ألقى الدكتور الحسن عبيابة محاضرة في مكتبة مؤسسة مسجد الحسن الثاني بالدارالبيضاء، (حول دور المجتمع المدني في تنزيل النموذج التنموي الجديد )، وذلك يوم السبت 29 أبريل 2023، حيث أكد في البداية على أهمية دور المجتمع المدني في المساهمة في مجالات التنمية المختلفة، وخاصة على مستوى التنمية المحلية بصفة خاصة ، وأكد ذلك على دور المجتمع المدني كذلك في ترسيخ الديموقراطية التشاركية ، وتطور العمل الجمعوي حتى يصبح قادرا على المساهمة في قرارات وبرامج التنمية، وتطور المجتمع المدني من حيث الكم والكيف ، مع الإشارة إلى أن عدد الجمعيات حسب بعض التقارير تتجاوز أكثر من 200 ألف جمعية، على مستوى التراب الوطني، بمعني أن هذا العدد يفترض أن تؤطر أكثر 6 ملايين نسمة،
لكن الجمعيات المؤهلة لكي تقوم بأدوار المجتمع المدني قليلة جدا، وتساهم الجمعيات في العديد من المجالات التنموية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية، بحيث أصبح المجتمع المدني شريكا فاعلا في مسلسل التنمية، ومساهما في تشغيل فئة كبيرة من الشباب، وفي معالجة المشاكل الاجتماعية والإنسانية والبيئية والحقوقية، وقوة اقتراحية من أجل حكامة ديمقراطية متوازنة، وأكد الأستاذ حسن عبيابة أن الدستور المغربي 2011, أعطى أدوارًا مهمة للديموقراطية التشاركية والفاعل الجمعوي، وخصوصا على المستوى المحلي،
بحيث أصبح الشأن المحلي جزءا من مهام المجتمع المدني ، حيث أعطى الدستور المغربي الحق للجمعيات المساهمة في التشريعات من خلال
تقديم ملتمسات وعرائض للبرلمان، ويمكن للجمعيات المساهمة في إعداد قرارات ومشاريع لدى المؤسسات المنتخبة والسلطات العمومية، وكذلك المساهمة في تقييم الفاعل الجمعوي للسياسات العمومية، وأشار السيد عبيابة أن السياق العام محليا وعالميا يتيح للمجتمع المدني بأن يساهم في بلورة العديد من القضايا المطروحة على المجتمعات، وقد أثبت بعض الدراسات أن الديموقراطية التشاركية تتوسع أكثر على حساب الديموقراطية التمثيلية التي تتآكل يوما بعد يوم، ولهذا نلاحظ أن الإقبال على المشاركة الإنتخابية تتراجع في العديد من الدول الديموقراطية، بل أن المؤسسات التي تنتج عن العملية الإنتخابية أصبحت تواجه من طرف المجتمع المدني، وأعطى المحاضر نموذج ( مايقع في فرنسا ، بخصوص أصحاب السترة الصفراء الذين رفضوا سياسية الحكومة الفرنسية المنتخبة، وكذلك رفض النقابات الفرنسية مشروع الزيادة في سن التقاعد، وكذلك إضراب قطاع الصحة في بريطانيا ضد الحكومة البريطانية، وكذلك مايقع في تونس حاليا)،
وأضاف عبيابة أن عملية إنتاج القرار العامة لم تعد مقتصرة على الأغلبية، بل أصبح من الضروري إشراك أكبر عدد ممكن الفاعلين من المجتمع ، وذلك بسبب التحولات السوسيومجالية الشاملة والعميقة والمؤثرة والسريعة التي تشهدها المجتمعات الديموقراطية وغير الديموقراطية، وأعتبر المحاضر أنه يجب وضع صيغ جديدة للتعامل مع التحولات الإجتماعية، وبلورة هذه الصيغ الجديدة ، لإيجاد حلول للأوضاع الاجتماعية التي أصبحت أهم الأولويات الكبرى في دول العالم المختلفة بعد فترة كوفيد ١٩ ،
كما أن هناك إعادة النظر في دور المؤسسات الإقتصادية والإجتماعية ، والفاعلين الاجتماعيين والجمعوين، مع إعادة الأدوار التي تنظمها الدول وفق دساتيرها،كما أشار عبيابة أن هناك جيل جديد من الأزمات الاقتصادية والاجتماعية غير مألوفة ، مما جعل العديد من الحكومات الديموقراطية عاجزة عن تنفيذ برامجها، بل عاجزة حتى عن الحوار مع مكونات المجتمع المدني، وأضاف المحاضر أن المغرب قطع أشواطًا مهما في دسترة مهام المجتمع المدني، إلا أن هذا القطاع يجب أن ينظم ويؤهل حتى يتمكن من القيام بمهامه،
وقد حان الوقت لتفعيل مجلس الشباب والعمل الجمعوي ليقدم تصورا مناسبا وعمليا لمفهوم الديموقراطية التشاركية، ويصبح قوة إقتراحية موازية، كما ذكر المحاضر بأن المغرب اتبع سياسية اللامركزية عبر إسناد المهام التنموية للجماعات المحلية وتخويلها مهام اقتصادية خصوصا في الفترة الممتدة من 2002 إلى الآن، لكن النتائج لم تكن كافية بعد إلى ماهو مطلوب، رغم إدخال فاعلين اجتماعيين في مجال التنمية المحلية والمستدامة، وذلك بسبب عدم وضوح الرؤية وطبيعة الشراكة بين المجتمع المدني والجماعات المحلية، وأشار عبيابة أن المجتمع المدني في الدول المتقدمة يوفر التمويل الذاتي ولا يعتمد على الدولة، في حين لازال المجتمع المدني في المغرب يعتمد على الدولة لتمويل نفسه وتمويل المشاريع، وقد إقترح عبيابة بأن يكون تمويل المجتمع المدني من جهة واحدة حتى يصبح المجتمع المدني مستقلا في عمله، وغير تابع لأي جهة وغير تابع للأحزاب،
غرق ثلث العائلات المغربية في الديون..ارتفاع ديون العائلات بـ3.6% لتصل إلى نحو 18 مليار دولار!