحماية أمنهم الروحي من التطرف الديني والتشيع المذهبي الذي باتت الجالية المغربية ضحيته في عدد من الدول الأوربية (بلجيكا نموذجا) بسبب ضعف التأطير الديني من طرف وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية. ذلك أن الجالية المغربية بأوروبا باتت مستهدفة من طرف التيار السلفي المتطرف وكذا التيار الشيعي الموالي لإيران، لدرجة أنهما أحدثا انقساما خطيرا بين مغاربة شيعيين ومغاربة سنيين، ترتب عنه إحراق مسجد الرضى في مارس 2012، وهو أحد أبرز مساجد الشيعة المغاربة، ثم مقتل الإمام المغربي عبد الله دحدوح على يد مغربي سلفي متطرف يدعى راشد البخاري.